** بضعة أيام قضيتها مع وفد مجلس الشورى في جمهورية (قيرقيزستان) تلك البلاد التي خرجت من (الجدار الشيوعي الحديدي) إلى فضاءات الحرية والنماء والانفتاح.
لقد كانت أياماً جميلة مع (رئيس وزملاء لا يشقى جليسهم) التقينا فيها بمسؤولي هذا البلد وبرلمانييه وأبنائه، وأسعدنا ما يحملونه من مودة وتثمين لرسالة وطننا ومواقفه من منطلق روابط العقيدة (80% من سكانها مسلمون)، ومن منطلق المصالح المشتركة، ولعل المفرح أن الآلة الإعلامية الغربية الشرسة لم تؤثر عليهم وعلى نظرتهم لوطننا بلد الإسلام والسلام والسماحة.
إن هذا البلد مدهش حد الروعة، لقد رأينا - رغم إمكاناتهم - أنهم يغسلون شوارعهم بالماء، أما الاخضرار فهو يكسو وهاده وبياض الثلج يتوج جباله وتدفق المياه يتراقص في وديانه، وإنه ليصح أن يطلق عليه (حديقة فيها مباني) سواء (بشكيكها) أو (أوشها) أو (اسكولها).. (وهذه أسماء بعض مدنها الأخاذة)، ولولا ارتباطنا بأعمالنا وشوقنا لوطننا الأغلى - حماه الله - لوددنا أننا بقينا مدة أطول.
إن جمال (قيرقزستان) - اخضراراً ومياهًا وغيوماً - من الجمال النقي الذي يحوك في نفسك ولا تكره بل تحب أن يطلع عليه الناس، ولذا فإن من يزره سوف يحظى بارتياح كبير، وسوف يقضي أياماً لا ينساها.
** *
** كم أثلج صدورنا حفاظ هذا الشعب على (عقيدته)، فقد رأينا انتشار المساجد في المدن والطرقات، ورأينا حرصهم على تعلم القرآن الكريم وتعليمه، ورحم الله القائد الإسلامي (قتيبة بن مسلم الباهلي) الذي حمل قبس الإسلام الى هذه الديار ليرتفع نداء (الله أكبر) إلى أن تقوم الساعة، لكن من المؤسف أن هناك شبه انقطاع بين البلاد العربية وبين جمهورية (قيرقزستان) ولهذا كم سعدوا واحتفوا بزيارة وفد (مجلس الشورى) بوصفها أول زيارة لوفد سعودي بل ربما عربي سواء حكومياً أو برلمانياً لبلادهم!.
ولقد كان لحسن التنظيم والإعداد من الجانبين السعودي والقيرقيزي الأثر الكبير في نجاح هذه الزيارة وتحقيق أهدافها السامية بفضل الله.
إن جمهورية (قيرقزستان) الشقيقة التي وقعت تحت هيمنة الاتحاد السوفيتي قرابة 70 عاماً بحاجة الى استثمارات رجال الأعمال المسلمين والعرب، وإمكانات الاستثمار فيه متوفرة، إنها بلاد تمتاز بجمال طبيعتها، وغزارة مياهها، ومهارة أبنائها، فضلاً عن كل ذلك فإن الشعب (القيرقيزي) شعب ودود وكريم، ولنا معه ارتباط قوي حتى على المستوى العائلي نظراً لوجود بعض المواطنين الذين جذورهم من بلادنا العزيزة.
وأخيراً إن هذه الصلات والروابط العميقة تاريخاً وحاضراً تجعل من الضروري أن تدرس وزارة الخارجية افتتاح (سفارة سعودية) هناك لترسيخ وتفعيل هذه العلاقات عقيدة واقتصاداً وتواصلاً وتبادل منافع مع هذا البلد (الواعد المحب) كما وصفه معالي رئيس الوفد السعودي الشيخ صالح بن حميد في لقاءاته مع مسؤولي هذا البلد (حكوميين وبرلمانيين).
** *
ومضة شعور
**(رأيت تباعد الاخوان قربا
إذا اشتملت على الحب القلوب)
أجل..
صدقت أيها الشاعر الحكيم.!
إنك مهما ابتعدت عمن تحبُ تغلى فإن الحب إذا كان هو رابطتك بهذا الإنسان سواء كان قريباً أو صديقاً أو زميلاً أو محبوباً فإنك تحس به في وجدانك ساكناً لا يغيب.
وتشعر به في وديان سمعك نغماً لا ينأى ولا يبيد.!
أجل..
إن البعد مع الحب قرب
وإن القرب مع الكراهية بُعد
وأي بُعد.!
** *
آخر الجداول
* للشاعر غازي القصيبي:
( ضربت في الأرض.. حتى ملَّ مضَطربي
وطفت في البحر.. حتى ضج منقلبي
وعدت طيراً جريحاً في ابتسامته
ما يملأ الكون من أشجان مغترب)
(*) فاكس: 014766464 |