* إعداد : يوسف بن ناصر البواردي
مع مرور السنين، وتعاقب الأيام تكثر على المسلمين الفتن، وتعظم المحن، فيرقق بعضها بعضاً، ولا تقوم الساعة حتى يتعاقب على المسلمين فتن ممحصة، وابتلاءات ماحقة، يمحق الله تعالى بها الكافرين، ويثبت بها المؤمنين!
إن بين يدي الساعة سنوات شداد يخون فيها الأمين، ويؤمتن الخائن، ويصدَّق فيها الكاذب، ويكذَّب فيها الصادق، يصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، تتقلَّب الموازين، وتختل الفطر، ويكثر الشر، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.بهذه المقدمة السريعة افتتح فضيلة د. ناصر بن محمد الغامدي المدرس بكلية الشريعة بجامعة أم القرى حديثه حول موضوع مهم جدير بأن ينشر بين الناس لعظم خطورته، إنه موضوع المسيح الدجال!حيث قال فضيلته: هناك فتنة عظمى، وبلية كبرى، ستمر على الناس طال الزمان أو قصر، ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة من فتنةٍ إلا وهي تضع لها، لشدتها وهولها، تلكم هي فتنة المسيح الدجال، منبع الكفر والضلال، وينبوع الفتن والأوجال، وقد أنذرت به الأنبياء أممها، وحذَّر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنذر، بل إنه ما كان يخاف على أمته أمراً أعظم من الدجال، وذلك لعظم فتنته، وكبر بلية المسلمين به، مستدلاً فضيلته بما جاء عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت وفيه ورفعت، حتى طنناه في طائفة النخل.فقال: غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم).
وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يتخوفون الدجال، ويستعيذون بالله من فتنته العظيمة التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما كانت ولا تكون فتنة حتى تقوم الساعة أعظم من فتنة الدجال، وما من نبي إلا وحذَّر قومه الدجال).
صفات الدجال
ويواصل الشيخ الغامدي حديثه ليذكر صفات الدجال فيقول: والدجال رجل من بني آدم له صفات كثيرات جاءت بها الأحاديث النبوية الشريفة لتعريف الناس بحقيقته، وتحذيرهم من شره، حتى إذا خرج عرفه المؤمنون الصادقون فلا يفتنون به، بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها رسول الأمة صلى الله عليه وسلم عن ربه جلَّ في علاه. وهذه الصفات تميِّزه عن غيره من الناس، فلا يفتن به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة، والعذاب من الله. ومن هذه الصفات التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه شاب أحمر، قصير أفحج، جعد الرأس، أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى، وعينه اليسرى عليها لحمة غليظة، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مسلم يكتب أو لا يكتب، وهو عقيم لا يولد له. مشيراً فضيلته لما ورد عن ابن عمر- رضي الله عنه - أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس، فقال: (إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأما مسيح الضلالة فإنه أعور العين، أجلى الجبهة، عريض النحر، فيه دفأ (أي: انحناء) كأنه قطن بن عبدالعُزَّى، قال يا رسول الله: هل يضرني شبهه؟ قال: لا أنت امرؤ مسلم وهو امرؤ كافر). وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه كافر، ثم تهجاها (ك ف ر) يقرؤه كل مسلم) قال الإمام النووي: (والذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله، يظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته).
لا يدخل أربعة مساجد
ومضى الشيخ الغامدي في الحديث مؤكداً أن الدجال يخرج من جهة المشرق، من خراسان، من يهودية أصبهان، ثم يسير في الأرض فلا يترك بلداً إلا دخله، إلا مكة والمدينة فلا يستطيع دخولهما، لأن الملائكة تحرسها. فعن أبي بكر - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خرسان، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة). وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يخرج الدجال من يهودية أصبهان، معه سبعون ألفاً من اليهود)، مشيراً إلى أن أصبهان: بلد في المشرق، يعرف هذه الأيام بشهرستان، وبها حرة يقال لها اليهودية، يخرج منها الدجال، فإذا خرج لم يدع بلداً إلا دخله، ما عدا مكة والمدينة، فإنهما محروستان منه، محرمتان عليه، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن الدجال أنه يقول: (وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها). وثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد في مسنده: (أن الدجال لا يدخل أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الطور، والمسجد الأقصى).
ويوضح فضيلته في سياق حديثه أن أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك، وأخلاط من الناس غالبهم الأعراب والنساء، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً، عليهم الطيالسة). وعن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: (الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة)، قال ابن كثير - رحمة الله عليه -: (والظاهر أن المراد بهؤلاء أنصار الدجال من الترك)، موضحاً فضيلته كذلك إنما يكثر أتباعه من الأعراب، لغلبة الجهل عليهم، ولما جاء في حديث أبي أمامه - رضي الله عنه - قوله - صلى الله عليه وسلم: (وإن من فتنته أن معه جنة وناراً، فناره جنة وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه برداً وسلاماً كما كانت النار على إبراهيم، وإن من فتنته أن يقول لأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم! فيتمثَّل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني! اتبعه فإنه ربك، وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار، حتى يلقى شقتين ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أن له رباً غيري فيبعثه الله، ويقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وأنت عدو الله، أنت الدجال والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم). مؤكداً كذلك أن النساء حالهن أشد من حال الأعراب، لسرعة تأثرهن، وغلبة الجهل عليهن، فعن ابن عمر - رضي الله عنه - أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل الدجال في هذه السبخة بمرِّ قناة، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إليه، ثم يسلط الله المسلمين عليه فيقتلونه ويقتلون شيعته، حتى إن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر، فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم: هذا يهودي تحتي فاقتله).
معه جنة ونار
واستطرد فضيلته مؤكِّداً أن فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة، وذلك بسبب ما يخلق الله تعالى معه، ويجريه على يديه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول، وتحير الألباب، ليبتلي الله سبحانه وتعالى عباده، فيميز المؤمن من الكافر، بعدله ورحمته. قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال). وعن حذيفة - رضي الله عنه - أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لأنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران يجريان: أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد).
وأضاف: ولقد جاءت الأحاديث النبوية الصحيحة ببيان الخوارق التي مع الدجال، منها حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في وصف الدجال: (إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا! قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا ! أقدروا له قدره، قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً، وأسبغه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك! فتتبعه كنوزها كيعاسيب النخل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين، رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك). وجاء في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: (أن الدجال يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس أو من خيار الناس، فيقول: اشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا! فيقتله ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه).ثم يشير الشيخ الغامدي أن الدجال ما يزال بعد خروجه طوال الأربعين يوماً التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم يعيث في الأرض فساداً، يضل به الله الكافرين والمنافقين، ويثبت به المؤمنين، وتعم فتنته، فلا ينجو منها إلا القلة من المؤمنين، حتى ينزل عيسى ابن مريم - عليه السلام- على المنارة الشرقية بدمشق، فيلتف حوله عباد الله المؤمنين، فيسير بهم قاصداً المسيح الدجال، ويكون الدجال عند نزول عيسى متوجهاً إلى بيت المقدس، فيلحق به عيسى عند باب لُد، وهي بلدة قرب بيت المقدس، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح، فيقول له عيسى- عليه السلام -: إن لي فيك ضربة لن تفوتني، فيتداركه فيقتله بحربته، وينهزم اتباعه، فيتبعهم المؤمنون، فيقتلوهم، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود).
يا مقلِّب القلوب
ويواصل فضيلته حديثه عن الدجال والتحذير منه ليؤكِّد على أن فتنته عظيمة وخطره كبير، وقد ورد أن الرجل يرى من نفسه الصلاح، فإذا أتى الدجال انخدع به، لعظم ما يرى معه من الآيات والخوارق. مشيراً إلى أن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن سبحانه يقلبها كيف يشاء، وقد كان أكثر دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم: (يا مقلِّب القلوب ثبت قلبي على دينك). ومن حكمة الله تعالى كثرة الفتن التي تسبق قيام الساعة في آخر الزمان لتمحيص المؤمنين ومحق الكافرين، فإن الجنة غالية نفيسة، وقد حفت بالمكاره، والنار حفت بالشهوات، ولن يدخل الجنة أحد إلا بعد التمحيص والبلاء، ليتبين المحق من الكافر، إلا من رحمه الله سبحانه. فإن على المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يخلص العبادة له، وأن يحرص على الثبات على دينه، فإن العمر قصير، والزمن يمضي، ومَن يدري! لربما كان يوم القيامة غداً {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}. ومَن يدري! لربما كان موعد خروج الدجال قريباً.ويوجِّه فضيلته هذا النداء بقوله: فإلى المقصرين، وكلنا ذاك الرجل، وإلى المسوِّفين، وما أكثرهم! أقبلوا على الله، وعودوا إلى دينه واتبعوا شرعه، قبل: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً طلوع الشمس من مغربها والدجال، ودابة الأرض).
إرشادات عاجلة
وفي ختام الحديث وجَّه الشيخ الغامدي توصيات وإرشادات قائلاً: لقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال، فقد ترك أمته على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فلم يدع صلى الله عليه وسلم خيراً إلا ودلَّ الأمة عليه، ولا شراً إلا وحذَّرها منه، ومن جملة ما أنذر منه وحذَّر: فتنة المسيح الدجال، لأنها أعظم فتنة تواجهها الأمة إلى قيام الساعة، وكان كل نبي ينذر قومه الأعور الدجال، إلا أن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم اختص بزيادة التحذير والإنذار، فإن الدجال خارج في هذه الأمة لا محالة، لأنها آخر الأمم، ومحمداً آخر الرسل وخاتم النبيين.ومن هذه الإرشادات النبوية: التمسك بالإسلام، والتسلح بسلاح الإيمان، ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب والله تعالى منزَّه عن ذلك كله، وأن الدجال أعور العين اليمنى، والله تعالى ليس بأعور، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت، والدجال يراه الناس عند خروجه، مؤمنهم وكافرهم. ومنها: التعوذ بالله تعالى من فتنة الدجال، وخاصة في الصلاة فقد روى الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال).ومنها: أنه ينبغي على كل مسلم - ولا سيما من عنده علم - أن يبث أحاديث الدجال بين الناس، فقد ورد إن علامة خروجه: نسيان ذكره على المنابر، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره، وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر).ومنها: حفظ آيات من سورة الكهف، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك الدجال أن يقرأ عليه بفواتح سورة الكهف، وفي بعض الروايات يخواتيمها: وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) وفي رواية: (من آخر الكهف).
وهذا من خصوصيات سورة الكهف التي جاءت الأحاديث بالحث على قراءتها، وخاصة في يوم الجمعة، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين)، فينبغي لكل مسلم أن يحرص على قراءة هذه السورة، وحفظها، وترديدها، وخصوصاً في يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس.
|