Friday 11th June,200411579العددالجمعة 23 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

بصراحة بصراحة
رسائل من القاع الغربي
تطرح السؤال الكبير 2-2
لبنى وجدي الطحلاوي

عندما نتحدث عن جهاز الإعلام فنحن نتحدث عن أهم جهاز في الدولة على الإطلاق، لأنه يشمل الإذاعة والفضائيات، والصحافة، التي تعتبر (السلطة الرابعة) والتي لقِّبت (بصاحبة الجلالة) لما تتمتع به من هيبة ومكانة في المجتمع إلى جانب الدور الذي تقوم به مع كافة الأجهزة الإعلامية الأخرى، وتأثيرها المباشر على الرأي العام كما تساهم في نجاح دور الكثير من أجهزة الدولة الأخرى وفي تحقيق الكثير من الغايات المنشودة كما تقوم بإيقاظ الشعوب، وتناول كافة القضايا المهمة والمصيرية للأمة والقضاء على أزماتها واحترام حقوق الأفراد وحرياتهم، والارتقاء بالوعي والثقافة في المجتمع وايجاد الحلول لكل ما هو مستعصٍ على الحل وخلق التجانس بين سلطة الدولة والمجتمع، وتعرية الحقائق، والتقويم والإصلاح لكل ما هو فاسد كما تجعلنا نعي موقعنا من العالم، وتضع الأمور في نصابها السليم.. إلى آخره من الغايات السامية والنبيلة.
فالرسالة الإعلامية لابد أن تنطلق من هذه المفاهيم وتلك المسلمات ولابد أن يعيَ القائمون عليها مسؤولية ما يحدث وما يجب أن يسخَّر من أجله الإعلام حتى لا يطلقوا العنان للبعض دون أدنى قيد أو شرط ؛ فنجد أنفسنا أمام مصائب ما هي إلا قنابل موقوته قد تنفجر في أي وقت.
إن التجاوزات وإساءة استخدام الحريات في الحياة الخاصة للفرد مردودها على الشخص نفسه؛ فهو من سيدفع الثمن من جراء ذلك، لكن التجاوزات وإساءة استخدام الحريات للكاتب أو الصحفي أو الإعلامي مردودها على المجتمع بأكمله ، إلى جانب ما سيطال الشخص نفسه مستقبلاً فلابد أن يكون هناك موقف حازم من أصحاب السلطة والنفوذ ليراجعوا كل ما يحدث في وسائل الإعلام حتى لا يخرج الأمر من نطاق سيطرتهم بعد فوات الأوان، ونفاجأ بردود أفعال تجعلنا أمام مأساة تفوق مقدرتنا على التحكم بها ومواجهتها.
فلذلك عندما يخفق الإعلام في الرسالات السامية الموكلة إليه ويتبنى رسالات أخرى تهدم الأسس والدعائم الدينية والقيم الأخلاقية وتروج لكل رزية.. لابد أن يحاسب.. لأنه يعوق أمة بكاملها ويهدم مكتسباتها ويبدد هويتها ويقضي على فاعليتها ويحول أبناءها إلى مسخ مضحك بلا هوية ولا انتماء، يعيشون حالات من الضياع والاستهتار تلقي بهم إلى التطرف، فإما محبطين ناقمين على كل شيء وكارهين للحياة أو منقادين وراء الرذائل لا يحملون أي طموح ولا أي مقدرة على العطاء، ولن يكون أي منهم عضو فاعل ومنتج في المجتمع الذي يعيش فيه.. بالإضافة إلى الرسائل التي ذكرتها في مقالي السابق والتي يروج لها القائمون على معظم الفضائيات العربية هناك رسائل أخرى تطرحها فضائية عربية غير مشفرة والتي تبث خلال الأربع والعشرين ساعة نوعية غريبة من الأفلام الغربية.. فتلك الفضائية بثت في أقل من شهر أكثر من تسعة أفلام غربيةعن علاقة الشواذ التي تجمع بين بطلين من نفس الجنس، (رجل ورجل وامرأة وامرأة) وفي كل مرة يكون مضمون الفيلم يعكس صورة مثالية عن تلك العلاقة فيظهر البطلان أو البطلتان في الفيلم على درجة عالية من المثالية والوفاء والإخلاص لبعضهما البعض بل ويتفانى كل منهما في التضحية بنفسه من أجل الآخر وإنقاذه من أي ورطة أو خطر..!!
كما أن في أحد الأفلام يقول الأب لأبنه الشاذ بأنه فخور به ويتفهمه..!!
إن أردنا أن نتكلم في هذا الأمر بموضوعية وبلغة علمية، لا توجد أي مدرسة في الطب النفسي تتقبل الشواذ على أنهم أسوياء ولا يوجد مجتمع يتقبل الشواذ على انهم أسوياء حتى في المجتمعات المنحلة خلقيا، وجميع المدارس النفسية على اختلاف مناهجهم واتجاهاتهم تُجمع على أن الشخص الشاذ هو مريض نفسي أو عقلي انعكس مرضه على سلوكه فأصبح يسلك سلوكاً شاذاً.. وجميع الأديان السماوية تدين ذلك وتحرِّمه، وفي الإسلام - تحديداً - هذا يعد من الكبائر، والأحكام الشرعية في ذلك تأخذ أحكام (مرتكبي الزنى).
فما هو المطلوب من وراء عرض تلك الأفلام؟؟؟
هل هو تقبل مجتمعاتنا لذلك والاقتناع بأن من بين هؤلاء أناساً مثاليين بالفعل كما في الأفلام التي تعرض؟ هذا أمر يخالف المنطق، والعقل وعلم النفس أيضا لأن المرضى لا يمكن أن يكونوا مثاليين ولا يمكن التنبؤ بردود أفعالهم.. وإن كان بعض المخرجين يصنعون من هذه (النماذج المريضة) والشاذة أبطالاً ومثاليين؛ فالواقع والحقيقة والطب النفسي يقول إنهم مرضى ولا خلاف على ذلك في كافة المدارس النفسية، ولا مجال للجدال حول ذلك مع علماء النفس أو علماء الدين، فهذا أمر محسوم كما هو محسوم في الكتب المنزلة وأجد أنه من العار على القائمين على هذه الفضائيات أن يعرضوا مثل هذه الأفلام وبشكل متكرر على الفضائيات العربية... فعرض ما يتجاوز تسعة الأفلام في أقل من شهر لهذه النوعية المنحرفة والمريضة أمر لابد أن يجعلنا نحاسب القائمين على هذه القناة.. ونطالبهم بوقف عرض مثل هذه النوعية من الأفلام والبرامج.
فإن كان الغرب يطرح أو يرسخ مثل تلك المفاهيم من خلال برامجه أو أفلامه فهذا لأنهم يعانون ويمارسون ازدواجيات رهيبة، نتيجة انهيار القيم والاخلاق والتفسخ الاجتماعي المنتشر في مجتمعاتهم.
فاحترامهم للحرية الشخصية ولممارسة البعض للأعمال الشاذة، تحت شعارات الحرية الشخصية، لا يمنع أن الأسوياء في الغرب يحكمون على العلاقات الشاذة بأن أصحابها غير أسوياء... (مرضى).
ومع الازدواجيات الرهيبة التي يعاني منها الغرب، فهو يحترم الحرية الشخصية وخصوصية علاقة الشواذ.. بينما لا يحترم الحرية الشخصية والخصوصية في ارتداء الحجاب الإسلامي، الذي يبدو لهم مظهراً استفزازياً للغاية، لأنه يرمز للالتزام والإسلام..
ويبقى السؤال الكبير:
ما هي الرسالات السامية التي تقدمها مثل تلك القنوات الفضائية العربية من خلال طرحها لهذا الكم الهائل من أفلام الشواذ ؟!!

عضو عامل هيئة الصحفيين السعوديين
عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved