في مثل هذا اليوم من عام 1953 أعلن الرئيس الأمريكي داويت إيزنهاور رفضه للدعوات المطالبة بانعزال أمريكا عن الشئون العالمية وانتقادات سياسته الخارجية في بداية الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي. وأكد إيزنهاور في خطاب ناري التزام الولايات المتحدة بخوض معركة العالم ضد الشيوعية وأنه سوف يحافظ على القدرات العسكرية للولايات المتحدة في أعلى درجاتها.
وبعد شهور قليلة من توليه الرئاسة اضطر إيزنهاور إلى خوض الحرب في شبه الجزيرة الكورية لمساندة كوريا الجنوبية ضد غزو الشيوعيين القادمين من الشمال. وهكذا أكدت أفعال إيزنهاور كلماته فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وقبل أسابيع قليلة من خطاب إيزنهاور الناري هذا شن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي روبرت تافت والجنرال هويت فاندنبرج هجوما عنيفا على الطريقة التي يدير بها إيزنهاور السياسة الخارجية الأمريكية. وقال تافت إنه إذا فشلت الجهود السلمية في تسوية الأزمة الكورية فإن الولايات المتحدة سوف تسحب قواتها من شبه الجزيرة الكورية وتحدد سياستها الخارجية على أساس التعامل مع كوريا الشمالية. أما هويت فكان غاضبا من اقتراح إيزنهاور استقطاع خمسة مليارات دولار من ميزانية القوات الجوية الأمريكية.
ورد إيزنهاور على الرجلين دون ذكر أسماء خلال هذا الخطاب الذي ألقاه أمام غرفة التجارة الوطنية في مدينة مينابولس.
بدأ الرئيس الأمريكي الذي قاد قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية خطابه بالقول بأن الحرب الباردة هي معركة من أجل (روح الإنسان نفسه). ورفض فكرة تافت الداعية إلى ضرورة اعتماد الولايات المتحدة سياسة خارجية مستقلة تماما عن المنظمات الدولية. كما أعلن رفضه لما يسميه البعض بالتحصن وراء الحدود المنيعة للولايات المتحدة.
وبدلا من ذلك أكد إيزنهاور ضرورة وقوف كل الأمم الحرة معا لأنه لا يوجد ما هو أفضل من الوحدة في مواجهة مثل هذه التحديات.
وبالنسبة لانتقادات الجنرال فيندنبرج بشأن ميزانية القوات الجوية الجديدة قال الرئيس الأمريكي إنه لم تعد هناك حاجة لكل هذا الكم من الطائرات في عصر القنبلة النووية الذي دشنته الولايات المتحدة بضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين بالقنابل النووية في أواخر الحرب العالمية الثانية. وقال إن عدداً قليلاً من الطائرات المسلحة بقنابل نووية تستطيع في طلعة واحدة على إحدى الدول المعادية أن تدمر فيها ما دمرته كل القوات الجوية الأمريكية في ألمانيا على مدى سنوات الحرب العالمية الثانية.
وفي هذا الخطاب أوضح إيزنهاور نقطتين رئيسيتين يمكن اعتبارهما مظهرا جديدا للسياسة الخارجية الأمريكية؛ الأولى هو تبني سياسة الرد الجماعي من خلال تحالف عدد من الدول على أي عدوان شيوعي بدلا من الرد الأمريكي المنفرد، والثانية هي استراتيجية ما يمكن تسميته (ما قل ودل) في الدفاع عن الولايات المتحدة. حيث كان إيزنهاور يعتقد أنه يمكن الدفاع عن الولايات المتحدة بأقل قدر من النفقات العسكرية من خلال الاعتماد على الأسلحة النووية بدلا من القوات التقليدية الضخمة.
|