تباينت ردود فعل وآراء شريحة واسعة من الجماهير الكروية حول أسباب وملابسات خروج الفريق النصراوي من الموسم الكروي خالي الوفاض للسنة السابعة على التوالي, بالرغم من وعود إدارة البيت الأصفر منذ انطلاقة الموسم بتحقيق البطولات الثلاث وترديدها لهذه المقولة في أكثر من مناسبة, إلا ان هذه الوعود لم يتحقق منها شيء وأصبحت مجرد كلام على ورق تبخر حبره وتناثر في الهواء, والغريب في الأمر ان لاعبي النصر أجهشوا بالبكاء بعد الاخفاق الأخير ولاندري ماهو السر وراء تلك الدموع الصفراء التي (سالت انهارا) في شتى أرجاء الملعب, فالخروج المرير لم يشكل أي صدمة أو عنصر مفاجأة لأن الفريق الأصفر غير مؤهل لتحقيق البطولات ولا حتى اللعب على النهائيات, وهذا ما أكده مسبقاً المقربون منه وعلى رأسهم عضو الشرف النصراوي الأمير جلوي بن سعود والمشرف العام على إدارة الكرة طلال الرشيد من خلال تصريحاتهم التي اندلعت منذ وقت مبكر وأعطت دلالات واضحة على وضعية الفريق وشخصت حالته بنظرة ثاقبة حملت طابع الشمولية واتسمت بلغة الحياد, مطالبين في الوقت ذاته الإدارة النصراوية بضرورة التحرك السريع والتجاوب مع المتغيرات والانفتاح على الشؤون الداخلية لإعادة (إعمار الفريق النصراوي) على أسس علمية مدروسة, لينهض الفارس مجدداً ويعود إلى ساحة الذهب وتنبري جراحاته ويتوقف سيل الاتهامات العريضة التي خلفتها السنوات السبع الماضية!!
فالاخفاقات الصفراء أصبحت عادة سنوية والجميع يتوق في ان تنتهي وتتلاشى خاصة أنها ضربت رقماً قياسياً وتجاوزت حدود اللامعقول وتحولت إلى (أفلام هندية مملة) ربما تحتاج إلى سنوات لعلاجها في ظل تزايد الضغوط والأعباء على الإدارة النصراوية التي ظلت تعمل بمفردها دون توافر الدعم الكافي من قبل أعضاء الشرف, ولم تستطع حتى هذه اللحظة التوصل إلى إقناعهم من خلال تقريب وجهات النظر في ظل تهميشها لآرائهم ومصادرة أفكارهم وتمسكها بقناعاتها التي ترى بأنها صائبة في كل الأحوال, لذا لابد ان تتخلى هذه الإدارة عن جزء كبير من مطالبها وقناعاتها وتوجهاتها وتبتعد قليلا عن الأمور الفنية التي تخص الفريق, فالنصر يحتاج إلى المصارحة والمكاشفة وتوزيع الأدوار والمهام بدون تدخلات مع الالتزام الكامل والاعتراف المتبادل بمعطيات الأمر الواقع الذي اشترك في تكوينه أطراف عدة أيضا يحتاج الأصفر إلى غربلة شاملة من شأنها الاستغناء عن خدمات أكثر من نصف الفريق وإعطاء الفرصة لعناصر شابة تمنح الفريق المزيد من النشاط والحيوية وقادرة على مجابهة الفرق ومقارعة المنافسين, كذلك يحتاج النصر إلى الاهتمام بالقاعدة الكروية التي تشكل رافداً قوياً وأساسياً يعمل على خدمة الفريق مستقبلاً.
وهنا بقدر ما اتفق مع أولئك الذين أشاروا إلى وجود أخطاء فادحة ارتكبتها إدارة البيت الأصفر وعلى أثرها اختلفوا مع سياستها وتوجهاتها ألا أنني أقف ضد ممن يطالب هذه الإدارة بالتنحي عن السلطة, فالإدارة النصراوية بقيادة الرمز النصراوي الأول الأمير عبدالرحمن بن سعود هي بألف خير, فهذا الخبير المحنك يتمتع بقوة ذاتية مكنته من صد الموجات والظروف القاسية التي تكالبت على النادي في زمن يبدو قياسياً, لهذا سعى جاهداً وبقدر الامكانات المتاحة لترسيخ أسس ثابتة للفريق على أرضية واضحة, وهذا ليس دفاعاً عن الإدارة النصراوية بقدر ماهو إنصافاً لها, فأنا لا أنكر ان لهذه الإدارة سلبيات عديدة يأتي في مقدمتها على سبيل المثال عدم اقتناعها بفكرة الإعارة رغم ان فريقها تعرض لهزات عنيفة أعطت إشارات واضحة إلى أهمية دعم الخطوات الصفراء وردم ثغراتها بلاعبين على مستوى عال من أندية أخرى, حتى يعاود الفارس المجرد تماماً من أسلحة التفوق الركض من جديد في ساحة الانتصارات المدوية ويحقق طموحات وآمال محبيه التي غابت منذ فترة ليست بالقصيرة, فالتعالي والمكابر على فكرة الإعارة والمضي قدما في (الاتجاه المعاكس) من أجل اقناع عشاق المستديرة بأن الأصفر فريق مدجج بالنجوم القادرة على حسم المواجهات الملتهبة والصعبة, ومحاولة إقناعهم أيضاً أنه لايوجد في صفوف الفرق الأخرى لاعب يستحق ارتداء الشعار النصراوي بنظام الاعارة لأن لديهم الأفضل والأجدر.. تحت شعار (نعير ولا نستعير) هذا ما جعل الفريق يدفع الثمن غالياً, وبالتالي أرادت الإدارة تصحيح هذا المفهوم الخاطئ فأحضرت لاعب الخليج أحمد العجمي بنظام الإعارة ولكن بعد فوات الأوان!!
وهناك أيضاً تفريطها المستمر بلاعبين ومدربين أجانب ذوي مهارات وقدرات فنية عالية والاحتفاظ بلاعبين مستواهم أقل من المتوسط فعلى غير العادة استقطب النصر في هذا الموسم صفقات كان الفشل في انتظارها امثال: نشأت أكرم وتينيوريو المقنع هذا باستثناء البرازيلي كاريوكا الذي طاله مسلسل التفريط ولم يمكث طويلاً مع الفريق رغم عروضه الشيقة وأهدافه السينمائية, وفي المقابل كانت صفقات الموسم الفئات أفضل بمراحل سواء من ناحية اللاعبين أو المدربين فلقد جلب النصر آنذاك المحترف الاكوادوري تينيوريو وروك بوسكاب ومدرب الفريق أساد, لكن الإدارة النصراوية كعادتها واصلت مسلسل التفريط وشرب الأصفر المقلب مثلما شربه من قبل عندما فرط في عدد من المحترفين الأجانب الذين سجلوا نجاحات واسعة من خلال أندية أخرى أمثال: أوهين كندي وحسين الزميجاني ويوسف فوفانا وجونيو وسيزار وموسى صايب, الذين رحلوا (بلارجعة) بسبب عدم تحقيق مطالبهم المتمثلة في زيادة أجورهم الشهرية أو دفع مقدمات عقود أو تأمين علاج لهم في الخارج أو صرف مكافآت فوز التي يسمعون بها ولايرونها على طريقة (نسمع جعجعة ولا نرى طحناً) فيما ان معظمهم انتهت علاقتهم بالنصر عن طريق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وبالتالي انشغلت الإدارة مع مثل هذه الأزمات المفتعلة وتم إهمال الشؤون الإدارية والأمور التي تهم وتؤرق حال الفريق إياه!!
وهناك حديث نبوي شريف يقول: (اعط الأجير أجره قبل ان يجف عرقه).
بالإضافة لهذا من الملاحظ عدم اهتمام الإدارة النصراوية بالألعاب المختلفة كالسلة واليد والتنس والطائرة والسباحة وخلافها, حيث ان هذه الألعاب أصبحت مجرد مسميات لا أكثر فلم تسجل لها حضوراً لافتاً بسبب قلة الدعم وعدم الرعاية الكافية من قبل إدارة النادي التي ينصب تركيزها في المقام الأول على (كرة القدم والهلال والحكام) أما الألعاب والأنشطة الأخرى فليس لها أي تواجد على الساحة (ومازال البحث جاريا عنها تحت الأنقاض الصفراء)!!
لكن بالرغم من ذلك كله أقول ان رحيل الإدارة الحالية ليس حلا فالظروف السيئة التي يمر بها الفريق النصراوي لها العديد من الجوانب والزوايا والأبعاد, لهذا فالنصر الآن في أمس الحاجة لقيادي خبير كالأمير عبدالرحمن بن سعود الذي لو تخلى عن كرسي الرئاسة فسوف يشهد النصر تراجعا مخيفا وتدهورا كبيراً يعصف بآمال محبيه ويرسلها إلى عالم المجهول!!
فلاشات!!
- في الهلال دقت أجراس الخطر معلنة عن حالة استنفار من شأنها معالجة الأوضاع الراهنة ووضع منهجية ثابتة تدفع بالزعيم نحو آفاق أرحب.
- أثبت طاقم وملاحو طائرة الزعيم بقيادة الكابتن خالد العمار أنهم رجال حسم ومواقف بفوزهم المستحق بكأس بطولة النخبة, ولسان حالهم كان يقول لجنود القلعة (دعوا القيادة لنا.. واستمتعوا بالرحلة)!!
- الإداري الوحيد الذي تعرض للتعب والاجهاد خلال هذا الموسم هو إداري فريق النصر عبدالله الهويشل, فهذا الرجل بذل جهودا خرافية بدافع حبه واخلاصه لناديه, حيث استقبل وودع في المطار أكبر عدد من اللاعبين والمدربين الأجانب قياسا بالفرق الأخرى!!
- ارتكبت قناتنا الرياضية وقناة أوربيت خطأ فادحا بنقلهما لوقائع سقوط اللاعب الخلوق أحمد خريش وهو ينطق الشهادتين على الهواء مباشرة, والسؤال هنا ماذا كان حال أسرة اللاعب في ذلك المساء الكئيب؟؟
- لو كنت مسؤولا لمنحت الجمهور النصراوي جائزة الجمهور المثالي بلاتردد, فهذا الجمهور ظل صابرا سبع سنوات وحتى الآن (ماشاف شيء يلمع)!!
- تكررت حالات العصيان والتمرد وعدم احترام القوانين والأنظمة برفض اللاعبين للكشف عن المنشطات, والسبب يعود إلى عدم اتخاذ قرار صارم من قبل اللجنة كعقوبة رادعة للاعبي النصر بدر الحقباني ومحسن الحارثي!!
- للتذكر فقط.. في أحد تصريحات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جوزيف بلاتر لإحدى الصحف البريطانية أعلن عن نية الفيفا إصدار قانون لفرض الايقاف مدى الحياة على أي لاعب يثبت تعاطيه عقاقير منشطة إلى جانب معاقبة ناديه بالهبوط إلى درجة أدنى.
- الخروج النصراوي المرير في هذا الموسم وخروج الهلال من المربع يجب ألا ينسي تفوق الفريق الأهلاوي وانتفاضته الفنية التي قفز من خلالها من المركز التاسع إلى الرابع!!
- أخيراً اعترف عساف العساف المشرف على الفريق النصراوي بأن لاعبي فريقه لايملكون الامكانات التي تؤهلهم لنيل البطولات, وذلك من خلال تصريحه بعد مباراة النصر أمام الوحدة عندما قال (من الصعب ان نطالب لاعبينا بما هو فوق طاقتهم).. الاعتراف كان في محله ولكنه جاء متأخر كثيراً!!
- إذا أردت ان تكون رجلاً حيادياً في نظرهم فما عليك سوى التجريح في زعيم البطولات الهلال والطعن في النجم المرموق سامي الجابر!!
جمال سعد النصر / الأحساء
|