تكريس اللجنة الرباعية لخدمة شارون

قفز مهندسو خطة خريطة الطريق إلى الساحة مجددا واحتضنوا خطة شارون، وأضفوا عليها كل ما يرضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بما في ذلك الهدف المشترك الإسرائيلي الأمريكي بتهميش عرفات، حيث أفردت وثيقة جديدة للجنة الرباعية، صاحبة خريطة الطريق، جانبا كبيرا من الوثيقة للحديث عن دور السلطة الفلسطينية، خصوصا الدور الأمني، مع تصور بشأن إسناد المزيد من السلطات لرئيس الوزراء الفلسطيني، وليس لعرفات..
والجهات الأربع التي وضعت خريطة الطريق هي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية..
إيحاءات التدخل الرباعي تتبنى بل وتحث على مواجهة فلسطينية فلسطينية، من خلال تحريض الأجهزة الأمنية على هجمة مطلوبة بشدة على ما يسميه أركان الخطة الرباعية المنظمات الإرهابية مشيرين بذلك إلى الفصائل الفلسطينية النشطة في مجال مهاجمة إسرائيل.. ويأتي ذلك لطمأنة عتاة الصهاينة الذين يعارضون خطة شارون للانسحاب من غزة بدعوى أن المتطرفين الفلسطينيين سيشغلون الفراغ الذي ينجم عن انسحاب قوات الاحتلال، حيث يقول الصهاينة: إن الفصائل المتطرفة ستهيمن على الأوضاع في غزة، وأن ذلك يهدد أمن إسرائيل ..
ولا يحتاج الفلسطينيون إلى إدراك ما ترمي إليه إسرائيل، فالخداع يلف كامل خطة شارون التي تبدو لأول وهلة، وكأنها إسهام بارز في السلام، لكن هذا الانسحاب من غزة يرتبط من جانب آخر بترسيخ الاحتلال في أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، حيث أكدت إسرائيل أنها لن ترحل من الكيانات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، ووجد هذا التوجه الاستعماري تأييدا قويا من الرئيس الأمريكي جورج بوش في حزمة ضمانات أعلنها على الملأ تعمل على تشريع اغتصاب المزيد من الأرض الفلسطينية .
وحتى بالنسبة لغزة ذاتها فإن الانسحاب محفوف بالكثير من التعقيدات التي قد تحول دون إتمامه بالصورة التي يعرض بها شارون هذا الانسحاب، إذ إنه يفترض أن يتم على مراحل، ويتعين أن يتم في كل مرحلة إجراء اقتراع حول ما إذا كان يجب اتخاذ خطوة الانسحاب التالية .. وفي كل الأحوال فإن ذلك يرتبط بالأوضاع على الأرض حيث الاعتداءات الاستفزازية الإسرائيلية والمجازر التي لا يكف الاحتلال عن ارتكابها بين الحين والآخر الأمر الذي يدفع الفلسطينيين إلى الرد، وذلك يشكل ذرائع لغلاة التطرف من الصهاينة الذين سيطلقون عقائرهم بالبكاء على أمن إسرائيل (المستباح)، ومن ثم يعارضون استمرار الانسحاب من غزة .
يدرك شارون ذلك ويدرك غيره، لكنه يحاول أن يظهر بمظهر السلام، بل هو يحاول أن يقيم سلاما على طريقته، سلام يخضع الشعب الفلسطيني ويجعل الكلمة الأولى لإسرائيل.. وبينما بدأت خريطة الطريق، وكأنها تستجيب للتطلعات من الجانبين، إلا أن مهندسي الخريطة من خلال وثيقتهم الأخيرة يؤكدون الانحياز التام إلى جانب إسرائيل..