Wednesday 9th June,200411577العددالاربعاء 21 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

من المستفيد ومن المتضرر مما يحدث في سوق الأسهم؟! من المستفيد ومن المتضرر مما يحدث في سوق الأسهم؟!
د. محمد اليماني

شهدت أسعار الأسهم في الآونة الأخيرة تقلبات حادة وسريعة, ولم يكن يزعج الكثيرين ارتفاعها بل كانوا سعيدين بما يحصل الأمر الذي ساعد على ضخ مزيد من الأموال للسوق في ظل عدم قدرة الهياكل الاقتصادية المحلية على استيعاب المدخرات المحلية أو تلك العائدة من الخارج خلال الثلاثين شهراً الأخيرة. لكن ما إن بدأت الأسعار في الانخفاض حتى ساد شعور من عدم الارتياح والقلق وربما الاستغراب مما يحدث، وكان التوقع أن تستمر الأسعار في اتجاهها الصعودي أو على أقل تقدير أن لا تتكسر الحواجز النفسية للأسعار في اتجاهها الهبوطي بنفس السرعة التي تكسرت بها عندما كانت تصعد. وقد وفر سلوك السوق في وقت من الأوقات طعماً مغرياً وخادعاً لكثير من صغار المضاربين الذين ولجوا السوق ناظرين إلى الطعم وغافلين عن الأمواج العاتية التي ما إن ترتفع إلى عنان السماء حتى تهبط وبشدة مغرقة كل من كان يركبها.
ما يحدث في سوق الأسهم بحاجة إلى دراسة متأنية وجادة بحثاً عن الأسباب وتحديداً للآثار, لئلا يقع ما وقع في بعض دول جنوب شرق آسيا في منتصف التسعينيات والتي انطلقت شرارته الأولى من أسواق الأسهم. ومن المناسب عدم توهم وجود حصانة لسوق الأسهم المحلية وعدم تأثرها بما يحصل في الأسواق الخارجية. خاصة وانه لا أسباب منطقية واضحة كانت تدعو إلى الارتفاع الكبير في الأسعار في ضوء الأداء المتواضع التشغيلي والمالي لكثير من الشركات وفي ضوء الأوضاع السائدة إقليمياً ومحلياً. هذا طبعاً، باستثناء فرضية وجود من يرغب في تحقيق مكاسب ضخمة من كبار المضاربين بعد ان اضطر إلى سحب استثماراته أو معظمها من الخارج ولم يجد أو لم يرغب هو في البحث عن فرص استثمارية منتجة. والفرضيات التي يمكن استثناؤها كثيرة ولعل الدراسات التي تجرى لا تستثني منها شيئاً.
ونخطئ كثيراً عندما نحصر الآثار السلبية لتقلبات أسواق الأسهم في السوق نفسها والمتعاملين فيها، ذلك أن الآثار تشمل كل من له علاقة بالمتعاملين وهم المجتمع كله وهياكله المالية والاقتصادية. والمتخصصون في أسواق الأسهم يعرفون ان مجرد التغيرات الاسمية فيها تترجم إلى تغيرات حقيقية خارج السوق، فكيف إذا كانت الأولى مادية وربما تمكنت الآثار السلبية لما يحدث في أسواق الأسهم من تحييد الآثار المستهدفة لبعض السياسات الحكومية الاقتصادية وأحيانا قلبها تماماً. ولاشك ان في ذلك تكلفة باهظة جداً للمجتمع.
من أبرز ما يؤثر عليه انخفاض أسعار الأسهم مدخرات صغار المضاربين المستثمرة في السوق فقيمتها تتناقص إما اسمياً أو فعلياً وفي كلتا الحالتين يؤثر ذلك سلباً على إنفاق المستهلكين والذي يشكل تقريباً ثلثي الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع نتيجة لانخفاض الإنفاق الاستهلاكي زياد معدلات البطالة وانخفاض الأجور وتناقص الاستثمارات الجديدة. ويتزامن الانخفاض في أسعار الأسهم عادة مع زيادة عدد حالات الإفلاس وارتفاع معدلات المديونية بين الأفراد والمؤسسات الصغيرة والتي تشكل أيضاً عصب الاقتصاد المحلي. وإذا كان صغار المتعاملين في سوق الأسهم أو جلهم من الطبقة المتوسطة وهم المتضررون بشكل رئيسي من انخفاض الأسعار فإن النتيجة المتوقعة هي تقليص هذه الطبقة أو سحقها تماماً.
وهذه مجرد أمثلة لما يمكن ان يحدث في حال انهيار سوق الأسهم وهي أمثلة واقعية عاشتها مجتمعات مرت بنفس التجربة.
ويدل تنوعها ما بين اقتصادية وسياسية وامنية واجتماعية على خطورة ما يحصل في السوق، والمؤكد ان الفهم السليم لأسواق الأسهم وآليات عملها وآثار ما يحدث فيها يستوجب النظرة الشمولية وبعد النظر حتى يمكن وضع ما يحدث في السوق في إطاره الصحيح الذي يأخذ في الاعتبار الاحتمالات المختلفة للعب فيها ولا يغفل أحداً من اللاعبين.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved