في وقت كشفت فيه لجنة حقوقية تابعة للأمم المتحدة خطورة الانتهاكات التي ترتكبها القوات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واصفة التعذيب الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون بأنه يفوق الحدود، أفاد تقرير صادر عن نادي الأسير الفلسطيني أن الربع الأول من العام الجاري 2004؛ شهد أكبر حملة اعتقالات بين الفلسطينيين شنتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية..
وبحسب التقرير، الذي تلقت (الجزيرة) نسخة منه عبر البريد الإلكتروني، سجلت مدينة الخليل أعلى نسبة اعتقالات على مستوى الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث وصل عدد المعتقلين إلى (521 معتقلاً) صغاراً وكباراً ونساءً، وقد غلب على سياسة الاعتقالات طابعها الهجومي والاقتحامي من قبل جيش الاحتلال، واتسمت بالاعتقالات العشوائية والجماعية، دون تمييز بين كبيرٍ أو صغير.
وذكر التقرير الفلسطيني أن معظم عمليات الاعتقال جرت بعد اقتحام مدينة الخليل وقراها ومخيماتها بشكل متكرر بالدبابات والآليات الثقيلة وبأرتال الجنود، يصاحب ذلك إطلاق الرصاص والقنابل الصوتية والغازية وفرض منع التجول والحصار وبناء الحواجز العسكرية والسواتر الترابية واحتجاز المواطنين والاعتداء عليهم بالضرب، وإرعاب المواطنين الآمنين بالكلاب البوليسية..
وأضاف التقرير أن منازل المواطنين دوهمت من قبل الجيش الإسرائيلي بهدف إجراء الاعتقالات بعد إخراج السكان إلى العراء والاعتداء عليهم وترويع الأطفال والنساء، والعبث بمحتويات المنازل وتدميرها، وسجلت أعمال استخدام السكان دروعاً بشرية خلال عمليات الاعتقال، كما حدث في (بلدة بيت عوا)، قضاء مدينة الخليل..
وأشار تقرير نادي الأسير الفلسطيني أن قطعاناً من المستوطنين اليهود، قد شاركت في عمليات الاعتقال وملاحقة المواطنين الفلسطينيين والتنكيل بهم واعتقالهم، وكانت مدينة الخليل وقراها مسرحاً لانفلات المستوطنين وعدوانهم على المواطنين والمنازل الآمنة سواء في الليل أو النهار..
وجاء في التقرير الفلسطيني، الذي تعرضه (الجزيرة): انه على غرار ما جرى في شهر نيسان أبريل من عام 2002 فيما يسمى ب (حملة السور الواقي)، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بعمليات احتجاز عشوائي وجماعي للمواطنين بعد التوغل العسكري والمداهمات المصحوبة بإطلاق النار وفرض الحصار مثلما جرى في جامعة الخليل؛ حيث احتجز أكثر من مائتي طالب وطالبة، وقد اقتيدوا في حافلات إلى مراكز الاعتقال.
وحسب التقرير: تكررت هذه العمليات يوميا في مدينة خليل الرحمن، واحتجز المئات من الطلبة، وتم نقلهم إلى مراكز الاعتقال حتى ساعات متأخرة من الليل، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح وإجراء تحقيق ميداني معهم..
وأفاد تقرير نادي الأسير الفلسطيني أن عمليات الاعتقال في مدينة الخليل، شملت اعتقال أربع نساء فلسطينيات هن: مريم هاني شفيق أبو خلف (25عاما) اعتقلت بتاريخ 2-5-2004، ميسون محمد أبو عيشة (22 عاما) اعتقلت في 14-4-2004، حنان جعفر طه أبو عرقوب (18 عاما) اعتقلت في 22-4-2004، - رندة محمد يوسف الشحاتيت (19عاما) اعتقلت بتاريخ 22-3-2004، - وآمنة شعبان أحمد أبو داوود (25عاما) اعتقلت بتاريخ 4-1- 2004..
وأكد التقرير الفلسطيني أنه تم الاعتداء على المعتقلات الخمس بالضرب المبرح وتم احتجازهن في سجن (هشارون) (التلموند)، علما أن مدينة الخليل سجلت أعلى نسبة اعتقالات في الفتيات حيث بلغ عدد أسيرات المدينة منذ تفجر انتفاضة الأقصى أكثر من (20 أسيرة ومعتقلة) يعشن ظروفا غاية في المأساوية..
وذكر تقرير نادي الأسير الفلسطيني أن حملات الاعتقال شملت اعتقال الكثير من المرضى الذين يعانون من ظروف صحية صعبة، وبحاجة ماسة للعلاج، وقد بلغ عدد الحالات المرضية من مدينة الخليل وحدها منذ بداية العام الجاري، أكثر من (50 حالة)، وجميعهم بحاجة ماسة للعلاج ولعمليات جراحية مستعجلة، وبعضهم يعاني من أمراض نفسية مزمنة، ومنذ اعتقالهم لم يتم تقديم العلاج اللازم لهم، ورغم الطلبات الكثيرة المقدمة إلى مديرية السجون اليهودية من محامي نادي الأسير بعد زيارتهم؛ إلا أن الاسرائيليين يماطلون في تقديم العلاج، وترفض مديرية السجون اليهودية نقلهم للمستشفيات حسب اتفاقية جنيف الرابعة؛ بخصوص معاملة الأسرى المرضى؛ وضرورة تقديم كامل العلاج لهم..
معدل الانتهاكات بحق الفلسطينيين ارتفع
بنسبة كبيرة..
وفي هذا السياق، وصفت لجنة حقوقية تابعة للأمم المتحدة التعذيب الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون بأنه يفوق الحدود، وقد أبدى أعضاء اللجنة استعدادهم للإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية..
يشار إلى أن لجنة التحقيق في الممارسات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة أكدت أن معدل الانتهاكات ضد الفلسطينيين ارتفع بنسبة كبيرة، وتمثل ذلك في زيادة الاعتقالات، وتعرض الأسرى لأشكال مختلفة من التعذيب تفوق الحدود وتخالف أدنى معايير الإنسانية..
وأكد أعضاء اللجنة التابعة للأمم المتحدة في مؤتمر صحافي عقد، مؤخرا، في القاهرة أن القوات الإسرائيلية اتجهت خلال العام الماضي لاستخدام المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية، واستهدفت سيارات الإسعاف بالطلقات الحية ومنعتها من نقل المصابين إلى المستشفيات.. وأشار أعضاء اللجنة التي يترأسها، سفير سيرلانكا، لدى الأمم المتحدة إلى أن السلطات الإسرائيلية لا تتعاون مع اللجنة الدولية، وتمنع دخولها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما دفعها لاستقاء معلوماتها من منظمات إسرائيلية وفلسطينية لحقوق الإنسان، وتقارير موثقة بالصور من جمعيات أهلية ومنظمات غير حكومية في مقابلات جرت في مصر الأيام الماضية..
وذكرت اللجنة الدولية في تقرير تعرضه (الجزيرة) أن الممارسات التي تقترفها الدولة العبرية بحق الفلسطينيين تشمل عمليات الاغتيال، وتدمير الحياة الاقتصادية، وسلب المواطنين حقهم في التنقل، ومنع المساعدات الإنسانية من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتدمير البنية الأساسية والممتلكات، وتصفية نشطاء في مجال حقوق الإنسان.. وجاء في التقرير الشهري الصادر عن المجلس الفلسطيني للعدل والسلام، الذي وصلت (الجزيرة) نسخة منه: بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية الانتفاضة في 28-9-2000 وحتى 31-5- 2004 إلى (2965 شهيدا وشهيدة )؛ بينهم (759 طفلا)، و(713 من طلبة المدارس والجامعات والمعلمين)، و( 307 من رجال الأمن الوطني الفلسطيني)، و(115) استشهدوا على الحواجز العسكرية، و(436) في عمليات اغتيال وإعدام ميداني ، و( 44 برصاص المستوطنين)، و(59 معاقاً ).. وحسب التقرير: بلغ عدد الجرحى نحو (53336 جريحا)، منهم (16 ألفاً عولجوا ميدانيا)، ومن بين الجرحى (14961 طفلا )، و( 2510 امرأة )؛ ووصل عدد المعاقين إلى (6270 معاق)، بينهم (3000 طفل)..
وجاء في التقرير: بلغ عدد الأسرى والمعتقلين خلال الانتفاضة (27927 أسير وأسيرة) بقي منهم في سجون الاحتلال نحو (7500 أسير وأسيرة )..
القضاء الإسرائيلي يشارك في التغطية على جرائم جيش الاحتلال.. !!!!!!!
وعلى ذكر الاعتداءات الاسرائيلية، وما يتعرض له الفلسطينيون من انتهاكات، أكد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في تقرير أسبوعي يغطي الفترة الواقعة ما بين 27 - 5 - إلى 2 - 6 - 2004، تلقى مراسل الجزيرة نسخة منه باليد، أن القوات الاسرائيلية قتلت خلال تلك الفترة ستة مدنيين فلسطينيين، ثلاثة منهم ضحايا لجريمة جديدة من جرائم القتل خارج نطاق القضاء..
ودمرت القوات الصهيونية المعتدية (55 منزلاً) جديداً في قطاع غزة، منها (39 منزلا) بمدينة رفح ومخيماتها، وشردت أكثر من (485 فرداً) عن ديارهم..
وجرفت القوات المعتدية (24 دونماً) من الأراضي الزراعية الفلسطينية، وداهمت المنازل السكنية، واعتقلت عشرات المدنيين الفلسطينيين من منازلهم في الضفة الغربية وعلى الحواجز العسكرية في قطاع غزة.. وفجرت أربعة منازل سكنية في الضفة الغربية، في إطار إجراءات العقاب الجماعي بحق أهالي الأسرى الفلسطينيين..
وقد تواصل القصف العشوائي الاسرائيلي للأحياء السكنية والمنشآت المدنية الفلسطينية، وقد سجل إصابة طفلين بجراح خطرة وهما على مقاعد الدراسة في مدينة رفح، وإصابة مواطنة فلسطينية وهي ترقد على سرير المرض داخل مستشفى ناصر في خان يونس، جنوب قطاع غزة..
وجاء في التقرير الحقوقي أن أعمال تجريف الأراضي وتهيئتها لصالح أعمال البناء في جدار الضم والتوسع العنصري داخل أراضي الضفة الغربية تتواصل، كما تواصل قوات الاحتلال الهمجي إجراءات حصارها المشدد على الأراضي المحتلة، وتنتهك حق حرية الحركة للمدنيين الفلسطينيين.. وطالب المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في تقريره الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، منفردة أو مجتمعة، تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والوفاء بالتزاماتها، والعمل على ضمان احترام إسرائيل للاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بموجب المادة الأولى من الاتفاقية..
ويرى المركز أن الصمت الدولي على الانتهاكات الجسيمة للاتفاقية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي يشجع إسرائيل على التصرف كدولة فوق القانون وعلى ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين دون ملاحقة.. وعلى هذا، دعا المركز إلى عقد مؤتمر جديد للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب، لبلورة خطوات عملية لضمان فرض تطبيق الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتوفير الحماية الفورية للمدنيين الفلسطينيين..
وجاء في تقرير المركز: مقابل ضعف أو انعدام آليات ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الإسرائيلي؛ الذي يشارك في التغطية على جرائم جيش الاحتلال، يقع على عاتق الأطراف السامية ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين..
|