في مثل هذا اليوم من عام 1967، وخلال حرب يونيو المعروفة باسم حرب الأيام الستة التي شنتها إسرائيل ضد مصر وسوريا والأردن، هاجمت الطائرات وزوارق الطوربيد الإسرائيلية سفينة التجسس الأمريكية (يو إس إس ليبرتي) في المياه الدولية قبالة شواطئ غزة بالبحر المتوسط. وكان قطاع غزة خاضعا للسيطرة المصرية في ذلك الوقت. وكانت سفينة التجسس معروفة بأنها سفينة أمريكية ذات تسليح خفيف. بدأت الطائرات الإسرائيلية الهجوم وقذفت السفينة بقنابل النابالم ثم أطلقت عليها بعد ذلك الصواريخ. حاولت السفينة الأمريكية إرسال إشارة استغاثة عبر موجات الراديو ولكن الطائرات الإسرائيلية اعترضت الإشارات وشوشت عليها. وتمكنت السفينة فيما بعد من إرسال استغاثة إلى حاملة الطائرات الأمريكية في البحر المتوسط (سارتوجا) حيث انطلقت 12 طائرة أمريكية مقاتلة وأربع طائرات تزويد بالوقود في الجو للدفاع عن السفينة ليبرتي. وعندما وصل نبأ إرسال هذه الطائرات إلى وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن أصدر وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت روبرت ماكنمارا أوامره بإعادة هذه الطائرات إلى الحاملة ولم تصل إلى السفينة التي ظلت نهباً للنيران. ولم يتضح سبب قرار وزير الدفاع بإعادة الطائرات وترك السفينة ليبرتي لمصيرها الأليم.
وقد أسفر الهجوم الجوي الإسرائيلي الأول عن مقتل تسعة من طاقم السفينة البالغ عددهم 294 بحارا وأصيب ستون آخرون. وفجأة هاجمت زوارق الطوربيد الإسرائيلية السفينة مرة أخرى حيث أطلقت طوربيداتها وقذائف المدفعية على السفينة. وتحت قيادة قائدها المصاب الكابتن وليام ماك كونجلي تمكنت السفينة ليبرتي من تفادي أربعة طوربيدات إسرائيلية. ولكن طوربيدا خامسا أصاب السفينة على خط المياه مباشرة. وبسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بالسفينة أنزل أفرادها ثلاثة قوارب نجاة ولكن هذه القوارب تعرضت أيضا لهجوم الطوربيدات الإسرائيلية في انتهاك واضح للقانون الدولي.
واضطرت القوات الإسرائيلية إلى وقف هجومها الذي استمر أكثر من ساعتين بعد فشلها في إغراق السفينة الأمريكية التي كانت تزن عشرة أطنان. أسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل 34 بحارا أمريكا وإصابة 171 آخرين. وبعد انتهاء الهجوم نجحت السفينة في الوصول إلى أحد الموانئ الآمنة في البحر المتوسط.
اعتذرت إسرائيل فيما بعد وعرضت تعويضا على الأمريكيين قدره ستون مليون دولار وزعمت أنها كانت تعتقد أن السفينة ليبرتي سفينة مصرية. ولكن الناجين من طاقم السفينة ليبرتي والكثيرين من المسئولين السابقين في وزارة الدفاع الأمريكية يرون أن الهجوم الإسرائيلي كان متعمدا بهدف التغطية على استيلاء إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية الذي تم في اليوم التالي. فقد كان المؤكد أن أجهزة التنصت على السفينة الأمريكية تمكنت من رصد الاتصالات العسكرية الإسرائيلية الخاصة بعملية الاستيلاء على مرتفعات الجولان المثيرة للجدل. وقد حصل الكابتن ماك جونجلي فيما بعد على ميدالية الشرف من الكونجرس تكريما له على قيادته البطولية للسفينة أثناء وبعد الهجوم.
|