أيام الاختبارات أو موسم الحصاد لعام من التحصيل العلمي تستنفر حواس الوالد قبل الولد لينتهي هذا الجهد الكبير وتبدأ مرحلة من الراحة والاستجمام !
إلا أن هناك موسماً آخر يتزامن مع موسم الاختبارات تبدأ مراحله من أمور نراها جميعاً ولا نعطي لها بالاً ويتم الاستنفار لها أيضا أيام الامتحانات ، فتجد مدرسة التفحيط المعلنة تستنفر طلابها أيام الاختبارات إلا ان الشهادة صور دموية ولا راحة بعد هذا الاستنفار بل تبدأ مرحلة جديدة من الدراسة خلال الإجازة .
ولكن بعد أن قرأت لاحد الاخوة الفضلاء في جريدتكم الموقرة يطلب أن يكون لهم مدرسة علنية ليمارسوا هوايتهم بعيداً عن الشوارع والمدارس وبحسن نيته - وفقه الله - نسي أو لا يعلم أن هذا الصنف بالغالب الأعم لا تستنفر شياطينهم إلا أمام أبواب المدارس في هذا الموسم وان مجرد التفكير بإيجاد مدرسة لهم يعني فتح المجال لكثير من الذين يريدون ويخافون أن يفعلوا ثم يمارسوا ما تعلموه علناً أمام المدارس والشوارع الداخلية من جديد.
بما ان هذه المدرسة التي يطالب بها البعض مرفوضة تماماً بالعقل قبل كل شيء ، فإنه تلزمنا وقفة معنا نحن والذين تبدأ معنا المشكلة . ان نظرة عابرة لكثير من الأطفال في المراحل الابتدائية بعد خروجهم من المدارس تشعرك بالغثيان اذا رأيت واقعاً مريراً مؤسفاً اتحدى أن يقول لي أحد ان عينه لم تره ولكن من ينتبه له ؟!
أطفال في منتهى البراءة لم تمكنهم طفولتهم ان يقودوا السيارة فيلجأون إلى التقليد وهذا لدى جميع الأطفال إلا ان التقليد أخذ منحى آخر فبدلاً من تقليد القيادة يقوم الطفل بأداء حركات المفحطين تقليداً متقناً ، حتى كأنك ترى سيارة وليس آدمياً بصورة تجعلك تقطع جازماً و 100% ان هذا الطفل لم يتعلم هذه الحركات من براءته.
إن أفلام التفحيط التي تدور بين الشباب بإخراج متقن وتقنيات حديثة تثير فينا تساؤلاً مريراً من هو المجرم المفحط - ام من يقوم بتصوير المفحط - ام انا وانت بسكوتنا - أو من جعلهم أمنوا فأساءوا الأدب.
ولكن لنترك ذلك كله ونركز على اخطرها برأيي ، ولعله يكون هو الصواب . ان نظرة فاحصة لفلم واحد من أفلام المفحطين التي يتم تصويرها من قبل المتجمهرين لتشجيع شيطان المفحط ، تكشف لك أن هناك من يستحق العقوبة والتأديب المغلظ أضعاف المرات ممن تولى قيادة السيارة وراح يعبث بها يمنة ويسرة ، فإن هذا المفحط ما يلبث أن يغادر الساحة مكتفياً بالهتافات التي يسمعها ثم يذهب . ولكن أصحاب الكاميرات في رؤوسهم شياطين مركبة لا تنتهي عند نهاية المشهد فحسب ، بل يمتد ضررهم لأطفال ومراهقين تعلموا فنون التفحيط أمام الشاشة وينتظرون بلهف قيادة المركبة.
يوسف العبودي /الرياض |