أشار الكتاب الإحصائي لمنظمة الصحة العالمية أن معدل النمو السكاني في المملكة العربية السعودية بلغ 4.1%، ووزارة الصحة السعودية أشارت إلى أن معدل النمو هو 3.7%، وفي كلتا النسبتين تعد من المعدلات المرتفعة عالميا، وإذا ما استمر الحال على هذا، فإن التعداد السكاني في مطلع العام الهجري 1435هـ أي بعد عشر سنوات من الآن سيصل إلى 35 مليون نسمة تقريبا، هذا النمو الذي يصح أن نسميه (الانفجار) السكاني الرهيب أدى إلى حدوث اختلالات هيكلية في توزيع السياسات التنموية المحلية بجانب الضغط الرهيب على الخدمات العامة، والمفترض تقديمها للمواطن بالدرجة الأولى كالصحة والتعليم والإسكان وغيرها، أدى هذا الانفجار إلى ما يسمى بالاختناقات أو الضوضاء كالتي على ميدان رمسيس أو مقاطعة شنغهاي أو في أزقة كولابة (بتشديد اللام) إحدى ضواحي بومباي الهندية، وفي ظني أن هذه النتيجة راجعة لسببين رئيسين:-
أحدهما: الهجرة الداخلية من القرى والبلدات الصغيرة إلى مراكز المدن الكبيرة -حتى أدى الانبعاج العمراني في بعض المدن لحدوث أزمات قولونية مزمنة- اختناق وتوسع عند الأطراف، وضمور وتفلطح في مناطق الوسط.
والأخرى: تشريع (فتح) الأبواب على مصراعيها لقدوم مئات الآلاف من العمالة الوافدة سنويا-وصرنا كالنخلة العوجاء بطاطها بحوض غيرها-
ولأن معدل النمو السكاني هذا، والمرتفع عالميا قد أثر تأثيرا كبيرا على جوانب متعددة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما بعد زيادة مخرجات التعليم العام والجامعي، وتشبع الجهاز الحكومي حد التخمة المقنعة، وتقاعس القطاع الخاص عن القيام بالدور المناط به لإحلال السعوديين محل الوافدين. حتى وصلت البطالة بين صفوف الشباب الذين هم في سن العمل عند درجات قياسية يصح أن تدخل (موسوعة قينتس لزيادة إيرادات الجهة المختصة) هذه الاختلالات الرهيبة التي ينسفع بها جبين المواطن لغياب جهاز مركزي موحد للتخطيط الاستراتيجي طويل المدى يفرض سياساته وفقا للتوجه العام للدولة، لا كما هو عليه الحال (طبق استقبال).
العجيب أن هناك كتابات وتحليلات تؤيد وتؤكد فكرة أن العنف الاجتماعي سببه البطالة والعطالة عن العمل وعدم التوظف، وأوصت بدورها على ضرورة البحث بل إيجاد حلول عملية لمعالجة مشكلة البطالة بين صفوف الشباب، حتى يمكننا القضاء على ظاهرة العنف الاجتماعي والإرهاب بمفهومه العام، وفي ظني(الشخصي) أن الإرهاب أو الإرهابيين لا يستطيعون التحرك إلا إذا وجدوا تعاطفا وتساهلا، قد لا يكون هذا التعاطف من باب التأييد لأفعالهم، لكن من باب (وش الفائدة) لأن الحالة المزرية التي يمر بها الشباب (وهم يتشحططون) السنة والسنتين وأحيانا الثلاث بعد التخرج من الجامعة أو معهد التدريب، خصوصا بعد بروز ظاهرة الوعد بالتوظيف، أو التدريب المنتهي بالتوظيف. وحينما يجد الوظيفة الشاغرة صدفة في إعلان صحفي أو على لوحة في أحد مطاعم الوجبات السريعة، تفرض أمامها مئات العراقيل (يعني تطفيش مبرر).
وفي نفس الوقت مجلس الشورى (الموقر) يقر التعديلات على نظام الجنسية السعودية ليفتح الباب أمام الملايين من المقيمين بشرط: (أنت لازم فيه كلم عربي مزبوط) للحصول على الجنسية السعودية لترتفع أعداد المنتظرين على أبواب صناديق التمويل، وقوائم المراجعين للمستشفيات الحكومية، وقبول طلاب الجامعات إلى أرقام فلكية تشبه قراءات عدادات الكهرب عندنا.
وعزائي لصندوق معالجة الفقر الذي مازال ينفق إيراداته الخيرية في بند واحد (الدراسات والبحوث).
إن مجتمعنا يدعم وبقوة فكرة الذكر والأنثى، وأن الرجل قوَّام (بتشديد الواو) على المرأة لكن ما أن تمتد يده لتدخل في جيب خالية حتى من أوراق القص واللزق حتى يثور غضبا وحسرة تستوي أمامه جميع (الأضداد).
في كل البلاد التي تتبع المنهج الاستراتيجي في التخطيط، تتبع نظام التدرج في الأنظمة والقوانين (مفيش حكاية يبيض ياسود) جميع ألوان الطيف مطروحة بما فيها (البمبي): فلو أن المجلس على جلالة قدره أعطى كل مقيم توفرت فيه شروط المادة رقم: (9) من نظام الجنسية السعودية تعاملا أفضل في الإقامة كأن تسقط عنه دفتر الإقامة، أو يحق له نقل كفالته على الدولة، وهكذا، كتدرج للحصول على الجنسية بشكل كامل، وحتى يتم تكييفه وفق العادات والتقاليد والقيم، لأن الوطنية والمواطنة ليست أوراقا ثبوتية تقدم لموظفي السجل التجاري أو مندوبي البلديات الفرعية لاستخراج رخص المحلات التجارية، وفي المساء يتحولون لمنادمة أبو نواس والهمذاني، بل هي سلوكيات وقيم وطنية يتطبع بها الشخص حتى تصبح عاداته وسلوكياته اليومية، ويا بخت محلات بيع الملابس السعودية في ظل تعميم وزارة الداخلية على ضرورة لبس الزي السعودي (الثوب والشماغ) عند الرغبة بمراجعة المصالح الحكومية.
|