Tuesday 8th June,200411576العددالثلاثاء 20 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

لما هو آت لما هو آت
اليوم معكم
خيرية إبراهيم السَّقاف

لا تزال زوَّادتي مليئة بأوراق الورد
وعبق حروفكم يشذِّي من حولي ما تُلوِّثه الأحداث ، ويُذهب عن خاطري حسرة التحسّر على ما يعبر بنا كلَّ يوم من موجعات !!...
لم أقف بكم على شاطئ لأغسل بنقاء حروفكم ماعلق ، ليس لأنَّني عبرت ثمَّ غادرت ، وإنَّي عبرت وغادرت غير أنَّكم كنتم معي ، لكن ، تعلمون أنَّ الخاطر المكلوم ، والذّهن المألوم ، والحيرة تتأزم بها حتى خطوات القلم على الورق ، نحن نعبر في منعطف تأريخي سبق أن استخدمت له هذا المصطلح ، غير أنَّه اتسع وتعدَّدت منافذه وأدوراه ، نحن في تأريخ بشري أحداثه أكثر ممَّا يستوعبه فكر الإنسان ، وحجم قدرته على متاهة صغيرة وكبيرة ، ونحن نعبر في المنعطف بمتغيرات اجتماعية كثيرها لا تنبئ بما يتوقَّع الإنسان , إذ متغيراتها مفاجئة لكثير من أساليب التَّخمين أو توقَّعات التحليل ، ونحن نعبر في المنعطف ذاته بمتغيرات طبيعية طالت الكواكب ، وترتيب الأرض ، ولحقت بالبيئة ، ونواتج العلوم ، والمعارف ، ونحن نعبر بمنعطف لم يقف عند حدود المتغيرات الطبيعة وسيروره حركة الإنسان وفق أنظمته لمسار سياسته وتعليمه واقتصادته وتربيته ، بل نالت قيمة وأخلاقه وسلوكه وتفكيره وآليات تنفيذه ، وأساليب تعامله مع جميع ما يتيح له البقاء وتحقيق الرؤية...
كلّ هذا يستنزف من المرء الملاحقة ، والمتابعة ، والتفاعل ، ومحاولة التَّجاسر على الوقت لأنَّه لا يتسع لما يحدث ، وربَّما لا يستوعب ما يحدث إلاَّ في حدوده فائقة الغموض ، تلك التي لا يصل إليها سلطان البشر الذين حُدِّدت لهم قدرات ، غير أنَّهم بما أوتوا من قليلها يتقافزون ؛ كي يُلحقوا بكلِّ شيء يرتبط بالأرض التي يعيشون فوقها شيئاً من مخلَّفاتهم في جوانب الفكر الذي يتبنَّون ، والخبرات التي يصنعون ، والتجارب التي يقدمون ، وفق تصورات وخطط وقرارات وتطبيقات ، تختلف ثمَّ في النهاية تتضافر على صنع هذا المنعطف في الكون العظيم ، بما يؤهل كلَّ من يعيش في هذه الحقبة لأن يتباهى أو يتوارى ، فثَّمة نتائج ذات مستقبل سوف تظهر ، وتاريخ سوف يُدوّن ، ووقائع سوف تشهد بأنَّ إنسان هذا العصر قد فعل شيئاً.. إذ ستتمخَّض ألسنة النيران ، ودوي المدافع ، وشلالات الدماء ، ورماد الأتون ، وأشلاء الأجساد ، وشظايا البارود ، وبقايا المتردَّي والمهدوم ، وكلَّ صرخة ، ونكبة ، وجفاف ، وظلام ، وهتك ، واعتداء ، وسلب واحتلال ، وضغط ، وتغيير ، وكلام ، وتحليل ، وصراخ ، وعويل ، ومكابرة ، وتمييع ، وتفريط ، وأخذ ، و... وعن ، وعن ، وعن ، ممَّا يتاح لمن يأتي كي يدوّن ، ومن ثمَّ يقتات على ما يجدُّ ..
هذا الذي شغلني دون أن أفضَّ ورودكم ، وأنثر أوراقها كي تعبّق بشذاها هذا المكان .. إلى الاثنين القادم كي أفعل .. تحية لكم فإنَّكم دوماً معي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved