** العالم اليوم.. هو عالم القنوات الفضائية والإنترنت.
** وعالمنا العربي تحديداً.. هو عالم سبَّاق في إطلاق المحطات الفضائية.. التي ملأت سماءنا.. وصار لنا كعرب.. عشرات المحطات الفضائية.. بأصنافها وأشكالها واتجاهاتها وتخصصاتها.
** في كل يوم.. نصبح على افتتاح محطة وإغلاق أخرى.. فهذه قادمة للمنافسة.. وهذه أفلست.. وهذه تحشد طاقاتها.. وهذه انسحبت بصمت.. وهذه جاءت وكلها تفاؤل.. وهذه تركت الساحة وتوارت.
** وزارة الثقافة والإعلام لدينا.. كانت تملك المنافسة وبقوة.. وكانت تملك القدرات وكل وسائل واحتياجات الإعلام القوي المنافس.
** لم ترتمِ في الساحة هكذا.. ولم ترسل عشرات المحطات.. ولم تطلق أقماراً.. بل دخلت الساحة بثقة وقدرة وعقلانية وعمق ورويَّة.. مستثمرةً ما تملكه من رصيد رائع من النزاهة والمصداقية والأمانة.. وثقة المتلقي.. وما تملكه من خبرات وكفاءات إعلامية وفنية وإدارية.
** ومشكلة أكثر المحطات العربية.. أنها دخلت المنافسة وليس في ذهنها شيء اسمه (شرف المهنة) ولهذا.. فقد صنَّفها المتلقي مبكراً.. رغم سعيها لاستقطابه بشتى الأشكال والصور ووسائل الجذب المختلفة.. فلم تضع لذلك حدوداً.. ولم يكن في ذهنها يوماً.. توعية المتلقي وتثقيفه والارتقاء بمستواه.. ومدُّ جسورٍ من الثقة والمصداقية معه.. بل الهدف.. مجرد شدِّ انتباهه.. وجذبه بأي ثمن كان.. حتى لو كان الثمن مخجلاً.
** وسط هذا الموج المتلاطم من الفضائيات المحشوَّة بالبرامج والمضامين الإعلامية الرديئة والجيدة.. والسيئة والحسنة.. والنزيهة والكاذبة.. جاءت وزارة الثقافة والإعلام بكل ثقة.. وكما قدَّمت قناتين من أنجح.. إن لم تكن أنجح قناتين عربيتين (الأولى والثانية) لتقدِّم مجدداً.. قناتين جديدتين.. في (الأخبار والرياضة) وبحجم النجاح والتفوّق السابق.. وبحجم الحضور والنزاهة والمصداقية.. وبحجم الثقة.. كان ذلك هو عماد الوجود الجديد.
** دعونا فقط.. نتحدث هنا.. عن جزئية بسيطة من نجاحات وزارة الثقافة والإعلام (فضائياً) وحضورها المميز والمتألق عبر (الإخبارية).
** هذه القناة التي خطفت الأضواء.. وشدَّت المشاهد بهذه السرعة.. لم تكن نتاج شقة مفروشة في أحد البلدان.. ولم تكن مجرد وسيلة للابتزاز والضغط والأخذ كما صنع البعض الآخر.. بل هو إعلام صنعه الخبراء.. وكان هدفه.. نفع الناس والارتقاء بثقافتهم.. وتقديم المعلومة الصادقة النزيهة الأمينة لهم.
** لقد كانت الساحة.. تشتكي قبل (الإخبارية).. فقراً وغياباً للإعلام الصادق المحايد الأمين.
** لقد كانت تفتقر إلى الإعلام المتمكِّن.. الإعلام المنافس.. الإعلام الذي يواجه الإعلام الآخر بكل ثقة وقدرة وكفاءة.
** الإعلام الذي يُدافع عن قضايا الأمة ويذود عنها.. الإعلام الذي يحمل رسالة ومضموناً.
** الإعلام الذي يرتكز على المصداقية والأمانة.. ويعرف شرف المهنة.
** هذا ما وضعته الإخبارية في حسبانها.. وهذا.. أحد أسرار نجاحها..
** (الإخبارية) لم تُصنع في يوم وليلة.. ولم تكن نتاج (سواليف) في رحلة.. ولم تكن مشروعاً مشوَّهاً.. بل كانت نتاج عقول خبراء متمرسين متمكنين.. هدفهم وهاجسهم.. مراقبة الله أولاً.. ثم خدمة قضايا الوطن.. وقضايا الأمة.
** لقد كانت (الإخبارية) وحدها.. مشروع إعلام قوياً منافساً.
** خذوا مثالاً بسيطاً على قوتها وحضورها ومنافستها وجودة مادتها.
** لقد خطفت الأضواء.. وسحبت جميع مشاهدي القنوات الإخبارية الأخرى.. وجعلتهم يتسمَّرون أمام الإخبارية.. لمتابعة كل الأحداث الإقليمية أو العالمية وليس المحلية فقط.
** وبالفعل.. شهدت قنوات كانت سبقتها بزمن.. وكانت لها حضورها.. وكانت محل اهتمام المشاهد.. شهدت هذه القنوات إعراضاً واضحاً من المشاهد.. لماذا؟
** لأنه وجد المعلومة الصحيحة.. ووجد المصداقية.. ووجد الحضور أيضاً في (الإخبارية).
** لقد جرَّب على تلك القنوات السابقة.. الكذب والتزوير والتزييف ومغالطة الحقيقة وعدم الحيادية.. واستثمار المحطة لأغراض معيَّنة.. ومهاجمة هذا.. والتشهير بالآخر.. لكنه لم يجرِّب على الإخبارية.. سوى (المصداقية.. والأمانة.. والحضور الإعلامي المميَّز).
** خذوا مثالاً آخر وسريعاً أيضاً..
** كيف كانت تغطية الإخبارية للأحداث الأخيرة.. وكيف كان حضورها؟
** أظن أن الجواب حاضر في أذهانكم أجمع.
** لقد تألَّقت (الإخبارية) تألقاً كبيراً.. وسجَّلت حضوراً مميزاً.. وصار الناس كل الناس.. إذا جلسوا أمام التلفاز يقولون (حِطَّهْ على الإخبارية) أين (الإخبارية)؟ (افتح على الإخبارية).. الإخبارية.. وبس..
** هل تابعتم حضورها في الأحداث الأخيرة؟ وكيف كان هذا الحضور؟
** هذا الحضور الكبير الناجح.. هذا الحضور المهني المميَّز.. هو ما جعل المشاهد (هنا على وجه الخصوص) يحجم عن المحطات الثانية.. ويتسمَّر أمام الإخبارية فقط.. لأنه وجد الخبر.. ووجد المعلومة الصحيحة.. ووجد الحضور المتميِّز.. ووجد المهنية.. ووجد المصداقية.. ووجد قناة حاضرة.. في كل مكان.. في المدن.. في القرى والبراري والأودية.. وفوق رؤوس الجبال.. تطارد الخبر.. وتلاحق الحدث بكاميراتها ورجالها.. وتقدِّم المعلومة الصحيحة وبكل أمانة وتجرد.
** لقد عايشنا فضائيات وإخباريات لسنوات.. وعايشنا معها.. الكذب والمغالطات و(اللف والدوران) وتفخيخ البرامج والأخبار.. واستثمار المواد الإعلامية لأهداف معيَّنة.. واستقطاب الدجالين والمرتزقة والحاقدين.
** ولكن.. عندما أرادت أن تحضر وزارة الثقافة والإعلام.. وتنافس في هذا المجال.. حضرت بطريقتها.. حضرت برصيدها.. حضرت برجالها.. حضرت لتخدم المشاهد.. ومن أجل المشاهد وليس من أجل (الفلوس) أو من أجل خدمة قضايا شخصية.. أو من أجل تمرير أفكار معيَّنة.. أو من أجل.. خدمة أغراض أو أشخاص.. أو الإساءة للآخرين.. بل حضرت من أجل المشاهد.
** لقد تواجدت في قلب الأحداث.. وأغنت المشاهد عن التَّنقل بين محطة وأخرى.. وأخْرَست محطات كانت تكذب وتدجِّل علينا.. وكانت تصطاد في الماء العكر.. لم نعد نبحث عن خبر.. فالإخبارية. أسرع من مجرد البحث.
** لقد كانت هناك قنوات إخبارية مشهورة بسرعة ملاحقة الأحداث.. وسرعة الحضور.. لكن عندما جاءت الإخبارية.. صارت تنقل من الإخبارية.
** لقد سبقتها الإخبارية في الحضور الإعلامي.. كما سبقتها في خطف المشاهد.
** إن ما قلته هنا.. هو مجرد مقدمة سريعة عن الإخبارية.. وبقي لي.. عدة نقاط.. لعلي أسوقها في الحلقة القادمة إن شاء الله أبرزها:
** الإخبارية بسواعد سعودية فقط.
** الإخبارية.. كيف غطَّت الأحداث الأخيرة؟
** كيف استقطبت كل شرائح المجتمع.
** كيف استطاعت استقطاب الفقهاء والدعاة والخطباء؟
** كيف تحوَّلت برامجها إلى منتديات كبرى يثريها عقول المفكرين والأكاديميين والخبراء؟
** كيف استطاعت أن تصل إلى كل حدث؟
** كيف أرْغَمت القنوات الأخرى على قول الحقيقة؟
ونقاط أخرى سأسوقها غداً.. إن شاء الله.
|