في مثل هذا اليوم من عام 1948 قدم الرئيس التشيكي إدوارد بينز استقالته من منصبه حتى لا يعترف بالدستور الجديد للبلاد الذي يجعلها دولة شيوعية.
غيبت استقالة بينز آخر رموز الحكومة الديموقراطية، وفتحت الطريق أمام إقامة نظام حكم يسيطر عليه الشيوعيون في هذه الجمهورية.
كان بينز، وهو شخصية تشيكية تحظى بشعبية واسعة، قد انتخب عام 1946 (رئيسا مدى الحياة) لتشيكوسلوفاكيا.
وبعد انتخابه مباشرة تعرض لضغوط كبيرة من جانب الحزب الشيوعي من أجل تبني سياسة خارجية موالية للاتحاد السوفيتي وسياسات اقتصادية شيوعية.
تنامت قوة الحزب الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا خلال عامي 1946 و1947 حيث استفاد الحزب من الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي خلفتها الحرب العالمية الثانية التي كانت قد انتهت قبل عام واحد، بالإضافة إلى سياسة القبضة الحديدية التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تشيكوسلوفاكيا حيث هددت نظام حكم بينز بفرض عقوبات اقتصادية على بلاده إذا لم يطرد العناصر الشيوعية من تشيكوسلوفاكيا.
وفي فبراير عام 1948 نفذ الشيوعيون انقلابا سياسيا وطردوا أحزاب المعارضة من الحكومة. ولكن الحزب الشيوعي سمح لبينز بالبقاء في السلطة اعتقادا منهم أنهم يستطيعون استخدام شعبيته ومكانته الرفيعة لدى الشعب التشيكي من أجل إحكام قبضتهم على السلطة.
وفي مايو 1948 أعد البرلمان التشيكي الذي يسيطر عليه الشيوعيون دستورا جديدا مصمما لخدمة مصالح الحزب الشيوعي.
وكان هذا الدستور بالنسبة لادوارد بينز بمثابة المسمار الأخير في نعش علاقته مع الشيوعيين. ففي السابع من يونيو 1948 أصدر بيانا أعلن فيه استقالته، وبين في البيان أنه استقال لأسباب صحية، ولكنه في ختام البيان أشار بقوة إلى معارضته للدستور المقترح. وأعرب عن تمنياته أن (يتجنب الشعب كل الكوارث وأن يستطيع الحياة والعمل معا بتسامح وحب وصفح، وأن نتركهم يضمنوا الحرية للآخرين ويستمتعوا هم أنفسهم بالحرية).
وبعد استقالة بينز بقليل تولى رئيس الوزراء الشيوعي كليمنت جوتفالد الرئاسة.
وقد استقبل المعسكر الغربي استقالة بينز باعتبارها أمرا مؤسفا لكنها كانت حتمية في ظل سيطرة الشيوعيين على الحكم في تشيكوسلوفاكيا.
وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا عن استيائهما العميق بسبب استقالة بينز وإدانتهما القوية لأساليب الحزب الشيوعي.
ولم تكن لا الولايات المتحدة ولا بريطانيا تستطيع أن تفعل أكثر من مجرد بيان الإدانة لتغيير الموقف حيث كان خيار التدخل العسكري غير مطروح من الأساس.
وقد استمرت سيطرة الحزب الشيوعي على الحكم في تشيكوسلوفاكيا حتى قيام ما تسمى (بالثورة المخملية) التي أطاحت بنظام الحكم الشيوعي عام 1989 وتقسيم الدولة إلى جمهوريتي التشيك وسلوفاكيا.
|