تعتبر السمنة حالة عامة تعاني منها المجتمعات الحديثة, فأنواع الأطعمة السريعة, وتوفر المواصلات المريحة, والجلوس لساعات عديدة أمام شاشات التلفاز والكمبيوتر والأتاري.. كل هذه العوامل وغيرها قامت بتضخيم مشكلة السمنة في مجتمعاتنا, والسمنة هي ليست فقط مشكلة تهدد هيئة الإنسان وقوامه ومتابعته للألبسه والموديلات الجديدة.. ولكنها مشكلة حقيقية تهدد صحته البدنية والنفسية أيضاً.
وعليه تجد الناس يتسابقون في الحصول على أنظمة الريجيم أو مايعرفونه بنظام الحمية, لعلهم يصلون لحل لهذه المشكلة المتفاقمة, ومن هنا كان للطب كلمته في هذا الموضوع المهم.. وإن كان لايبدو لكثير من الناس أنه على قدر هام وحيوي!!
هل تعلم بأن أنواع الريجيم المختلفة لاتنفع ؟!
نعم كما أقول لك.. إن القصة تتكرر حيث إننا نقوم باتباع ريجيم يعتمد على تحديد تناول الكربوهيدرات والسعرات الحرارية في الطعام, والذي يحصل أن يتم تحقيق فقدان مؤقت لبعض الكيلو جرامات, والتي غالباً ماتعود مجدداً للجسم بعد فترة من الزمان, ويحصل الإحباط, وليس صعباً فهم ذلك.
إن4/3 الوزن المفقود في نظم الريجيم هو الماء.. نعم وليس الدهون فعند اتباع نظام الريجيم فإننا نقوم بحرق مخزون الجليكوجين الذائب في جزئيات الماء, حيث يختزن كل جرام من الجليكوجين 3 جرامات من الماء !! هذا أولاً.
وثانياً.. فحالة الريجيم هي حالة مجاعة مصطنعة تعدم الجسم, فيتفاعل معها بأن يعدل من نظام الحرق الأساسي للغذاء BMR, فيقوم بتخفيضه للمحافظة على مخزون الجسم ، وبعد أن ينتهي نظام الريجيم فإن معدل الحرق يبقى بطيئاً لفترة أسابيع مما يجعل الطعام البسيط يختزن بشكل كبير بدلاً من أن يحرق.
وهكذا نفهم النقص السريع في الوزن, وكذلك نفهم معاودته بسرعة وهذا يقودنا إلى فشل نظرية الريجيم بصورتها الحالية, وأنه لابد من إجراء بعض التعديلات لنحصل على النتيجة المطلوبة.
الفكرة تتلخص ببساطة بأن نعيش بشكل طبيعي, ولكن هناك بالطبع بعض القواعد والأنظمة ولابد قبل ذلك من تهيئة ذهنية لنظامنا المعيشي:
فبادىء ذي بدء لابد أن تشعر بأن السمنة تضايقك لدرجة أنها تؤثر على كثير من مواقفك الحياتية, وأنه قد حان وقت التغيير, وليس معنى ذلك أن تبدأ من فورك بذلك, ولكن ربما تختار موعداً مناسباً للبداية سواء كان ذلك ذكرى جميلة أوموقفاً عصيباً.
لابد أن يكون مثل هذا القرار هو رغبة داخلية في نفسك, وليس بسبب انتقادات الآخرين أو تهكماتهم, ومثل هذه الرغبة تنمو عند جني الفوائد, لاتكن خيالياً في توقعاتك فربما لن تصبح نجماً سينمائياً يتهافت عليه المعجبون, ولكن يمكنك أن تجلس على كرسي لتتابع فيلماً وأنت مرتاح.
لابد أيضاً أن تقاوم بعض تقاليد المجتمع, فالناس يعتبرون السمين أكثر وجاهة وأكثر جدية من غيره, وأيضاً هناك نساء تخشين النحافة لأن أزواجهن يحبون السمينات أو مخافة أن يبدأ الشباب الطائش بالتحرش بها في الطرقات.
ولكن ماهي الخطة الجديدة؟
الخطة الجديدة تحتاج إلى نفس طويل ومفتاحها إجراء تغييرات بسيطة على النظام الغذائي والنظام الحركي ولكنه تغيير دائم, ولذلك لابد لهذه التغيرات أن تكون قابلة للتعايش, مثلاً ربما لاتستطيع الهرولة في كل صباح, ولكن يمكنك أن تصف سيارتك بعيداً قليلاً عن بيتك بعمارة أواثنين ثم المشي إلى البيت, ربما يبدو هذا التغيير سخيفاً ولكنه حين يكون دائماً فإنه تغيير حقيقي, لذلك قم بعمل قائمة بمثل هذه التغييرات ثم صنفها من الأسهل إلى الأصعب, ثم انتقل للتنفيذ ولكن لاتدخل تغييراً جديداً إلا بعد مرور 6 أشهر على التغيير السابق حيث يصبح التغيير السابق عندها جزءاً من حياتك بعد مرور 6 أشهر عليه.
هناك بعض الأمور العملية التي يجب استجلاؤها لنبدأ في التغيير:
أولاً الواقعية : ليست الواقعية أن تخسر 20كجم في الشهر ولكن أن تخسر 2كجم, هذه الـ 2 كجم صدقني لن تعود.
ابتعد عن الريجيم فلن يفيدك كثيراً.. كن متسامحاً مع نفسك ولاتعنفها بصفات مؤذية مثل (أنا برميل) أو (ثلاجة بقدمين) ، ولكن أصلح الخلل بتدرج.
هناك نصيحة للنساء بأن ينسين عارضات الأزياء.. فهن حقاً هزيلات ولسن ذات قوام صحي.. ولكنه الإعلام الذي يسوق الجمال على أنه مرادف للهزال.
كثير من الناس يتهم العوامل الوراثية كمسببات للسمنة.. ربما يكون هناك علاقة, تذكر دوماً بأنه لاحاجة للتسجيل في ناد, ولكن فقط كن أكثر نشاطاً, ولتعلم أن هناك رياضتان سهلتان هما المشي والاعتناء بالحديقة.
وفي النهاية يبقى أن تضع خطتك لتشمل الغذاء, والتمارين وتابع ذلك بتسجيل وزنك أسبوعياً, ولتعلم أن الهدف الأول هو المحافظة على وزنك لمدة 6 أشهر ثم يبدأ وزنك بالنقصات تدريجياً, وأخيراً ننصحك بأن تكافىء نفسك على كل تقدم وإنجاز وليكن التوفيق حليفك.
( * ) طبيب مقيم في الجراحة العامة |