Monday 7th June,200411575العددالأثنين 19 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

لماذا دعونا لك بالشفاء يا أمير الخير؟ لماذا دعونا لك بالشفاء يا أمير الخير؟
صلاح السوداني

مضى أكثر من عقد من الزمان، لكن الحدث ظل عالقاً بذاكرتي كعلامة بارزة في رحلة الحياة.. صديق أنهكه الأرق، فجاء يدق بابي في ذلك الوقت المتأخر من الليل.
لقد ضاقت به الدنيا، أظلمت أمامه بعد ان كان به ظلم مؤلم أفقده وظيفته ذلك اليوم.
ولم يكن ما غمه هو مصيره، وانما مصير أسرته وإخوته الذين يعولهم، وتغرب من أجلهم بعد أن توفي والدهم.
قلت له إنه من حسن حظه أنه حين يتمنى الناس في البلاد الأخرى من حكامهم أن يقللوا من سيئاتهم فإن الناس هنا يجدونهم يزيدون من حسناتهم، وحين تحصن أولئك في قلاع محصنة، فإن أولي الأمر هنا أبوابهم مفتوحة لكل ذي حاجة, وأشرت عليه أن يذهب إلى الأمير سلطان.
عدت من عملي في المساء لأسمع طرقاً متصلاً بالباب كأنه يستحثني أن أسرع.. كان صديقي.. لم يتكلم، وإنما عانقني ثم اندفع نحو أريكة وهو يجهش بالبكاء من شدة الانفعال، لكن الانشراح كان بيِّناً في أسارير وجهه.
سألته.. ماذا حدث.. استجمع أنفاسه، ثم بدأ يحكي.. ذهبت إلى الأمير، وعرفت أنه سيخرج من مكتبه ليركب عربته، فانتظرت بجوارها حتى إذا أقبل اندفعت نحوه وأنا أقول: جئت أطلب الحماية من الله ثم منك.. الحرس حاولوا منعي، لكنه أمرهم أن يتركوني.. اقتربت منه، وأعدت عبارتي لأرى ما حاول أن يخفيه عن الآخرين، فقد رأيته يجاهد دمعاً لا أشك أنه كان من خشية الله.. وقال لي وكأنه هو الذي يتوسل إليّ: لولا أني لاحق باجتماع عاجل لمجلس الوزراء لجلست واستمعت لمشكلتك.. لكن اطمئن يا ابني، سأترك معك من يسمعها من الألف إلى الياء، ويخبرني بها فور عودتي إن شاء الله، وإن شاء الله سيطيب خاطرك، وبعون الله لا تعود إلى أهلك إلا وأنت راض ونفسك مطمئنة.. ثم غادر بعد أن أسرّ بشيء لأحد معاونيه.
أخذني مساعده إلى مكتبه، وسردت له ما حدث، أنا أتكلم وهو يدون ما أقوله دون أن يقاطعني، حتى إذا انتهيت قال لي: لقد كلفني الأمير ألا تخرج إلا وأنت مطمئن البال.. و.. و.. ولم أغادر إلا وأنا احمل ورقة تعيدني لعملي، وتعيد لي مكانتي وكرامتي.. كم كنت تعيساً يائساً بالأمس حتى شعرت وكأن الحياة تلفظني، واليوم عادت لي ثقتي بأن الدنيا مازالت بخير، فاللهم لك الحمد والشكر، واللهم أحسن إليه فقد أحسن إليّ.. ثم تنهد صاحبي كأنهم أزاحوا حملاً ثقيلاً كان جاثماً على صدره.
قصة من مئات القصص المشابهة جعلتنا ندعو لك بالشفاء يا سلطان الخير والرحمة، وحين دعونا لك بالشفاء كنا كما قال الشاعر يمدح عمر رضي الله عنه:


ما آثروك به إذ قدموك له
لكن لأنفسهم كانت بك الأثر


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved