إن الحديث عن الشخصيات المهمة في هذا الوطن ليس بالأمر السهل؛ لأنه يعتمد على مقومات كثيرة يتطلبها التوثيق المعلوماتي.. وهذه الأمور عادة تستخدم في الإجراءات الرسمية التي يفرضها الموقف.. أما بالنسبة للانطباعات الشخصية فالأمر يعود لكاتبها، والذي في بعض الأحيان تحكمه ظروف معينة يصعب التعامل معها بشكل جيد، خصوصاً إذا أراد التحدث عن شخصية ما، فسوف يكون متردداً في مفاتحتها وأخذ معلومات عنها لعلمه أنها سوف ترفض؛ لأن الكثير من هذه الشخصيات لا تحب الأضواء.. وهذا ما ينطبق على الفريق محمد بن عبدالله الطويان، الذي أحبه أبناء هذا الوطن بدون استثناء، حيث إنه رسخ حب الوطن والذود عنه من خلال عمله في القطاعات الأمنية القيادية التي تولاها، سواء كانت في المديرية العامة للجوازات والإدارة العامة للسجون وكلية الملك فهد الأمنية.. وقد ركز في ذلك على الكفاءات العلمية من العسكريين والمدنيين لإيمانه بأن الوطن دائماً يعتمد على أبنائه لاسيما المتخصصين منهم الذين استشرفوا المستقبل ويتطلعون دائماً إلى التطور والتقدم.
وقد تحدث إليَّ أكثر من شخص من هذه الكفاءات الذين عملوا تحت رئاسته في قطاعات مختلفة، وبينوا انطباعاتهم الشخصية عن فن القيادة التي يتمتع بها، والتي تصب في تطوير الكفاءات العاملة علمياً وزيادة الدورات التدريبية لهم لمواكبة التطورات السريعة في العالم؛ لأنه يؤمن بأن فلسفة حب الوطن ليست كلمة تقال، وإنما ترجمتها إلى أفعال.. فكلما أدى الإنسان العمل المُسند إليه بشكل متقن وجيد، انعكس إلى عطاء وتضحية في خدمة الوطن.
وكلية الملك فهد الأمنية تعتبر المكان البارز لأعماله لأنها جهة أكاديمية تُسهم في إعداد رجل الأمن الكفء الذي تسلح بالعلم والمعرفة، حيث إنه في هذه الكلية استطاع الاستفادة من الكثير من الطاقات المؤهلة لتطويرها.. البعض منها تم استقطابها من قطاعات أخرى والبعض الآخر من محيط الكلية.. وقد انعكس هذا على جودة الأداء من خريجيها مما سهل عليهم فرصة مواصلة دراساتهم العليا في جامعة نايف العربية.. كذلك لم يغب عن باله الاهتمام بالبحث العلمي، حيث إنه اهتم بهذا الجانب كثيراً.. وقد صدرت الكثير من الأبحاث حول هذا الموضوع، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر (الكفاءة العسكرية والتربوية للتدريب العسكري بالمشاركة القيادية الذاتية) في كلية الملك فهد الأمنية.. أيضاً من الأمور التي تُسجَّل له تفاعله مع فكرة تخفيض مدة سجن الحق العام لمن حفظ القرآن الكريم أو أجزاء منه، حيث إنه طرحها على سموّ وزير الداخلية الذي باركها ورفعها إلى المقام السامي لإقرارها.. كذلك لم يغب عن باله خدمة الوطن من خلال الأعمال التطوعية لاسيما في المجال الرياضي، حيث إنه عمل سنوات طويلة في الاتحاد الرياضي للكاراتيه والتايكوندو، وقد أعطاه من وقته وجهده الشيء الكثير، مما انعكس على انتشار هذه اللعبة في مملكتنا الغالية. وقبل ان أختتم هذه المقالة، أحب أن أشير إلى نقطة مهمة في حياة هذه الشخصية خصوصاً بعد تقاعده، حيث آخر وظيفة أُسنِدت إليه مستشار لسموّ وزير الداخلية.. فشخصيتنا فيها الكثير من العبر.. فعندما نقرأ في حياتنا العامة نجد فئة بعد تقاعدهم من العمل ينساهم الكثير ممن عملوا معهم نتيجة لسلبياتهم وعدم تفاعلهم مع متطلبات الوظيفة بشكل مطلوب ومراعاة الجوانب الانسانية.. أما شخصيتنا هذه فاستطاعت ان تملك قلوب من تعامل معها، والشاهد على ذلك العشرات الذين يتوافدون على منزله كل يوم أحد من كل اسبوع، ومن مختلف شخصيات المجتمع العسكرية والمدنية المثقفين والعاديين.. كل واحد منهم يُعبِّر، من خلال حرصه على التواجد في هذا اليوم، عن انطباعاته الوجدانية وحبه لهذه الشخصية الفذة والاستفادة من الأفكار البناءة التي يتم تداولها بين الحاضرين، ووسط هذه المشاعر الجياشة من الحضور التي تقابل منه بالاحترام والتقدير والتي يعبر عنها من خلال ابتسامته وملاطفته لهم وتقديم واجب الكرم والضيافة العربية الأصيلة.
|