ليس في ديننا الإسلامي الحنيف غمغمة ولا همهمة، ولا تلبيس ولا تدليس وإنما فيه وضوح وبيان، وصفاء وصدق وبرهان، وليس في ديننا نقص يحتاج إلى إكمال، أو خلل يحتاج الى اصلاح لأنه دين كامل شامل بنص القرآن الصحيح، والسنة الثابتة الصحيحة، وجميع ما يجري قديماً وحديثاً من شروح وفتاوى ودروس إنما هو من باب توصيل كمال الدين الإسلامي وشموليته إلى افهام الناس، وتقريب تعاليمه ومعانيه من عقولهم ونفوسهم ليطبقوا دينهم على بصيرة وهُدى بعيداً عن تعليلات وتفسيرات وتأويلات أصحاب الشبهات والأهواء الذين لا يخلو منهم زمان ولا مكان.
ونحن في هذه المرحلة نعيش حالات صراع عنيفة بين كمال دين الاسلام ونقص غيره من الأديان، وبين شمولية تعاليمه الصالحة لكل زمان ومكان وانتقائية المذاهب والأحزاب البشرية القاصرة التي تحاول أن تنصب نفسها بديلاً من دين الله الحق في توجيه حياة البشر.
ولا شك لدى المتابع أن من أهم ميادين الصراع التي تدور فيها معارك الآراء والأفكار المتعارضة ميدان (حرية المرأة) بكل ما يحمله هذا المصطلح من معانٍ وأفكارٍ مختلفة تصل الى درجة التناقض والتصادم، وهذا الميدان ساخن ملتهب، والحوارات التي تدور بين المتبارزين فيه من الرجال والنساء ما هي - غالباً - إلا صراعات ومصادمات تزكيها المحافل والمؤتمرات، وتؤججها وسائل الإعلام المتعددة التي تقف - بصورة عامة - في صف فريق دون الآخر بكل ما أوتيت من أساليب التأثير فيمن يقرأون ويشاهدون ويستمعون وهنا تكمن مشكلة (مشاركة المرأة) في الحياة العامة والخاصة التي تطرح على أنها القضية الكبرى التي يجب ن تُحسم بما يريد أصحاب المذاهب والأحزاب البشرية الذين لا ينظرون الى تعاليم الدين الاسلامي نظرة منصفة، ولا يفكرون - أصلاً - في استصحاب الشرع الغلهي وتوجيهاته في هذا الميدان المهم الذي يديرون صراعهم فيه.
لقد أصبحت المسألة (حُمَّى) توشك أن تتحول الى جرثومة معدية يميزها عن غيرها من الجراثيم أنها لا تجد من يديرون الأمر في العالم اهتماما بتوعية الناس بخطورتها، ولا ببذل جهود للتطعيم الواقي منها، وكيف يفعلون ذلك وهم الذين يستنسخون جراثيمها وينشرونها في كل مكان.
عندنا - نحن المسلمين - من وسائل الحماية من تلك الحمَّى ما هو كفيل بقتل جرثومتها، وايقاف انتشار دائها، فكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدِّمان لنا من الوسائل الصحيحة الناجحة ما يضمن سلامة مجتمعنا منها، ولكن ذلك مرهون بصدقنا في استخدام هذه الوسائل، وعدم انسياقنا وراءَ الذين لا يتوقفون عن نشر جراثيم ضلالهم في كل مكان.
(المرأة شقيقة الرجل) هذا شعار اسلامي واضح تتهاوى أمامه جميع شعارات الباطل ودعاوى تحرير المرأة الكاذبة.
لم يحلُ الإسلام بين المرأة وبين مشاركتها في الحياة العامة والخاصة، بل إنه ضبط ذلك بضوابط المصلحة البشرية، وحدد لها أفقاً فسيحاً من الحشمة والعفة التي لا انحراف معها ولا انجراف.
وهنا يبرز جانب (التقوى) عند المسلمين والمسلمات، فلا يقف الرجال في طريق ما شرع الإسلام للمرأة من حقوق المشاركة النافعة في الحياة، ولا تسعى النساء الى كل سراب له بريق تظن أنه الماء الذي تبحث عنه لتطفئ ما تجده من عطش، ولا يذهبن في تفسير معنى مشاركتهن كل مذهب، فيسمحن لأنفسهن بخوض الميادين التي نهى عنها شرع الله الحكيم.
لقد ظهرت بوادر تدل على أن الخلل يسري في هذا الميدان، حيث اختل ميزان الحجاب الشرعي عند كثير من المسلمات اختلالاً يدلُّ على التأثر بتلك الجرثومة المسببة للحمَّى الخطيرة، فأصبح المنديل المزركش المتواري خجلاً صورةً شوهاء لتغطية الرأس عند بعضهن، وأصبح الصوت المتكسر المتثني في الحديث تفسيراً زائفاً لمعنى (صوت المرأة ليس بعورة) عند بعضهنّ، وأصبحت الحوارات الفضائية التائهة المصحوبة بالنكت والطرائف، والضحك العالي والمنخفض تطبيقاً غير صحيح لمعنى (مشاركة المرأة) عند البعض الآخر.
إنَّ وضوح شرعنا الحكيم الذي أعطى للمرأة والرجل حقوقهما كاملة غير منقوصة يدعونا - رجالاً ونساء - إلى الوقوف عند حدوده التي ترسم معالم واضحة لأفقه الفسيح بعيداً عن الاستجابة (البلهاء) لدعاوى العولمة و(العصرنة) التي تنادي بما لا ينفع ولا يحفظ البناء الحضاري الراقي.
إشارة
من باع نفسه للشيطان صَعُبَ عليه أنْ يستردَّها.
|