بعض الناس.. دائماً متوتر.. ودائماً قلق.. ودائماً مقطب الحاجبين.. ودائماً متحسس من هذا وذاك.. ودائماً.. ضائق بهذا وذاك.. ودائماً.. يتهم هذا وذاك.. ودائماً يُفسِّر الأمور بغير واقعها.. ويعطيها أكبر من حجمها.
** ودائماً هو متشائم وملتهب.. ودائماً لا يرى.. إلا الوجه السيئ.. ولا يحسن الظن بهذا أو ذاك..
** ودائماً يحمل المحمل الأسوأ ودائماً.. هو في حالة شك وريبة.. ودائماً.. (نفيسته على طرف خشيمه) ودائماً.. (شايل الدنيا.. على رْوِيْسِه).
** هذا جزء من صفات بعض البشر.. ولذلك.. فهو معزول.. لأنه خسر الناس كلهم..
** ليس له صديق.. لأن كل الناس حوله.. نالهم ما نالهم من الشكوك والاتهامات والتقريع والتوجس والمخاصمة.
** هذا الإنسان القلق المتوتر المتوجس الشكوك.. هو في حالة عزلة.. حتى داخل بيته.
** تجد حتى زوجته وأولاده وأقرب الناس إليه.. يعانون من هذه الوضعية.
** هي بالفعل.. حالة مرضية.. وحالة تستدعي علاجاً.. لأنها تترك انعكاسات خطيرة.. وتترك آثاراً مدمرة.
** فالأب الذي يتصف بهذه الصفات.. يتعب أولاده ويدخلهم في دوامة مشاكل.. مع أنه يُفترض في الأب دوماً.. أن يميل إلى استعمال اللين والهدوء والرقة والتلطف مع أولاده.. وإلا.. لأصبحت الأمور كلها مخيفة.
** هذا الإنسان القلق.. يتوتر لأتفه الأسباب.. وإذا أثير.. جاء بكل ما في (المحفظة) من قواميس الشتم.. والسب.. وما يصلح وما لا يصلح.. وما يجوز وما لا يجوز.
** وإذا ثار.. أوسع من حوله بكلمات قاسية.. وأدخل نفسه في دوامة مشاكل.
** في المكتب.. علاقاته مع زملائه.. كل زملائه.. متوترة.. بل مقطوعة.. وإذا دخل عليهم.. سكتوا كلهم.. لأنهم لا يريدون الاحتكاك معه.. أو يخافون الاحتكاك معه.. وتجد له اسماً.. أو (عيارة) بينهم.. فيقولون.. جاء فلان.. أو ذهب فلان.
** وفي الشارع.. يختصم مع كل سائق.. ويتشاجر مع كل مَن حوله.. ويدخل في عراك ومضاربات وخصومات.. وتجد له أكثر من ملف في الشرطة وفي المرور وفي كل مكان.. بل ربما له ملف في المستوصف وفي قسم الإسعاف.
** وفي منزله.. هو كالأسد.. لا يريد أن يتكلم أحد أو يناقشه أحد.. أو يسأله أي أحد.. أو يقول له كلمة واحدة.. و(ابتعد عن الشاحنة.. ألف قدم!!).
** في المنزل.. الكلمة له فقط.. وكلامه (زْعاق) ولكل واحد من أبنائه اسم (قاسٍ) أو (عيارة) قاسية لا يناديه إلا بها.. وإن لم يتوفر له (عيارة) ناداه باسمه مصغراً.. أو ناداه باسم حيوان..
** نحن نعتقد.. أن هذه حالة مرضية صعبة قد يعجز أو يفشل أمامها الطب النفسي.. وحتى (الْعِرْقاة على الهامِه) لأنها ربما تكون حالة مرضية مستعصية.
** وهذا الصنف من الناس.. لا يناقش ولا يحاور ولا يأخذ ولا يعطي.. ولا يسمع.. بل هو الصح فقط.. والآخرون كل الآخرين خطأ.
** وفي غمرة هذه النظرة المريضة له.. تجد كل أموره.. خطأ.. وكل أموره (معفوسة).. وكل أموره.. في الحضيض.. وكل أموره منحاسة.. وحتى (ثْوِيْبِه.. وشْمْيغِه.. ونْعِيلاتِه.. منحاسة) وكل هذا.. من (قِشاْرتِه) أو (قرادته) ومرة أخرى.. (ابتعد عن الشاحنة... ألف قدم).
|