حينما خططت حكومتا المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين لتنفيذ جسر يربط بينهما، كان ذلك مجرد حلم لمواطني البلدين، ولكن بإصرار قيادتي البلدين وحكمتهما وعزمهما تحقق هذا الحلم وأصبح واقعاً، وتمكنتا بعون الله من إنشاء جسر الملك فهد الذي يقف اليوم صرحاً شامخاً وشاهداً على تحقيق أمل ظل يراود شعبي البلدين في الربط الجغرافي بينهما ليضيف بذلك رابطاً جديداً إلى الروابط القائمة بينهما في جميع المجالات.
إن الاحتفال بمرور مائة مليون مسافر على جسر الملك فهد لهو خير دليل على جدوى هذا المشروع الحيوي الهام ونجاحه. فالمشروع افتتح في شهر نوفمبر من عام 1986، أي أن عمره حوالي 17 سنة، وعبور 100 مليون مسافر عليه خلال هذه المدة البسيطة من عمره الزمني، يعني في المتوسط عبور 9.5 مليون مسافر سنوياً و16 ألف مسافر يومياً وأن ذلك يعد أصدق دليل على موفقية حكومتي المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ونجاح جهودهما في تسهيل عبور المسافرين عليه.لقد استطاع هذا الجسر الذي يمثل شرياناً ممتداً بين شقيقتين عريقتين أن يجسد للعالم أجمع ما يجمع بين هاتين الشقيقتين من حضارة وتاريخ موغل في القدم وما يربط بين شعبيهما من وشائج وأواصر مودة. كما يجسد جسر الملك فهد الجهود المبذولة نحو تمتين العلاقات الأخوية وزيادة الترابط والتواصل بين جارين عزيزين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية والاجتماعية، إضافة إلى ما يمثله من دلالة وعلامة في توثيق الصلات وتحقيق الأهداف الخيرة لمسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تحقيق المزيد من التلاحم والترابط بين دول المجلس وشعوبه.
إن المتأمل لهذا الإنجاز التاريخي ولهذا الكم الهائل من المسافرين الذين عبروا فوقه خلال الفترة القصيرة في عمر الزمن، يجد أن جسر الملك فهد قد استطاع أن يعبر بنجاح عن الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع الحيوي الهام كما يلمس من خلاله الود والمحبة المتوطدين في قلب كل بحريني وسعودي وهما يمران فوق هذ الصرح العمراني الرائد في المنطقة لينتقل كل منهما إلى ضفة جاره الشقيق الذي يكن له ولبلده وقيادته كل مودة واحترام وتقدير ليشعر أنه في بلده الثاني إن لم يكن في بلده وبين أهله وأشقائه الذين يكنون له كل مشاعر الترحيب والتقدير.
وإنني إذ أنتهز هذه الفرصة الغالية لأتشرف برفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وإلى حكومتيهما الرشيدتين برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر بمملكة البحرين وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية وإلى شعبيهما الشقيقين، متمنياً للبلدين العزيزين تحقيق المزيد من الإنجازات والمشاريع المشتركة التي تحقق التكامل وتعزز العلاقات الشقيقة بينهما وترتقي بها إلى أعلى المستويات لتبقى دائماً علامة بارزة للمحبة بين بلدين وشعبين شقيقين ومحبين.
(*)الأمين العام لمجلس الوزراء |