مبادرة تستحق الإشادة تلك التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل عندما عقد لقاءً حوارياً مفتوحاً بقصر سموه مع عدد من الشباب المفحطين حضره عدد من المسئولين.. ذلك الاجتماع يعبِّر عن أسلوب جديد في التعامل مع الشباب الذين لهم سلوكيات مخالفة ويؤكد مالدى المسؤولين من صبر وأناة في التعامل مع قضايا الشباب، ففكرة الحوار بحد ذاتها فكرة رائعة مع شباب يجدون الوقت الكافي للعبث والوقت الكافي للتهور.. شباب يضعون أرواحهم على كفوف عفاريت الاسفلت يهدرون أوقاتهم، ويعرِّضون الآخرين للخطر، الحوار معهم في غاية الأهمية خصوصاً اننا نعرف أن هناك اجراءات مشددة تطبق منذ سنوات بحق المفحطين ومع ذلك لم تنجح في الحد من هذه الظاهرة.
التفحيط هو تعبير عن الذات وهو استعراض لمهارات فردية في قيادة السيارة.. صحيح أنها مهارات يُعاقب عليها النظام، ولكنها تبقى مهارة يملكها شاب يريد أن يعبِّر من خلالها عن نفسه وعن شطارته، لن تنفع معه كثيراً عبارات النصح المجردة والتي غالباً ما يبثها الكبار للصغار بتلك الصيغ المكررة منذ ان عرفت البشرية ثقافة النصائح الجاهزة الصنع والمغلَّفة بالحرص الصادق على المصلحة والمحشوة بالحكم والأشعار والأمثال التي قالها الأوائل!!
الحوار مع المفحطين لسماع وجهة نظرهم هو بمثابة خطوة بدأها أمير منطقة حائل وهي سنَّة حسنة ومن المفترض أن يكملها المجتمع بخطوات أخرى، فالمجتمع عليه أن يوفر البدائل التي تقوم بتحويل نشاط وطاقة المفحط إلى مجهود إيجابي يُصب في مصلحته ومصلحة المجتمع.. النشاط البديل يُفترض فيه أن يحقق نفس المتعة ونفس الإشباع لكي تتحقق فيه اشتراطات صفة البديل وان يكون مرغوباً من قِبل الشباب ويكون لهم حرية الاختيار فيه أو في نوعية برامجه!
قبل سنوات نشرت الصحف خبراً احتفظت به لأهميته في مثل هذه الحالات ويمكن أن يكون نموذجاً للعمل به مع مثل هذه الفئات الشبابية.. الخبر يقول: إن عدداً من شباب قرية بريطانية كانوا فقط يتسكعون في شوارع القرية ويثيرون المشاكل والمشاغبات ولكن إحدى المتخصصات في شؤون الشباب طرحت عليهم فكرة مشاركتها في عرض مسرحي، وانتظم أولئك الشباب في التدريبات لعدة أشهر وانقطعوا عن الجلوس في الطرقات.. ويوم عرض المسرحية كان أهالي القرية يجلسون ليروا أبناءهم يعرضون مسرحية اجتماعية مفيدة صفق الجميع بعد انتهاء العرض.
التصفيق مهم للمفحط ومهم أيضاً لكل من يُقدم عملاً يعجب الجمهور! أصبح أولئك الشباب نجوم القرية ولكن ليس كالسابق عندما كانوا نجوماً سلبيين.. الآن أصبحوا إيجابيين يُقدرهم الجميع، ويُشيرون إليهم بالبنان، ويقفون يتحدثون معهم عن دورهم المسرحي.. بهذا البديل الإيجابي تحقق نفس الإشباع الذي كان الشباب يبحثون عنه في إثارة المشاكل والمشاغبات وهو تحقيق الذات والتعبير عنها وهنا حصل نفس التأثير ولكن بشكل إيجابي.
لكن إيجاد البديل يحتاج إلى أشخاص لهم القدرة على التعامل مع الشباب ليس من خلال الفوقية المعتادة وتقديم النماذج الجاهزة بل بفتح آفاق جديدة يمكن أن يجد فيها الشباب أنفسهم ويعبِّرون من خلالها عن مواهبهم.
المطلوب هو استكمال مشروع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل وتعميم هذه التجربة الرائدة والمتمثِّلة بالتحاور ومناقشة الشباب وبمشاركة رجال المال والفكر والتربية، على أننا يجب ألا ننسى ان في المجتمع فئات مختلفة من الشباب غير المفحطين يحتاجون إلى أن نحاورهم ثم نُقدِّم لهم البدائل الإيجابية!!
|