* حوار - حسين بالحارث:
سلطت العملية الإرهابية التي حدثت مؤخراً في محافظة الخبر وراح ضحيتها 22 شخصاً بينهم حارسان أمنيان في إحدى الشركات.. سلطت الضوء على وضع الحراسات الأمنية وأوضاع حراس الأمن التابعين للشركات الأهلية المتخصصة في الخدمات الأمنية، وأثارت حالة وجودهم بلا أية تجهيزات من أي نوع، وحتى بلا تدريب وتأهيل أسئلة عديدة عن ماهية هذه الحراسات ومدى جدية الاستفادة من هذا القطاع واعتباره رافداً أمنياً حقيقياً.
(الجزيرة) أجرت هذا الحوار مع أحد الخبرات في مجال الحماية الأمنية في القطاع الأهلي، وهو الأستاذ حسين بن يافع النعمي العضو المنتدب والمدير العام في شركة (حماية) المتخصصة في تقديم بعض الخدمات الأمنية، وقد تبينت في الحديث العديد من الأمور الخطيرة التي أعلنها النعمي صراحة وبلا مواربة، ومنها صورية الخدمات الأمنية في واقعها حيث تستغلها معظم الشركات لتغطية مطالب مكاتب العمل في التوظيف فتعمد الشركات إلى توظيف عمالة سعودية رخيصة ترمي بها عند الباب سواء كان هذا التوظيف مباشرا أو عن طريق التعاقد مع شركات الخدمات الأمنية، كما اعترف النعمي بأن مجال الخدمات الأمنية رغم الخصوصية التي يفترض أن يتمتع بها إلا أنه أصبح ميداناً لمئات الشركات، بل حتى لشركات غير مرخصة وتعمل في السوق بكامل الحرية لأن الأمر لا يعدو كونه تمثيلية تدر بعض المال، وكشف النعمي في حديثه عن العديد من المشاكل التي تتعلق بتسليح الحراسات وتجهيزها والسماح للحراسات باستخدام اللاسلكي، والحد من فوضى الشركات، وذلك عبر إيجاد ضوابط ومعايير فاعلة وحقيقية تفرض على الشركات المتعاقدة، وعلى الشركات في الحراسات والخدمات الأمنية كشرط أساسي لتكون الحراسات الأمنية المدنية رافداً حقيقياً للقطاع الأمني الحكومي، وفيما يلي الحوار كاملاً:
* دعني بداية أسألك عن جدية العمل ما يسمى بالخدمات الأمنية.. بمعنى هل نستطيع الاتكال في أمن منشأة على شركة من شركات الخدمات الأمنية؟
- الحراسات هي جزء لا يتجزأ عن مسؤولية الأمن العام والحراسات مهمة جداً، ولكن يجب أن تكون أفضل بكثير، وتكون الحراسة مسلحة، وننادي منذ فترة طويلة بضرورة السماح بتسليح الشركات المؤهلة والشركات الموجودة في البلد والمؤسسات لكن الشركات الكبرى التي لديها عدد ولديها تكنولوجيا ومسؤولون سواء كانوا يعملون في العسكرية أو غيرها فإنهم مؤهلون لكن الوضع اختلف تماماً، فهذه الأحداث (أحداث الخبر) نبهت القطاع الخاص بدلاً أن يقول المسؤول عن المنشأة أريد خمسة أو عشرة رجال أمن أصبح يقول أريد منكم حراسة الموقع بالكامل أصبح ينظر إلى مسألة مسح الموقع، وأصبح الوضع وضع جودة.
* ولكن عفواً.. حين نتحدث عن جدية فإن السؤال يظل يبحث عن أجوبة حقيقية عن التدريب والتأهيل لهؤلاء الحراس وأشياء أخرى كثيرة من تجهيزات ومرتبات..إلخ.
- سوف أتحدث عن هذا الموضوع بشفافية أكثر لأنه يهمني ويهمك ويهم كل مواطن، هناك بعض الجهات التي تعمل في ميدان الخدمات الأمنية لا تقوم بالتدريب، وإنما تقوم بوضع أشخاص يرتدون ملابس رجال أمن وتضعهم في الموقع مع العلم أن المسؤولين في الأمن العام في اجتماعاتهم يحثون على التدريب والسعودة واختيار أشخاص جيدين، وهناك مضاربات في عروض الأسعار بين هذه الشركات أوصلها إلى الحضيض مع العملاء من طالبي الخدمات الأمنية، وهذه المنشآت التي تطلب الخدمة هي الأخرى لا تطلبها بهدف الحراسة إنما تطلبها من أجل تبييض ملفاتها في مكتب العمل ليدعوا انهم يوظفون سعوديين وهم يرون أن أفضل طريقة لتجنب موضوع السعودة هو إيجاد أشخاص سعوديين ترمي بهم عند الباب بأرخص الأسعار.
* تعني أن الأمر ليس له علاقة بالأمن؟
- بكل صدق هذا هو الواقع، فالنظرة أصبحت هروباً من مكتب العمل وهروباً من موضوع السعودة عن طريق توظيف حراس الأمن سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق شركات الخدمات الأمنية وأزيدك من الشعر بيتا أنه توجد مؤسسات تعمل في الخدمات الأمنية، ولا تحمل تصاريح، وللأسف أن المسؤولين على دراية بهذا الموضوع.
* كم عدد المؤسسات المرخصة حسب علمك؟
- المرخصة في المملكة في حدود 100 شركة ومؤسسة أمنية، وتعمل منها فعلياً من 60 إلى 70 شركة.
* حسناً ماذا عن تسليح الحراس والستر الواقية وأجهزة الاتصال بينهم البعض وبينهم وغرف العمليات؟
- هذه أشياء يفترض وجودها لدى حراس الأمن, ولكن للأسف الشديد أن العمل في هذا المجال أو التخصص مبني على اجتهادات عشوائية.
وبالنسبة لموضوع الستر الواقية، أرجع وأؤكد لك أن الفترة قبل الأحداث الأخيرة ما هي إلا عملية تكميل وتحصيل حاصل، وأن رجل الأمن المدني يوظف لسد باب مكتب العمل، وليس لحراسة المنشأة، الوضع الآن اختلف وأصبحت الكثير من المنشآت تنظر نظرة ليست للكم بقدر النظرة إلى الجودة والبنية والمواصفات لرجل الأمن، والآن أصبحت المنشآت تطالب بخدمة مسلحة خصوصاً في حراسة المنشآت الكبرى، وأعطيك مثالا لذلك حدث اليوم، وهو أن شركة اتصلت بنا وقالوا حرفياً إذا لديكم حراسة مسلحة فسوف نوقع معكم العقد فوراً لكي نحمي موظفينا.
ماذا توصلتم له بخصوص تسليح الحراس.. أولا: قبل أن ننتقل إلى هذا الموضوع أقول: إنه لا ينفع تسليح ولا ينفع تدريب إذا لم يكن رجل الأمن يتقاضى مرتبا معقولا لكي يعطيك الأداء الصحيح، جميع المرتبات الموجودة في البلد لا تتجاوز 2000 ريال، ونحن ننادي أنه يجب أن يكون هناك تنظيم أكثر ويجب السماح للشركات بالتسليح، وتتحمل المسؤولية في ذلك الشركة كما يجب إيقاف المؤسسات الصغيرة التي ليست لها إمكانات في التدريب أو الادارة او العلم لابد أن ينظر لها نظرة جادة.. فللأسف كل من حصل على ترخيص ودفع 400 ريال جاء واشتغل في البلد، وبصراحة لن تجد الخدمة الصحيحة اذا كان راتب الحارس 1500 أو 1800 ريال، وعنده زوجة وأطفال.. إلخ.. كيف يعيش ويسدد فواتير الكهرباء والماء ويدفع إيجار البيت.. على فكرة عندما نقول مع السلامة للموظف فإنه يقول (مع ستين سلامة) لان هذا المرتب لا يعني شيئاً اذا أراد مثله غداً سيجده بسهولة، ويبقى يتنقل من مكان إلى آخر ولكن بلا فائدة لا له ولا لجهة العمل التي توظفه بهذا الراتب الضئيل.
* هل أوضحت لماذا لا يتم زيادة رواتب الحراس؟
- كما أسلفت.. نحن في سوق فيها مضاربات في الأسعار بصورة فاقدة لكل المعايير، فأجبر على تقديم عروض متدنية تنعكس بدورها على راتب الحارس ولذلك أطالب تدخل الجهات العليا لتحديد أسعار الخدمات الأمنية في القطاعات الخاصة، وذلك من أجل حماية البلد في البنوك والشركات، كما أن ذلك سوف يساهم في رفع رواتب العمالة ويزيد في نسبة السعودة.
بحكم خبرتك في مجال الخدمات الأمنية ماذا تطالب به تحديداً لإصلاح حال شركات الخدمات الأمنية؟
- أطالب بتشكيل لجنة لدراسة أوضاع الشركات لوضع الضوابط التي تحول هذه الشركات من شركات ربحية إلى شركات تساهم في الأمن مساهمة فعلية سواء من جهة الأمن ضد المخربين، أو من ناحية توفير الوظيفة لليد العاملة السعودية بصورة حقيقية ومؤثرة.
كما ينبغي للشركات التي تقوم بتوظيف حراس توظيفاً مباشراً أن تتوقف عن ذلك، لأن هناك فرقا بين حارس أو ناطور، وبين الحارس المدرب الذي يتابع بصورة مستمرة من أفراد متقدمين في هذا المجال.
* هل لديكم معايير معينة للحراس من حيث التأهيل أم أن الأمر هو توظيف أي شخص ووضعه في أي مكان؟
- لدينا مركز تدريب لكن تدريبنا يقتصر على التفاعل والتعامل مع المكان من حيث حفظ المكان من الشغب والمشاكل فمثلاً لو رأى حقيبة في موضع خطأ أو سيارته في مكان ممنوع فيتدربون على كيفية التعامل مع هذه الأشياء، أو اذا حصل حريق في موقع ما ندربهم على كيفية استخدام طفاية الحريق، فنحن ندرب على أشياء أولية لكن لا تدرب على إنقاذ حالة اختناق مثلاً إلا أننا ومنذ نحو سبعة أشهر بدأنا بالتنسيق مع الأمن العام في تدريبات نوعية مثل التدريب على استعمال السلاح.
* لاحظت أنك لم تتطرق في حديثك إلى الغرفة التجارية ومسؤوليتها تجاه الشركات الأمنية بمعنى لماذا لا توجد لجنة لشركات الخدمات الأمنية في الغرفة؟
الغرفة التجارية دورها جيد لكنها بعيدة كل البعد عن الأمن، فاللجنة التي تتكلم عنها موجودة في الغرفة التجارية في الرياض والأشخاص موجودون ويتحدثون ويناقشون ويوصلون صوتهم لوزارة الداخلية، ولكن غرفة الشرقية لم تهتم لهذا الأمر وبصراحة أنا أضم صوتي إلى صوتك, أرجو أن نرى مثل هذه اللجنة وأن تهتم الغرفة بقضايا شركات الأمن.
|