ليس بوسعي هنا، وصف الحالة النفسية التي يعيشها الشارع السعودي اليوم، جراء ما اقترفه (الخوارج الجدد) من حوادث قتل للعباد، وتدمير وإفساد في البلاد، مهددين أمن واستقرار الوطن، غير مكترثين أو مبالين بحياة الناس من رجال أمن، أو مواطنين ومستأمنين بينهم.
* ما لمسته وعرفته عن قرب، يوحي بالسخط والغضب الشديد، وفيه مؤشر قوي، على ردة فعل عارمة، ضد هؤلاء الجفاة الغلاة، الذين جعلوا من أنفسهم، أوصياء على كافة الناس، في دينهم ودنياهم وأخراهم؛ فاختطفوا دين الإسلام، ولبَّسُوا به على العامة، وكفَّرُوا من خلاله، كلَّ من يخالفهم في الرأي، من علماء أو حُكَّام أو محكومين، حتى لم يبق على الدين القويم -في ظنهم السقيم- إلا هم وحدهم، أما غيرهم من المسلمين فهم موزعون حسب قوائم الفرز والتقسيم عندهم، تلك التي ابتدعوها من ثلث قرن، فجعلوا الكل بين: (كافر أو ملحد أو مرتد أو فاسق)..! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* إن لله أنصاراً ينصرونه فينصرهم، ولدينه حماة يحمونه فيحميهم، ولهذا الوطن الكبير غضبة، وأي غضبة، غضبة كبرى..! عرفها قبل هؤلاء الأفراخ من عرفها، وعقلها منهم من عقلها، وسوف يرى الظالمون، أيَّ مُنْقَلَبٍ ينقلبون.
* إن غضبة الوطن لا تدع مجالا لعابث، ولا تترك مكاناً لمداهن أو منافق. هناك سفنية واحدة، تمخر بعشرين مليون مواطن سعودي في خضم هذا الكون الكبير، فإذا ما امتدت يد عابث لتخرقها، قطعت فوراً، ورميت بعيداً عنها، وألحقت بها، تلك النفس الدنيئة، التي كانت تحملها.. هكذا يجب أن يفهم الفجرة والمعتدون الخونة، هذا إذا كان فيهم من يفهم أو يعقل.
* غضبة الوطن، عبرت عنها كلمات الأمير الجليل، (عبدالله بن عبدالعزيز) أكثر من مرة، وترجمتها عيون عربية سعودية حادة، تمتد على أديم التراب الوطني، من الماء إلى الماء، ومن الصحراء إلى الصحراء. وعلى أولئك المدلسين أو المشككين والمبررين، من شرائح (النطيحة والمنخنقة والمتردية وما أكل السبع، نائمة كانت، أو قائمة أو منبطحة) التحديق أكثر في هذه العيون الصقرية، التي تضم في أحداقها العسلية، وطناً بحجم الشمس، وكياناً بغلاء الروح.
* الغضبة الكبرى بدأت، والزجرة العظمى انطلقت، ووطن الناس مثل الناس، يصبر ويصبر، ثم.. يصبر، على أن صبر الوطن مثل صبر الناس، له حدود ثم.. ينفجر حمما وناراً تتلظى، على كل من عاداه أو خانه أو باع واشترى في حياضه..!
* إلى كافة الخوارج الظالمين المعتدين، وإلى كافة الذين نظروا ونفروا وبرروا، أو سكتوا ونافقوا وداهنوا.. اتقوا الله أولاً، ثم اتقوا غضبة وطن عظيم، نلتم من كرامته ووحدته وأمنه.
* يقول ولي العهد، ويردد معه كل الأوفياء في هذه المملكة العزيزة: (لا صمت ولا سكوت بعد اليوم.. الصامت شريك في الجرم).. هذه عبارة وجيزة بليغة كافية، لمن أعطاه الله عقلا يزن به عواقب الأمور.
* الكلام أمانة في أعناقنا.. الكلام سلاح مباح، لمن أراد أن يستشعر واجبه، فيسهم في درء الفتنة، ودفع الأذى، والبناء الإيجابي في جدار الوحدة الوطنية.. هذا هو وقت الكلام المفيد.. إذا لم نتكلم في هذا الظرف العصيب، فمتى نتكلم إذن..؟!
* السكوت خيانة.. خيانة دينية ووطنية عظمى؛ فالساكت عن الحق، هو شيطان أخرس، والساكت في وقت المحنة الوطنية، شريك في صنعها شاء أم أبى.. بل إن الساكتين اليوم، يرتكبون أكثر من جرم في وقت واحد، فهم بسكوتهم وصمتهم على ما يجري من إرهاب ضد الوطن والمواطنين، يعطون إيحاءات على شكل ما بالموافقة والتأييد والدعم، حتى لو لم يكن (بعضهم) كذلك.. وبسكوتهم وصمتهم، المريب هذا، يخلقون مبررات وتفسيرات لأعداء الوطن، أو كأنهم فرحون بما جرى ويجري حتى لو كان (بعضهم) غير ذلك.
* في المسألة الوطنية، تأتي الحال مصيرية، فعندما يتعرض الوطن للخطر، ليس هناك منزلة بين منزلتين، فإما أن نتكلم، فنحن إذن مع الوطن، أو نسكت، فنحن إذن ضد الوطن، ولا شيء غير ذلك.
* الحياد الذي يحاول بعضهم تقمصه، هو منزلة ثالثة أرادوها، خبيثة.. مثل شجرة خبيثة، لا تنبت إلا شراً، ولا تطرح إلا شراً، فليس هناك مخرج من السكوت اليوم، غير الكلام الصريح الواضح، لا الحياد المداهن المنافق.
* في كلام الأمير (عبدالله بن عبدالعزيز) الذي أعقب حادث الخبر المفجع، تأسيس ل(خطاب وطني) جديد، يضعنا كمواطنين، امام مسئولية وطنية كبيرة، عليها تسخير كافة الوسائل الممكنة، للتصدي لكافة الأعمال العدوانية التي تستهدف الوحدة الوطنية، وتسعى إلى تخريب البنى التحتية، وتفتيت اللحمة الاجتماعية، ولن يكون ذلك مجدياً البتة، إذا بدأنا في إصلاحات حقيقية ملموسة، تتناول فيما تتناول، الخطاب الديني، وتستأصل ثقافة الغُلُوّ والتشدد والتكريه، وتؤصل لقضية الوطن من جديد، على أسس علمية بَيِّنَة، من عطاءات المواطن السعودي، وإسهاماته وإضافاته لوطنه، وليس من شيء آخر، مناطقي أو مذهبي أو غيره.
* إن الإرهاب المنظم ضد المملكة، لا يستهدف الحاكم وحده، ولا العالم وحده، ولا رجل الأمن وحده، ولا المواطن وحده، ولكنه يستهدف الوطن كله، ويستهدف المواطنين كلهم.. فالقتل البشع بالرصاص أو التفجير أو النحر بالسكين، طال المدنيين والعسكريين والمستأمنين، الرجال والنساء، الكبار والصغار والأطفال.. والتدمير والتخريب والتعطيل، وصل إلى المباني والمنشآت والمدارس، وطال المرافق الحيوية والاقتصادية وهدد عصب الأمن الغذائي والمعيشي لكل الأسر في المملكة، فهل بقي شيء في مأمن من وحشية الوحوش، وبعيداً عن أيدي البغاة ومصاصي الدماء..؟!!!
* الناس في كل أنحاء الدنيا، يفخرون بأوطانهم، ويفتدونها بأرواحهم، فلا بلاد في هذا الكون أجل من وطن الإنسان، ولا شجاعة لشجاع إذا لم يكن له وطن يسند إليه ظهره، ولا أهل أو عزة أو أمن أو خير وعيش، إلا تحت سقف وطن.. ولهذا كان حبّ الوطن أقوى من كل حجج العالم.
* الكلام (أمانة).. والسكوت (خيانة)، والكل منا في هذه المحنة، سواء من سكت أو لم يسكت، يقف وجها لوجه، امام مصير واحد، في وطن واحد.
وهذا (خطاب وطني) جديد، يؤسس له ولي العهد الأمير (عبدالله بن عبدالعزيز) فهل ننهض بمسئولياتنا كاملة على ضوئه..؟.
fax:027361552
|