في اعتقادي أنه كلما اتسعت المسافة الفاصلة بين دائرة (الدراسة) ودائرة (التنفيذ) على مختلف مستويات الحياة زادت الفجوة الحضارية بين القول والفعل وبالتالي تراجعت أو توقفت (عربة) الحضارة، وهذا - بلا شك - أحد أسس (معمار) الحياة المدنية، فمتى ما داهمته عوامل التعرية ورياح التخلف الحضاري، تراجعت المجتمعات المدنية إلى الوراء، والسؤال الباحث عن حياة (المجتمعات) هو: متى يتم العناق بين (الدراسة) و(التنفيذ) ليولد (القرار) مليء بمقومات (الحياة)، ومستحق لفضيلة (البقاء) ليكبر وينمو في حياتنا ومن أجلنا؟ إن هذا السؤال يجب أن يطرح على الجهات المعنية بالتخطيط لمستقبل أبنائنا الذين دخلوا هذه الأيام (دوامة) الاختبارات النهائية من أجل عيون (الجامعة) خاصة أبنائنا الذين يستعدون لمغادرة (الثانوي) إلى رحاب (الجامعة)، هل أعدت الجهات المختصة لهم برامج توعوية تتجاوز (التنظير) إلى (الواقع)؟ بحيث تمكنهم تلك البرامج التوعوية من اختيار (المستقبل) الملائم لقدراتهم والتناغم مع حاجة الوطن؟ لنخرج جميعاً طلاباً وأسراً ومجتمعاً من نفق (الفشل) السنوي على أعتاب الجامعة والذي يبدأ في - نظري - من (حيرة) الطالب أمام استمارة القبول، مروراً بإصرار (الأسرة) على (تخصص) ما، وانتهاء (المجتمع) الذي يشاهد (فقط) والضحية هو الطالب الناجح بتفوق، وإلا قولوا لي بربكم كم طالباً دخل كلية الطب وغير تخصصه أو (انسحب) بعد فترة؟ وكم من طالب فاز بالهندسة بعد جهد وشفاعات وحب (خشوم) وفرّ هارباً منها بعد زمن ليس بالطويل؟ وكم.. وكم من طالب بقي على مقاعد الدراسة لكنه يحمل عقوقاً تجاه تخصصه؟.. إنها دعوة ليتعرف الطالب قبل اختبار الكلية على ذاته أولاً، وإلا فالضحية (طالب) مبدع لم يجد مقعداً يستحقه أو طالب حجز مقعداً أكبر منه والضحية الأخرى هي (سوق العمل) رغم منشطات (السعودة).. وفي النهاية نعلق آلامنا كلها على شماعة (التخطيط).
|