تقف المعلمة في المدرسة لتدرس للطالبات في الصف الثالث الثانوي.. القصة والرواية وتاريخها والشعر الحديث والنقد البلاغي ونصوص العقاد والمسرحية..
بينما يمنع منعا باتاً تداول القصص والروايات بين الطالبات ولا يسمح بدخول أي من كتب الأدب الحديث والقصص والروايات لمكتبة المدرسة إلا ما كان ذو اتجاه وعظي..
وحين تفكر المعلمة المتحمسة أن تأتي بنموذج رواية أو نص شعري لكي تتم مناقشته مع الطالبات لابد من أخذ الإذن والفسح من أعلى جهة في المنطقة.. بينما تدخل الكتيبات الصغيرة (بالكراتين) وهي تتحدث عن موضوعات مكررة ومتماثلة (لا يتعدى الدماء الطبيعية للمرأة.. وحق الرجل على زوجته وفضل التعدد)! مع أن الطالبة تتلقى هذه المعلومات عبر مناهجها الدراسية!
* ولم تستطع المدارس أن تغير هذا الوضع فكل من يتململ أو يبدي امتعاضاً واستغراباً وسؤالاً وبحثاً عن توازن إيجابي ينوع ثقافة الطالبات ويجعلهن أكثر تفاعلاً مع الحياة مثلهن في ذلك مثل نساء عصور الأدب المزدهرة.. إذ تمثل ذائقة الأدب حقاً إنسانياً عاماً ليس وقفاً على الرجال..
** يجد المحاصرة.. والتهميش.. والاتهامات المعلبة..
** وحتى على مستوى الكليات والجامعات.. تدور الأنشطة الثقافية المنبرية في اتجاهين اثنين هما الاحتفاء بكل ماهو وعظي أو صحي خاص بالمرأة وعدم الاحتفاء بما هو أدبي وإبداعي وتجد الطالبات وقد جفت منابع الأدب في دواخلهن فهن يجدن الاحتفاء باتجاه واحد فقط والتميز يهدى لاتجاه واحد فقط أما ماعداه فهو من لهو الحديث الذي لا يصح الخوض به أو قراءته.. ولاتستغرب ألا تعرف الطالبات أي معلومة عن الجانب الثقافي والإبداعي فهو مغيب تماماً عنها!
** في أبها ثار البعض لاتجاه نادي أبها في إشراك المرأة الأديبة في أنشطته عبر الدوائر التلفزيونية المغلقة واعتبروا ذلك بداية انحلال (!!) علماً بأننا كنا نتعلم قبل نحو عشرين سنة على يد معلمين كفيفين في المراحل المتوسطة وكان الأساتذة يحضرون معنا في الفصول منفردين!!
وتتلقى الطالبات تعليمهن عبر الشبكات المغلقة ويتبادلن مع أساتذتهن المناقشة وكانت نصف مناهجنا في الكليات تتم عبر الشبكات التلفزيونية!
** وتشارك الداعيات بمحاضرات ومناقشات مشتركة مع الرجال عبر الدوائر التلفزيونية فلم يتم التعامل مع الأمر بمكيالين مختلفين.
** في رسالة غريبة وصلتني من مجموعة من طالبات تضمنت حكاية غريبة حدثت في إحدى كليات البنات إذ اُستدعيت زوجة معدد وطُلب منها أن تتحدث للطالبات عن تجربتها مع التعدد وكانت تنصح الطالبات اليافعات اللاتي لا تتعدى أعمارهن الاثنين والعشرين ربيعاً بأن يقبلن الزواج من متزوج وإن ذلك ليس بالأمر السيء كما تظن الطالبات.. وإذا كان ذلك تم فعلاً.. فالسؤال الذي يطرح نفسه:
* لمصلحة مَنْ ألقيت هذه المحاضرة.. وكيف سمح لها بأن تندرج ضمن الأنشطة المنبرية الموجهة..؟
** ومن المسؤول عن صياغة تفكير بناتنا وتوجيهه حسب رغباته وأفكاره..؟
وهل هذا من الدعوة إلى الله.. أو من إصلاح البنات أو تثقيف البنات وإعدادهن للمستقبل..؟
أم هو إعدادهن وتهيئتهن لكي يقبلن بالخاطب المعدد الثري وفوزه بربيع جديد يسرقه من الوقت الضائع في حياته؟!
** إبداع المرأة وتوجيه ثقافتها يحتاج إلى إعادة صياغة..
وإلى أيد أمينة ترعاه وتعطيه حقه كاملاً في الحياة بشتى مجالاتها وليس حصرها في مدار واحد وأفق واحد!
1167الرياض 84338 |