Saturday 5th June,200411573العددالسبت 17 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

يارا يارا
الجنية التي أحبتني
عبدالله بن بخيت

ماكان على أن ألتفت لأني محاصر بكل شيء لا أعرفه وليس له أي ماض في ذاكرتي. قررت أن أهرب مستخدما خبرتي الطويلة. لا يمر يوم دون هرب أو محاولة هرب كنا نأكل في المطاعم ثم نفر من دفع الحساب. تسعون في المائة من الفول والبليلا التي دخلت بطني لم تسدد فواتيرها. لم أحسب حساب الفرق بين اليمنيين والجن. فقررت تطبيق تكنيك الهروب المعتاد. أتغافلهم ثم أفرك. تكنيك لم أفشل أبدا في تطبيقه.
تراجعت بجسدي قليلاً عن صف محاميي أو مرافقي والتفت لأحدد السبل التي سوف أهرب منها. بهمسة بسيطة وحاسمة انتهى المشروع قال محاميي: لا تحاول الهرب فأنت في عالم لا تعرف عنه شيءًا ولن تعرف أبداً. فخروجك مرهون بقرار من هذا الجالس على البرميل. ركز ولا تفكر إلا في حياتك. اترك الشجاعة للعالم الآخر. علينا أن نخرج أولاً من عقلك إذا أردت النجاة فكل ما يدور حولك موجود في أعماق وجدانك حتى لو هربت فسوف تهرب بنا جميعا لأننا موجودون في داخلك. فكر بنا كأننا من إنتاج أحلامك. وقبل أن أنكر مشروع الهرب سألني القاضي: هل تعترف بأنك قتلت سرطعوشه؟ فقلت صارخاً أبدا لم أقتل أحداً. فقال: والداها يتهمانك بقتلها. ولكن والد سرطعوشه صرخ إنه القاتل يا سيدي فقال محامي الدفاع عني: حاول أن تتذكر إذا أقررت بذنبك فلن ينالك عقاب كبير. وقبل أن أفكر في الأمر سألني نصف الملتحي: متى عدت إلى البيت؟ فقلت مع أذان المغرب. فقال تذكر ألم تعد إلى البيت قبل هذا الوقت؟ .. بعد قليل من التفكير تذكرت أني عدت دقيقة واحدة لأشرب.
فصرخ والد سرطعوشه قائلاً إنه القاتل إنه القاتل ولكن نصف الملتحي لم يلتفت إلى كلامه وسألني وماذا فعلت عندما عدت تذكر أي شيء فعلته في تلك اللحظة. فقلت دعست على سحلية كانت تقف بجانب الزير. وبالكاد أتممت كلمتي هذه حتى صرخ الحشد إنه القاتل سيدي إنه القاتل. فتدخلت والدة سرطعوشة قائلة كانت سرطعوشة تأخذ سمة سحلية عندما تريد أن تستحم. هذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها الأذى فقد رماني هذا الصبي بالحجارة عندما آخذ سمة قطوة فقلت والله لم أكن أعرف أن القطوة كانت جنية فقال نصف الملتحي: هذا ليس عذرا هل آذاك أي منهما؟ ألم يخبرك أحد أننا معشر الجن نتشكل بصورة قطوة أو سحلية أو حتى بقرة؟. فقلت بلا كانت أمي تقول لي ذلك ولكني لم أصدقها أبدا. كنت أظن أنها تريد أن تخوفني. لم يتلفت لي وأخذ يتهامس مع الجالس على يمينه. فرقعت رأسي وتجولت بعيني في الحشد فوقع بصري على واحد أو واحدة تسمرت عيني فيها فابتسمت وأبانت أسنان سوداء نخرها السوس. تطامن المحامي حتى بلغ أذني وقال هامساً. إنها تبتسم لك لعلها عشقتك. أربكتني العبارة فأنا لا أعرف معنى العشق. فقال مرة أخرى إنها فرصتك ابتسم لها إنها ابنة الجني المسؤول عن مخارب وحياييل الرياض كلها. لم أقو على الابتسام لها كانت في غاية القبح. لها قرن في مفرق الرأس ويداها كالهيكل العظمي المحترق وعندما أحسست أني أتأملها سحبت مسفعاً من على رأسها فبدت كعنزة هرمة. فقال لا تتردد أبدا ربما تنقذك بل قد تتزوجك إنهاأجمل من سرطعوشه. فشعرت بغصة في حلقي وتزايد إحساسي بالظمأ فأخذت أبلع ريقي أحاول أن أرطب فمي وأخرج لساني لأبلل شفتي. ولكن يبدو أنها فهمت أنني أتواطأ مع إشاراتها فانتفضت وأخذت تفرد أطرافها وبدأت تخرج من الحالة الضبابية فتقدمت أكثر حتى أصبحت في وسط الحشد. فقال المحامي لقد قضي الأمر لقد أحبتك لقد قررت أن تعلن ذلك. من الواضح أنهم يتخاطبون بطريقة لا أسمعها أو أراها. ففي تلك الأثناء دخل شبح آخر إلى وسط الحشد وصاح لماذا يا طرطوشه؟ لماذا يا حبيبتي؟. ما الذي يميز هذا الإنسي القاتل عني. ثم التفت إلى الحشد وقال: لماذا تسمحون لهذا الإنسي أن يأخذ مني طرطوشه؟. فقال النصف ملتحي: اصمت يا علجوبا سوف ننظر في قضيتك في جلسة أخرى. أصابني الهلع. لم أنته بعد من قضيتي الأساسية حتى فتحت جديدة كدت أصرخ فيها أن تتركني وشأني ولكني خفت أن أفتح ملف قضية ثالثة. كما أني تذكرت أنها يمكن أن تساعد في نجاتي.
عندما لاحظ أن القضية دخلت مرحلة أبعد قال المحامي: ابتسم لها لا تتوقف عن الابتسام لها حاصرها بابتساماتك إنها فرصتك لقد ذابت فيك إني أسمعها تخاطب والديها بالتلي باثي لم أفهم ماذا يقصد ولكني قررت أن أنفذ ما يقول.
مع أول ابتسامة وجهتها إليها تنثرت الجنية وأخذ تنتفض فتناهى إلى سمعي صوت احتكاك أبواب قديمة تغلق وتفتح ووقع أقدام وقرع نعال وأشياء صغيرة تنهار. كان جسدها متباعداً عن بعضه يرغمه جفافه على إصدار كل الأصوات وهذا ينوب عن التأوهات العاشقة التي تصدر من بنات الإنس كما عرفت لاحقاً.
بعد غد نتابع الحب

فاكس 470216


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved