*فلسطين المحتلة-بلال أبو دقة:
بعد يوم واحد من قرار قسم التحقيقات في الشرطة الاسرائيلية تقديم لوائح اتهام ضد ثلاثة من أفراد من (شرطة حرس الحدود الإسرائيليين) المتهمين بالتنكيل بمواطنين فلسطينيين من بلدة قطنة، قضاء مدينة القدس المحتلة، كشفت الإذاعة الاسرائيلية، صباح يوم (الأربعاء، الموافق 2 -6- 2004)، نبأ اعتقال تسعة آخرين من عناصر حرس الحدود، الذين واظبوا على التنكيل بالفلسطينيين وسرقة أموالهم، خلال عمليات مطاردتهم داخل الخط الأخضر (اسرائيل).. ويستدل من المعلومات التي كشف عنها أن الشرطة الاسرائيلية، اعتقلت أفراد حرس الحدود هؤلاء، يوم الأحد الموافق 30- 5-2004، بعد أن وصلت إلى قسم التحقيقات مع الشرطة في وزارة القضاء، معلومات تفيد بأنهم يواظبون على التنكيل بالعمال الفلسطينيين الذين يتم ضبطهم داخل اسرائيل، في إطار حملات مطاردة العمال الذين دخلوا إلى اسرائيل بدون تصاريح رسمية.. وأفادت الإذاعة الاسرائيلية في نبأ رصدته الجزيرة: أن الاعتداءات الإجرامية المنسوبة إلى الجنود التسعة جرت بشكل خاص في (مدينة باقة الغربية الفلسطينية)، ولم تتوقف على الضرب والتنكيل فحسب، بل شملت، أيضا، سرقة أموال وممتلكات العمال. ويجري الحديث عن وحدة شرطية كاملة، خدمت في (منطقة خريش) على الخط الفاصل. وقالت الإذاعة: إن الشرطة اعتقلت الجنود بعد جمع الأدلة المطلوبة، واعترفوا خلال التحقيق معهم بجرائمهم، وتم بالتالي إخضاعهم للاعتقال المنزلي تمهيدا لتقديم لوائح اتهام ضدهم.. وكانت (محكمة الصلح الاسرائيلية) في مدينة القدس المحتلة، مددت يوم (الثلاثاء الموافق 1 - 6 - 2004)، اعتقال ثلاثة من جنود حرس الحدود الإسرائيلي المشبوهين بالتنكيل بمواطنين فلسطينيين من قرية قطنة وإجبارهما على لعق أحذيتهم ومضغ رمل وحجارة. وكانت الشرطة قد اعتقلت الجنود الثلاثة يوم الثلاثاء ذاته، وبدأت التحقيق معهم في الجرائم المنسوبة إليهم، والتي اعترفوا بها، حسب ما أفاد به مصدر في الشرطة الاسرائيلية، مضيفا انه سيتم، تقديم طلب إلى المحكمة لتمديد اعتقال الثلاثة حتى انتهاء الإجراءات ضدهم. وبموجب الشبهات اعتقل الجنود الثلاثة، وهم (ايتي برايري، واريك زلداتي، وليؤور كالباريس)، مواطنين فلسطينيين من قرية قطنة القريبة من مستوطنة (هار أدا) في منطقة القدس واقتادوهما إلى حرش قريب، حيث قاموا بالاعتداء عليهما بالضرب المبرح والتنكيل بهما بشكل سادي. وكان مكتب التنسيق والارتباط قد قدم شكوى ضد الثلاثة، الأسبوع الماضي، تم في أعقابها فتح ملف تحقيق ضدهم في قسم التحقيق مع الشرطة.
الجزيرة تعرض عملية تنكيل وحشي، تقشعر لها الأبدان..
وبث مراسل صوت اسرائيل باللغة العبرية، صباح يوم الثلاثاء الموافق 1- 6 -2004، تقريراً روى فيه تفاصيل عملية تنكيل وحشي، تقشعر لها الأبدان، تعرض لها مواطن فلسطيني يحمل الهوية الاسرائيلية، من مدينة القدس المحتلة، على أيدي جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين قرب حاجز سردة على مداخل مدينة رام الله..
كما ينقل هذا التقرير صورة عن النهج العنصري، الدموي، المتوحش والسادي الذي يلقاه الفلسطينيون قرب حواجز الاحتلال، والذي يذكر إلى حد بعيد بما حدث في مجزرة كفر قاسم، التي نفذتها قوات حرس الحدود الإسرائيلي، في 29 أكتوبر 1956، عندما أوقف الجنود أهالي القرية العائدين إلى بيوتهم في طوابير ورشوهم بالنار..
وتنقل الجزيرة هنا، ترجمة التقرير الإذاعي، كما اورده مراسل (صوت اسرائيل) على لسان المواطن الفلسطيني الذي اسماه (أحمد) وقام بتمويه صوته كي لا يتم التعرف عليه والانتقام منه:
احمد، اسم خيالي، لفلسطيني من سكان القدس، عمره 42 عاما، اب لولدين، يحمل هوية إسرائيلية، التقيته في القدس يوم الثلاثاء، وشاهدت آثار الضرب القاسي الذي تعرض له على أيدي جنود الجيش قبل عدة أيام قرب حاجز سردة، عندما كان ينوي التوجه إلى رام الله لزيارة شقيقته..
لقد وصل (احمد) إلى حاجز قلنديا، لكنه كان مغلقا، فاستعان بسيارة أجرة للوصول إلى حاجز سردة المقام في الجهة الثانية من رام الله.
عندما التقيته يوم الثلاثاء، بعد عدة أيام من وقوع الحادث كان الكثير من العلامات يغطي كل جسمه جراء الضربات التي تلقاها نتيجة مواجهة وقعت مع مجموعة من الجنود.. ويجب القول حقا يقول مراسل صوت اسرائيل: أن العلامات القاسية تبرز على مختلف أنحاء جسده..
بعد مغادرته حاجز قلنديا، وصل أحمد الى حاجز سردة، بين التاسعة والنصف والعاشرة صباحا، وحاول الدخول، لكن الجنود أوقفوا هناك عشرات الفلسطينيين، وبسبب الضغط عمت الفوضى، وقال (احمد)، ان احد الجنود كان عصبي المزاج، ربما بسبب الضغط أو بسبب حرارة الجو العالية، أو لسبب آخر، فصرخ بعشرات الفلسطينيين أن ينتظموا في طوابير..
ثم يبث المراسل بصوت أحمد وصفه لما حدث هناك: بعد عدة دقائق طلب من الناس الوقوف في طابور وقام بالعد حتى الثلاثة، ولما لم ينتظموا ابتعد عدة أمتار عنهم، وقال: اذا لم تنتظموا في الطابور فسأطلق النار عليكم..
لم يصدق أحد أن هذا سيحدث، لكن الجندي وجه بندقيته إلى الناس وقام بالعد واحد، اثنين، ثلاثة، وأطلق عدة طلقات..
الناس ذهلوا يقول أحمد ولم يعرفوا ما حدث.. اعتقدنا أن ما سمعناه كان دوي رصاص فارغ.. بعد عدة ثوانٍ رأينا أربعة أشخاص تنزف الدماء من رؤوسهم وشخصا خامسا أصيب بيده.
وقال أحد الجنود: حسناً، لن تموتوا جراء ذلك.. وعندما رأى الضابط هذا المشهد، طلب من الجندي الذي أطلق النار أن يطلق النار على الأرجل وليس على الرؤوس.. فأخذ الجندي يضحك كما لو انه لم يحدث أي شيء..
ويضيف المراسل الإسرائيلي: لقد تخوف احمد من التعرف عليه ولذلك طلب منا تمويه صوته وعدم الكشف عن هويته.
ويضيف: بعد ذلك تقدم أحمد من الجندي وصرخ به: لماذا فعلت ذلك هل أنت راضٍ الآن..؟؟، فرد الجندي بضربه على بطنه ووجه إليه البندقية لاطلاق رصاصة مطاطية عليه.. وعندما أمسك احمد بالبندقية وحاول منع الجندي من إطلاق النار عليه، بدأت عملية التنكيل به..
ويواصل احمد سرد الأحداث بصوته: أمسكت البارودة فانقض علي ستة جنود على الأقل وضربوني من كل الجهات، على الرأس وعلى البطن وفي كل مكان، واستعملوا السلاح في ضربي.. وفي النهاية قيدوني وتركوني هناك...
ويقول المراسل: لقد تركوه هناك طيلة أربع ساعات، بحالة صحية سيئة. وعندها اعتقد أحمد انهم سيأخذونه الى المعتقل، لكنه كانت لدى الجنود خطة أخرى..
ويواصل أحمد: عند الساعة الثانية أدخلوني إلى الدبابة، واعتقدت انهم سيأخذونني إلى المعسكر لاعتقالي.. لكنهم نقلوني إلى مكان لا اعرفه ولم اعرفه من قبل.. القوا بي في كرم زيتون، في مكان ما قرب الشارع، وطلبت منهم على الأقل، فك قيودي، فرفضوا وتركوني هناك.. وبعد قرابة ربع ساعة مر بعض الناس من هناك ففكوا قيودي، وقالوا لي انه لو وقعت هذه الحادثة مع آخرين لا يحملون هوية إسرائيلية لكانوا قتلوهم..
وينهي المراسل بذلك نقل وقائع الجريمة، ثم ينقل رد الناطق العسكري الإسرائيلي الذي يدعي انه وقعت قرب الحاجز مواجهة بين عدد من السكان المحليين وقوة الجيش، فاضطر الجيش إلى استخدام وسائل لتفريق المظاهرات.. وبعد أن ساد الهدوء هاجم المواطن المقصود أحد الجنود فسيطر عليه الجنود واعتقل بهدف تقديم شكوى ضده..
وردا على تساؤل مراسل صوت اسرائيل حول عدم تقديم شكوى ضد الفلسطيني، ادعى الناطق العسكري: أن الجنود اضطروا بسبب عملية عسكرية عاجلة إلى إطلاق سراحه، وانه لا أساس من الصحة للادعاء بأنه تم إطلاق سراحه وهو مقيد اليدين ومعصوب العينين..
يذكر أن هذه الحادثة تأتي بعد عدة أيام فقط، من الكشف عن عملية تنكيل سادية لا تقل بشاعة عن هذه الحادثة، وقعت قرب أحد حواجز مدينة رام الله، حيث اعتدى الجنود بوحشية على ثلاثة فلسطينيين، ثم اقتادوهم إلى الشرطة وجراحهم نازفة، وقدموا شكوى ضدهم بادعاء قيامهم بالاعتداء على الجنود.. ولما أحضرتهم الشرطة إلى المحكمة لتمديد اعتقالهم، شاهدت القاضية بأم عينها آثار الجريمة الوحشية، فأمرت بإطلاق سراح الفلسطينيين فورا، وأوعزت إلى النيابة العسكرية التحقيق في الحادث.
|