Saturday 5th June,200411573العددالسبت 17 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المنشود المنشود
وما شِّقته لإغواء العباد!!
رقية الهويريني

السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق أخت الصديقة ( رضي الله عنهم) والدة عبدالله بن الزبير أول مولود بعد الهجرة صاحبة مقولة ( إن الشاة لا يضرها سلخها بعد ذبحها)!! وكلنا يا أسماء نتهيب الذبح قبل السلخ!! وحين تحسست على جسد الزبير رضي الله عنه درعاً يلبسه قالت: ما هذا فعل من يريد الموت في سبيل الله! فرد عليها: والله ما لبسته إلا تعزية لك!! لشد ما أثرت بي هذه العبارات منذ أن كنت أقرأها في كتب القراءة.. والآن لكثر ما أتأملها.. وأرى الواقع المعاصر للمرأة المسلمة! يا أسماء.. قد أرهقتنا، وأضنانا المسير نحو مجدك! أنت وشقيقتك الصديقة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها التي ضربت مثالاً في الحياء حين دُفِن في غرفتها أمير المؤمنين ( عمر بن الخطاب)، تقول السيدة عائشة (.. فكنت بعد أن دفن عمر في حجرتي لا أضع ثيابي حياءً من الفاروق!).
كلما أطلقتُ البصر وقارنت بين الصديقة وأختها ذات النطاقين وبيننا- نحن النساء- يعود البصر خاسئاً وهو حسير!! ولتعذرني أمهات الشهداء وأسرى الحروب والمفقودين! فحين أتذكر أن أسماء شقت نطاقها.. وعادت للقوم دون حزام، أشعر بالحرج.. بل بالحياء!!
والآن و- بفعل التقليد- فإن بعض الفتيات في عصرنا أصبحن لا يرين أهمية الحزام ليشددن به ظهورهن بسبب حياة الدعة والرفاهية والترف، بل بدون لباس يستر بطونهن! فالحياء أمسى رجعيةً وتخلفاً، والتستر بات مقصوراً على المسنات من النساء!!
أقول ذلك بعد انتشار ظاهرة لبس
( الكاجوال) حيث تقوم المرأة بالكشف عن بطنها وظهرها، معتقدة أنها بذلك تتبع أحدث خطوط الموضة، ونسيت متبعات الموضة أن مصممي الأزياء من الغرب لا يستحسنون ارتداء المرأة لها في حياتها العمية أو الشارع، وأن المواطن الغربي لديه قناعة راسخة بأن من ترتدي تلك الملابس تعتبر سيدة غير محترمة!! فكيف بالمرء المسلم؟! حيث إن هذا الزي يعتبر زياً غربياً ودخيلاً، وفد للغرب بسبب تداخل الحضارات، وبفعل الحروب الاستعمارية، فهو قادم من الشرق وبالذات من الهند والدول المتاخمة لها ويرمز لمعتقد ديني لديهم!! ومعروف أن الدول المتنصرة تقلد الدول المهزومة حسب نظرية ابن خلدون التي وردت في كتاب ( المبتدأ والخبر)!!
ومن المعروف أن الملابس تحدد هوية الشخص ولاسيما أنه يعد الانطباع الأول والفكرة التي يمكن أن يكونها كل شخصٍ عن الآخر، ولعنا نشير بأصابع الاتهام لبعض الفضائيات العربية ومحاولتها المستمرة تشويه المعنى الحقيقي للملبس الجميل، الأنيق، والمحتشم في الوقت نفسه، تحت مسمى عرض الأزياء، وحقيقة أن هذه الموضة الغربية على شريعتنا، وحتى عاداتنا وتقاليدنا، والمنتشرة بين بعض الفتيات العربيات لا تحظى بالاحترام حتى بالغرب نفسه، فكيف بالبلاد الإسلامية التي مازالت شعوبها تقدر المرأة المحتشمة؟!
وعليه.. لابد من الإلحاح في الطلب لمنع وإيقاف نماذج من الفنانات وخصوصاً المغنيات اللاتي يظهرن بالأزياء الفاضحة، التي تصر على عرضها بعض الفضائيات العربية.
كما لابد من الحرص عند تصميم الملابس على تجسيد الحياء والستر الذي تتميز به المرأة المسلمة، واستخدام الخامات والأقمشة التي تحافظ على الطهر والعفاف.. ولست أرى تفسيراً لرغبة بعض النساء لإظهار أجزاء من جسدها حتى ولو كانت في وسطٍ نسائي، حيث يعد الستر من الأدب الذي دعا إليه الإسلام!!
وقبل هذا وذاك لايزال الأمل معقوداً بالمرأة ( المواطنة) التي ولدت وترعرعت في بيئة إسلامية بأن لا تكون هموهما محصورة في ملابسها وأزيائها وجمالها فحسب، بل نطالبها- كما هي أهل له- بحمل هموم أمتها، والمشاركة في بناء مجتمعها عبر تربية جيلٍ متطلعٍ للعلا والعمل، والسمو والنبل، قادرٍ على تشييد وطنٍ بسواعد يحملها جسد سليم، ونفس أبية، دافعها الحب والعطاء!
يا أسماء.. يا ذات النطاقين.. قبل أكثر من ألفٍ وأربعمائة عامٍ شققت نطاقك لهدف نبيل! وها هي فتاة اليوم تشقه.. - أيضاً- لا ليكون وكاءً للماء، وللطعام، ولكن لإغواء العباد!!
حقاً.. لقد أتعبتِ مَنْ بعدك مِنْ النساء.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved