Saturday 5th June,200411573العددالسبت 17 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المواطن علي والمواطن عبدالعزيز نموذجان في حياة وموت الوطن المواطن علي والمواطن عبدالعزيز نموذجان في حياة وموت الوطن
د.علي بن شويل القرني

أدى المواطن علي صلاة المغرب, وجلس مع زوجته وأبنائه الثلاثة أحمد ومحمد وأخوته الآخرين, ثم خرج من منزله ليحضر لأبنائه وزوجته بعض حاجيات العشاء, ليطعم أهله قبل أن يذهب أبناؤه للنوم هانئين ومستعدين ليوم جديد واختبارات نهائية.. وبينما يتجه الرقيب علي لالتقاط احتياجاته, أوقف سيارته قريباً من محطة وقود سيارات, وشاهد مثل غيره من الناس وجود شاحنة كبيرة لتفريغ الوقود في خزانات تلك المحطة.. وبينما هم ينظرون إلى هذا المشهد, لاحظوا أن النيران أخذت تشتعل في مؤخرة هذه الشاحنة, وهي تقف في حالة التفريغ.. فما كان من المواطن علي إلا أن سارع في تسلق الشاحنة, حيث ان سائقها لم يتمكن من مواجهة هذا الخطر الكبير الذي يواجهه هذا الموقف.. ثم أخذ يحرك السيارة ويقودها إلى خارج المحطة, وهو بلاشك يفكر ان كارثة ضخمة على وشك ان تقع في هذه المحطة والتي يحيط بها حي سكني كبير مزدحم بالسكان في مدينة تبوك.. فبلاشك ان هذه الأفكار هي التي كانت تقود المواطن علي لأن يسارع في تحريك هذه الشاحنة بعيداً عن محطة الوقود, بعيداً عن الحي السكني, بعيداً عن الناس.
وبينما يقود المواطن علي هذه الشاحنة ازداد الاشتعال فيها وبدأت صرخات الناس من حوله في أن يترك الشاحنة وينقذ نفسه من هذا الخطر الداهم على حياته, ولكنه لم يأبه بذلك وكان همه الكبير ان يبعدها عن المواقع السكانية, وكان يبحث عن مكان فضاء يلوذ إليه لينقذ الناس من المخاطر التي تهدد حياتهم, وينقذ - بعد الله- الممتلكات التي تحيط بهذا الموقع.. ويستمر المواطن علي يقود الشاحنة بينما تتعالى أصوات الناس يميناً وشمالاً في ان يتوقف وينزل من الشاحنة ويتركها, ولكنه لم يتركها إلا بعد وضعها في مكان أكثر أمناً بعيداً عن المحطة, بعيداً عن الناس, بعيداً عن الممتلكات.. ولكن ارادة الله تعالى شاءت ان تنقلب هذه الشاحنة على الجهة التي هو فيها, وتتعالى النيران وتأتي على حياة المواطن علي آل سريع.. فرحم الله هذا البطل الذي سجل بحروف ناصعة وأعمال جليلة أروع مشهد يمكن ان يكتبه انسان, ولكن بدل أن يكتبه أحد فعله هذا المواطن.
المواطن عبدالعزيز.. مواطن آخر كان يعيش مع زوجته وابنته وعائلته.. وهو في مكانة مهمة يحتلها بين أفراد أسرته.. سافر عبدالعزيز إلى الخارج, والتقى بأناس كثيرين في أفغانستان وغيرها من الدول.. وربما حارب فيها لإخراج القوات الأجنبية من هذه الدولة الإسلامية, بهدف ديني بحت, وغيره كثير ذهبوا وحاربوا ولكنهم عادوا طائعين لأوامر الله ومنسجمين مع ثوابت الحق وعدالة الواقع الاجتماعي في بلادنا.. أما المواطن عبدالعزيز فقد عاد ملوثاً بفكر أقل ما يوصف به انه فكر إرهابي, عاد ليعمل على شق الصف, وتشتيت الأمة, وبعثرة أوراق الوطن.. عاد المواطن عبدالعزيز ليعمل تخريباً, وقتلاً, وليزرع فتنة وحرباً بينه وبين أبناء وطنه وعشيرته وأقاربه.. عاد المواطن عبدالعزيز ليقود خلية إرهابية تزرع الرعب في أنفس المواطنين والمقيمين الذين تعودوا ان يعيشوا في هذه البلاد في سلامة وأمان.. حاول المواطن عبدالعزيز ان يلتوي على الحجج البرهانية التي قرأناها في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.. حاول المواطن عبدالعزيز ان يضرب عرض الحائط بكل ما أفتى به مشائخنا وعلماؤنا المخلصون الصادقون في كل ما أفتوا به واعلنوه ووجهوا به من ضرورة احترام الحرمات, وحماية الأعراض, وزرع القيم الاجتماعية الصالحة.. ولكن المواطن عبدالعزيز رأى ان كل هؤلاء العلماء, كل هؤلاء المواطنين, كل هؤلاء المسلمين هم خارج الشرع الذي فهمه, وخارج العقيدة التي تشرب بها.. المواطن عبدالعزيز حلل القتل, والتدمير, والخراب, وانتهاك الحرمات الشرعية, وحلل كل شيء في هذه الحياة من أجل ان يحقق فكراً منحرفاً ترعرع خارج الحدود ويصب في اشعال نيران الفتنة والخراب.. المواطن عبدالعزيز جمع حوله عقولاً صغيرة وأجساداً غضة وفكراً منحرفاً وفتاوى غير شرعية.. جمع حوله كل هذا وأضاف إليها أسلحة فتاكة, وقنابل موقوتة, وبنادق ومسدسات ومتفجرات وغيرها من أسلحة الدمار الاجتماعي.. جمعها وحاول ويحاول من خلالها ان يفجر المواطن, ويقتل الطفل ويرهب المرأة ويفتك بكل ما أمامه من ثروات ومقدرات ومشروعات.. المواطن عبدالعزيز يريد ان يحول هذه الديار إلى بيروت أخرى, وإلى أفغانستان جديدة, وإلى عراق حالية.
نحن المواطنين أمام مواطنين, أحدهما علي الذي فدى الناس بنفسه التي هي أغلى ما يملك, وترك أبناءه وبناته وزوجته وهو يحاول ان يزرع الحياة في أناس أبرياء كان يمكن ان يموتوا لولا -تيسير الله- ثم حكمة المواطن علي في أن يفتديهم بنفسه.. ونحن المواطنين أمام المواطن عبدالعزيز الذي يسعى بكل إمكانياته التدميرية ان يزرع الفتنة ويفتك بالناس ويحرق الأخضر واليابس.. نحن أمام هذين النموذجين.. فليرحم الله علياً وليهد الله عبدالعزيز.

رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
استاذ الاعلام المشارك بجامعة الملك سعود


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved