الله سبحانه وتعالى خلق الخلق من صلب أبيهم آدم عليه السلام وأمهم حواء ، فاستغشى آدم حواء فحملت حملاً خفيفاً ثم وضعت . وهكذا تناسلت تلك الأمم والأجيال جيلاً اثر جيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، ولقد كرم الله تعالى آدم عليه السلام بأن أدخله الجنة وأمر ملائكته بالسجود له تكريماً منه تعالى لآدم كما قال تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ } الآية ، كما ان الله تبارك وتعالى كرم ذريته من بعده كما قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } الآية ، ولقد شرفنا الله تعالى بالرسول العربي الذي يعرف لغتنا ونعرف لغته ، وولد في أرضنا - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم - وقام بدعوته المباركة من هذه البقاع الطيبة الطاهرة حتى بلغت أرجاء المعمورة ، وعمّ ذكره في الآفاق ولا أدل على ذلك من سماعنا للمؤذن في كل يوم خمس مرات يردد في الأذان مرتين : اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً رسول الله . وفي الإقامة كذلك . ودليل أكبر من ذلك ، حيث انه لا يحل لمسلم أو مسلمة أن يدخل الجنة ولو صام وصلى وأتى بجميع أركان الإسلام وأسقط شهادة : أن محمداً رسول الله.
ولقد نصر الله رسوله (صلى الله عليه وسلم) في مواطن كثيرة ، فيا ترى ما سبب نصرة الله له ؟ سببه توكله على الله في جميع شؤون حياته وان محاربته لأعدائه ليست عن طلب مال أو رياسة أو مفاخرة ، بل لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى ولترفرف كلمة الحق (لا إله إلا الله محمد رسول الله) على هذا الكون بأجمعه.
وفي بعض الأزمنة قد يكون النصر فيه لأعدائهم ؛ وذلك امتحان وابتلاء من الله لهم وليخبرهم بأنه على كل شيء قدير ولكي لا يستهينوا بالعدو ولا بالعدة . ما من إنسان على وجه البسيطة يقوم بدعوة حق إلا وتواجهه بعض المحن والصعوبات ، ولكن الحق يعلو ولا يعلى عليه ، ولنا في رسول البشرية (صلى الله عليه وسلم) وغيره من دعاة الحق أمثال محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - اسمى قدوة وأعز مثال.
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } يقول الله تبارك وتعالى هذه الآية الكريمة مخاطباً فيها الذين آمنوا تشريفاً وتأييداً لهم ، ولم يقصر نصره في مؤمني زمن من الأزمان أو وقت من الأوقات ، بل يشمل كل مؤمن أو مؤمنة عربي أو أعجمي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويذود عن الحق ويدافع عنه ، وليست خاصة في الحرب أعني بها النصرة بل في جميع شؤون الحياة من إعلاء كلمة الله قولاً وعملا في وقت الحرب أو السلم.
فنجد بعض الدعاة يدعون في السر والعلانية لماذا ؟ لنصرة الله ونصرة دينه الحنيف.. أليس النبي (صلى الله عليه وسلم) حينما جمع قريش وصعد على الصفا وقال : يا أيها الناس .. يا معشر قريش ، إني نذير لكم من بين يدي حكيم خبير بماذا قوبل ؟ قابله أقرب الناس إليه عمه أبو لهب وسط جمع غفير من الناس ، تباً لك ألهذا جمعتنا . ولكن الله تبارك وتعالى نصر نبيه (صلى الله عليه وسلم) فأنزل قوله تعالى : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ }.
أليس الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - الذي نشأ في نجد وفي الجزيرة العربية ، حيث كان الجهل مخيماً على ربوعها لولا ان الله تبارك وتعالى سلم وجعل نور الجزيرة العربية على يد هذا الداعية الكبير ، لكن قومه آذوه ونفوه من بلده فكان ينتقل من بلد إلى بلد للدعوة .. ولكن هل خذله الله أم نصره ؟ حاشا وكلا ، بل نصره الله وعضده برجل مسلم هو الأمير محمد بن سعود - رحمه الله - وحكومتنا الرشيدة وعلى رأسها جلالة المغفور له الملك عبد العزيز ناصر هذه الدعوة وسار على هداها وعلى نظمها وتعاليمها الصادرة من الكتاب والسنة.
فدولتنا - ولله الحمد - اليوم تعتبر من أعز وأأمن الدول وأغناها ، وذلك عندما حكموا كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) وساروا على نهجها ، فنرجو من الله سبحانه وتعالى أن يطيل في عمر قائدنا العظيم جلالة الملك فيصل المفدى ، وان يجمع على يديه كلمة التوحيد كما جمعها على يدي أجداده الأوائل . وجلالته حري بذلك لأنه سعى إلى توحيد كلمة المسلمين عامة ، وفقه الله ورعاه وسدد خطاه وجعله ذخراً للإسلام والمسلمين.
|