إمدادات آمنة للطاقة

الوضع الدولي المرموق للمملكة يتحقق باستمرار من خلال استشعار مسؤوليتها كعضو نشط في الأسرة الدولية ، يهمه كثيراً أن تستقر الأوضاع في العالم بالطريقة التي تعزز النمو ، وتضمن ترقية معدلات التعاون بشكل منتظم مع إبعاد شبح معوقات التواصل الإيجابي بين أفراد هذه الأسرة الدولية .
وفي هذا المقام يجري النظر بتقدير لدور المملكة عبر عقود عديدة للحفاظ على إمدادات آمنة للشحنات النفطية إلى مختلف دول العالم .
فالمملكة التي تحتفظ بربع الاحتياطات العالمية من هذه المادة ، التي تعتبر المصدر الأول للطاقة في العالم ، إلى جانب كونها أكبر مصدر للنفط ، ترى ان هاتين الصفتين تضعانها في موقع يؤهلها لكي تلعب دوراً محورياً فيما يتصل بكل السياسات المتعلقة بالنفط ، وهي بالفعل تؤدي دوراً متعاظم الأهمية في هذا المجال ، وقد تولت طوال فترات طويلة دور المنتج المرجح حينما كانت الأسواق تتطلب ضبط الإنتاج النفطي ، بحيث يتوافق الإنتاج مع الاحتياجات ، وهي قبلت ذلك الدور طواعية ؛ معززة بذلك وجودها المهم بين كبار المنتجين .
وفي فورة الأسعار الحالية تسعى المملكة لكي تصل الأسواق إلى الوضع المثالي ، بحيت تتوافق معدلات الإنتاج مع الاحتياجات ومع مستوى الأسعار ؛ كي لا تتجاوز الأسعار خطوطا معينة يمكن معها الحديث عن أزمة ، وهو أمر يلقي بانعكاسات سلبية على مختلف الأوضاع .
ولهذا فان المملكة تؤيد بل تقود وجهة النظر الرامية إلى خفض الأسعار إلى الدرجة المعقولة التي تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على السواء ، وذلك من خلال توفير إمدادات كافية لتلبية الطلب على النفط الخام .
وتزامنت مع الارتفاع الحالي للأسعار الأحداث الإرهابية في الخبر ؛ لتزيد من قلق الأسواق ، ما أدى أيضا إلى ارتفاع الأسعار ، على الرغم من التأكيدات على ان ما حدث من الإرهابيين لم يؤثر ولن يؤثر على انتاج المملكة من النفط وكذلك المرافق التي تتمتع بأعلى درجات الحماية ، وبهذا الصدد نشير إلى تصريحات وزير النفط والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي الأخيرة التي قال فيها : ( إن العالم مهووس بان الإرهاب يهدد جميع المنشآت النفطية في العالم وذلك غير حقيقي) .
تطمينات المملكة للأسواق شملت ايضا الاستعداد لزيادة الإنتاج ، وقد أعاد تصريح بهذا الصدد للمهندس النعيمي الأذهان إلى دور المنتج المرجح الذي قامت به المملكة في فترات سابقة ، عندما قال : (لدينا الاستعداد الكامل لرفع انتاج المملكة من النفط الخام لكن يجب ان نكون حذرين) .
ويتعلق الحذر هنا إلى التنبيه إلى ما جرى في عام 1997 وعام 1998 عندما أدت الأزمات في الأسواق المالية الآسيوية إلى تدني الأسعار إلى ما دون عتبة العشرة دولارات للبرميل .
هذا الدور المتزايد الأهمية الذي تؤديه المملكة في المجال النفطي يتفق مع جملة السياسات التي تتخذها في الساحة الدولية ، وهي سياسات تعرف بشكل عام بانها متوازنة وتسعى لخير العالم أجمع ، من خلال تعزيز التعاون والعمل على تقليص التوترات بالطريقة التي تدفع إلى الأمام الجهد المشترك للوصول إلى أوضاع انسانية مثالية ، وهو أمر يكمن في صلب المنبع الاسلامي القويم الذي تستقي منه هذه البلاد سياساتها وتستهدي به في جميع شؤونها وتحركاتها .