لا ريب أن ما حدث في المنطقة الشرقية وتحديداً في مدينة الخبر حدث جلل ومصيبة عظيمة ، لا يستفيد منه إلا أعداء الله جل وعلا وأعداء رسوله - صلى الله عليه وسلم - الذين هم في المحصلة هم أعداء هذه البلاد الطاهرة المباركة دولة التوحيد ومأرز الإيمان وملاذ الإسلام وعرينه .. فالاعتداء على هذه البلاد هو في الواقع اعتداء على الإسلام ونيل منه.
وهؤلاء المعتدون ما كان لهم أن يعتدوا كل هذا الاعتداء ابتداء بل كان لذلك مراحل عدة سبقت هذه المرحلة البشعة ، فمن ذا الذي يتصور أن يحدث مثل هذه الأعمال المشينة في هذه البلاد الطاهرة فيزهق الأرواح ويدمر الممتلكات ويروع الآمنين ؟؟!!، فقد قتل أولئك المفسدون المسلمين مع عظم ذلك الجرم قال تعالى : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا إله إلا الله واني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك للجماعة) .. كما قتل أولئك أيضاً أناس من غير المسلمين دخلوا هذه البلاد بأمان من ولاة الأمر؛ لذا فهم أناس مستأمنون على أموالهم وأعراضهم وأرواحهم وأعراضهم فمعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم). ولما أجارت أم هاني رضي الله عنها رجلاً مشركا عام الفتح وأراد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقتله ذهبت للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال صلى الله عليه وسلم : (قد أجرنا من أجرت يا أم هاني) أخرجه البخاري ومسلم .
ومن المعلوم أن من دخل بعقد أمان أو بعهد من ولي الأمر لمصلحة رآها ولي الأمر فلا يجوز التعرض له أو الاعتداء لا على نفسه أو على ماله. قال صلى الله عليه وسلم : (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وان ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً) ويقول أسامة بن زيد رضي الله عنهما : (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته . فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة : أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ؟ قلت : كان متعوذا فمازال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) متفق عليه.
وهذا يدل أعظم الدلالة على حرمة القتل وهم مجاهدون في ساحة القتال لما ظفروا به وتمكنوا منه نطق بالتوحيد ، فتأول أسامة رضي الله عنه قتله على أنه ما قالها إلا ليكفوا عن قتله . ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذره وتأويله وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها.
هذه التوجيهات السامية كم نحن بأمس الحاجة إلى إبرازها فلا ريب أن لها الأثر العظيم على أنفس الجميع وخصوصاً الشباب الذين هم في حاجة إلى من يناقشهم ويلاطفهم ويسايرهم فيكسب قلوبهم قبل ألسنتهم ، كم أتمنى أن يتبنى هذه التوجيهات أهل الإعلام وأرباب التربية والتعليم.
|