Friday 4th June,200411572العددالجمعة 16 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

أجبروهما على تقبيل أحذيتهم وأكل الرمل والحصى أجبروهما على تقبيل أحذيتهم وأكل الرمل والحصى
طفلان فلسطينيان يرويان تفاصيل قيام جنود الاحتلال بالتنكيل بهما

  * رام الله- نائل نخلة:
لم يكن هدفه من دخول مدينة أبو غوش داخل الأخضر الاستجمام أو التنزه أو اللعب مع أصدقائه، بل أن ظروفه المعيشية القاسية أجبرته على ترك المدرسة والتوجه إلى سوق العمل داخل الدولة العبرية.
عرفات يترك مدرسته مجبرا ويتوجه للعمل
قرر عرفات محمد محمود طه 17 عاما الخروج من مدرسته للعمل داخل مدينة أبو غوش المحاذية لقريته قطنة جنوب مدينة رام الله، نظرا لظروفه الحياتية الصعبة التي يحياها و12 أخا أخر، كان يعيلهم حتى فترة قصيرة والدهم الذي لم يعد يقوى على العمل بعد إصابته أثناء عمله في ورش البناء داخل الخط الأخضر. أجبر عرفات بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة إلى العمل داخل قريته ونظرا للأجور المتدنية اضطر للمخاطرة بحياته والذهاب للعمل في إسرائيل، رغم علمه أنه قد يتعرض للاعتقال أو التنكيل أو ربما القتل على أيدي المستوطنين وجنود الاحتلال الذين لا يرقبون إلا ولا ذمة في العامل الفلسطينيين الذي أجبرته لقمة العيش على تحمل الصعاب.
موعد مع الجنود
لم يكون موعدا مرتبا سابقا من قبل عرفات وصديقه الذي يصغره بعام ونصف علاء أحمد إسماعيل طه، ولكنه كان مرتبا بطريقة سينمائية سادية سابقة من قبل جنود الاحتلال، الذين جابوا الشوارع والطرقات بحثا عن فلسطيني يقتادونه لتنفيذ فلمهم الإجرامي.
بالتأكيد أن الأبطال هنا ثلاثة من جنود مرتزقة حرس الحدود وهي أحد الوحدات العاملة في الضفة الغربية والأكثر بطشا بالفلسطينيين، أما الضحية فكانت الطفلين علاء وعرفات المتوجهين للحصول على المال من أحد المشغلين الصهاينة الذين عادة ما يبتزون طفولتهم وبراءتهم بتشغيلهم في أعمال شاقة.
السادس والعشرون من شهر نيسان الماضي كان موعد تمثيل الفلم، أما المكان فهو أحد الأحراش الطبيعية الواقعة بين القرية وأبو غوش ويطلق عليها الفلسطينيون اسم (حرش الرجم) .
هناك وبعد أن تمكنت دورية حرس الحدود التي طاردت الصبيين من اعتقالهم على حدود قريتهما، أقدم الجنود دون فحص الأوراق الثبوتية التي يزعمون على إنزال الصبيين من الجيب العسكري واقتادهم بين الأشجار الكثيفة يتكون البداية.
سادية ضد الأطفال
عرفات الذي لا يزال حتى اليوم يتذكر تلك الوجوه الحاقدة التي لا تعرف معنى الرحمة يقول أنه وصديقه فوجئا بقيام الجنود الثلاثة بإلقائهما من الجيب العسكري إلى الأرض كما يلقون كرة مثلا.
يضيف عرفات: البداية كانت معي عندما كبلني اثنان من الجنود الثلاثة وشرع أحدهم في سحب هراوته التي يحملها لقمع المتظاهرين عادة، وانهال علي بالضرب المبرح في جميع أنحاء جسدي، فسقطت أرضا مغشيا علي من شدة الضربات التي تعرضت لها من الجنديين.
رغم كل ذلك إلا أن الجنود الثلاثة قرروا الاستمرار في الفلم وإتمامه حتى نهايته، ليبدأ فصل جديد من فصل التنكيل والمرة دور علاء الذي سقط أرضا من أول ضربة انهالت عليه نظرا للخوف الشديد الذي أصابه جراء ما تعرض له.
في تلك الأثناء أيقن الجنود أنهم أوسعونا ضربا ليبدأوا فصلا آخر من فصول التنكيل وهذه المرة بإلقاء ما تبقى من طعام وشراب كان بحوزتهم على رؤوسنا، قطع من الشلاته وبقايا حليب وألبان متعفنة يبدو أنهم كانوا ينون إلقاءها في أحد سلال القمامة.
إجبار تحت تهديد السلاح
أما المشهد الأخير الذي انتهى في العاشرة صباحا بعد ثلاث ساعات من الاحتجاز فكان بإجبارنا تحت تهديد السلاح على تقبيل أحذيتهم، وعندما حاولت الرفض انهالوا علينا ضربا مبرحا وأدخل أحدهم بسطاره في فمي رغم أنفي.
أما الآخر فراح يهدد علاء بالضرب المبرح إذا لم يمتثل لأوامره بتقبيل حذائه، وبل انه تمادى لدرجة أبشع وطلب منه أن يقوم بابتلاع التراب والحصى التي علقت في فمه خلال إلقائه أرضا.
في تلك المرحلة لم يعد أي منا قادرا على السير حتى مترا واحدا، لكن الجنود الثلاثة أمرونا بالعودة إلى بيتنا، رغم إصابتنا برضوض في كافة أنحاء جسدينا، وتحت تهديد السلاح سرنا رويدا رويدا إلى أن أصبحنا على مقربة من القرية، وهناك عاد الجيب العسكري أدراجه، ونجحنا بمساعدة بعض من أهالي القرية في الوصول إلى مركز الكرمل الطبي في قرية بدو المجاورة.
لكن الطبيب ونظرا لخطورة إصابتنا وخصوصا أنا، قرر استدعاء سيارة للإسعاف ونقلنا إلى المشفى، وهناك تبين أننا مصابان برضوض شديدة في كافة أنحاء الجسد إضافة إلى إصابة كليتي بأضرار، لا أزال أتلقى العلاج في مشفى رام الله حتى اليوم.
وفي إطار حديثه حول المحكمة التي انعقدت يوم أمس والتي أدانت الجنود الثلاثة، يقول عرفات أنه لا يثق بالمحاكم (الإسرائيلية) ، ولا يتوقع أن تقتص له من الجنود الذين نكلوا به، خصوصا أن محاكم سابقة انعقدت ولم تثمر عن أي شيء يذكر.
وفي هذا الإطار ذكر مسؤول في وزارة العدل (الإسرائيلية) أمس ان ثلاثة ضباط من شرطة حرس الحدود اعتقلوا أمس للاشتباه بقيامهم بركل ولكم وضرب مراهقين فلسطينيين بالهراوات واذلالهما مخلفين آثاراً حمراء على ظهريهما.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته، ان قسم الشؤون الداخلية في وزارة العدل أمر باعتقال الضباط الثلاثة أمس الأول وبجلبهم إلى المحكمة أمس لتمديد أمر اعتقالهم، وأضاف ان الضباط اعترفوا بان الاتهامات حقيقية. وأوضح ان ضباط حرس الحدود الثلاثة - ايتاي برايير واريك زالداتي وليؤور كالباريس- طلبوا من شابين مراهقين فلسطينيين من قرية قطنة قرب القدس الصعود إلى دورية حرس الحدود.
وأشار ان الضباط قاموا بعدها بسكب مهلبية الشوكولاتة ومنتجات ألبان أخرى على الشابين، ثم قام الضباط بإجبار الشابين على تقبيل احذيتهم واكل الرمل والحصى.
وقال ان عملية التعذيب استمرت بين نصف ساعة وساعة وان الضباط غادروا بعدها بالدورية وتركوا الشابين وراءهم.
وقال انه عندما عاد الفلسطينيان الى قريتيهما قام احد الجيران بالتقاط صور للآثار الحمراء على ظهريهما وانه تم عرض الصور في المحكمة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved