* النقب - بلال أبو دقة:
يكشف التقرير الطبي السري الذي أعدته جامعة (بن غوريون اليهودية) المتعلق بمدينة بئر السبع، جنوب فلسطين المحتلة، عن معطيات خطيرة جدا حول تأثيرات المنطقة الصناعية الكيماوية الاسرائيلية في (رمات حوفاف) في منطقة النقب.
ويكشف التقرير أن السكان البدو العرب في محيط المنطقة الصناعية ل رمات حوفاف (حتى 20 كلم من المنطقة) ، بالإضافة إلى سكان الحارات الجنوبية لمدينة بئر السبع، معرضون أكثر من غيرهم من السكان للإصابة بأمراض خطيرة، مثل التشوهات لدى الأطفال وأمراض القلب والسرطان وإصابة الجهاز العصبي.
ويشكو المواطنون الذين تقع منطقة رمات حوفاف بالقرب من مكان سكناهم من آلام مزمنة في الرأس وأمراض الربو وتعدد حالات الإجهاض، وإصابة السكان بمرض السرطان بنسبة تصل إلى 65% أكثر من النسبة القطرية في إسرائيل.
يذكر أن نسبة الوفيات بين العرب في الجنوب وصلت في العام الماضي إلى 20% وتعادل أربعة أضعاف نسبة الوفيات في الوسط اليهودي..
وكانت وزارة الصحة قد بادرت إلى إعداد هذا التقرير الطبي، بعد ضغط وشكاوى عدة قدمها أبناء قرية وادي النعم غير المعترف بها في النقب، على خلفية كثرة حالات الإجهاض وآلام الرأس والربو والسرطان في القرية، المحاذية لرمات -حوفاف.. ومع أن وزارة الصحة الاسرائيلية هي التي طلبت إجراء هذا البحث، ودفعت التكلفة وهو مبلغ 600 الف شيقل بالاشتراك مع المجلس الصناعي الكيماوي لرمات حوفاف، الا أن لجنة خاصة في الوزارة تتحفظ على معطيات البحث وتحاول منع نشرها.
ويعود سبب إجراء هذا البحث إلى خطر المواد السامة التي تبثها المنطقة الصناعية التابعة لرمات حوفاف في النقب ومخاطر مجمع النفايات، القائم منذ العام 1975.
هذا ويتضح من التقرير، الذي طالعته وتعرضه الجزيرة: أن نسبة ولادة الأطفال مع تشوهات لدى السكان العرب-البدو الذين يعيشون قرب المنطقة الصناعية الكيماوية أكبر بضعفين بالمقارنة مع السكان العرب-البدو في المناطق الأخرى.
وتبين معطيات التقرير أن السكان في المنطقة المذكورة يعانون من أمراض في الجهاز التنفسي ويضطرون إلى تلقي العلاج بصورة متواصلة.
وقد فحص التقرير الطبي لجامعة (بن غوريون) ببئر السبع مسألة ولادة الأطفال مع تشوهات لدى السكان البدو في محيط المنطقة الصناعية لرمات حوفاف، وأجرى مقارنة بين نسبتهم والنسبة العامة لدى أطفال السكان البدو في النقب، حيث تبين من المعطيات أن السبب الرئيسي لمثل هذه الولادات هو السكن بالقرب من المنطقة الصناعية لرمات حوفاف، ولا علاقة لها بأمور وراثية كما تدعى الجهات الإسرائيلية الرسمية.
ويذكر أن مسؤولين عرب ويهود في النقب كانوا قد توجهوا لوزارة الصحة مؤخراً، مطالبين بالعمل على نشر نتائج البحث الذي أعده خبراء من جامعة (بن غوريون) في بئر السبع، برئاسة البروفسورة اليهودية باتيا سيروب، رئيس قسم (الأبدميولوجي) في الجامعة، شمل المواطنين العرب واليهود الذين يسكنون بجوار مكب النفايات الكيماية (رمات حوفاف) ..
وكانت البروفيسورة، سيروب، والطاقم العامل معها فحصت معلومات حول الأمراض التي أصيب بها السكان في المنطقة المحاذية لرمات حوفاف منذ الأعوام 1995 وحتى 2000، وقارنت بينهم وبين السكان الذين يسكنون على بعد عن هذه المنطقة..
ويسكن بمحاذاة المنطقة الكيماوية اليوم نحو 350 ألف مواطن عربي ويهودي.
ويعاني سكان قرية وادي النعم العربية (غير المعترف بها) والواقعة شرقي مكب النفايات والمصانع الكيماوية، من الأمراض التي تسببها المنطقة الصناعية حيث تتسبب بإصابة نسبة كبيرة من السكان العرب بأمراض خطيرة وتؤدي إلى حالات إجهاض للنساء.
ويسكن في قرية وادي النعم المحاذية لرمات حوفاف نحو 6000 نسمة، 60% من بينهم حتى جيل 18 عاماً.. وبالرغم من الظروف الصعبة التي يعيش فيها السكان، وبالرغم من سكنهم بالقرب من منطقة كيماوية، إلا أنه لا توجد في القرية حتى عيادة طبية، مع العلم أن المحكمة العليا أمرت حكومة إسرائيل العمل على إقامة عيادة قبل نحو ثلاث سنوات، على أثر التماس توجهت به اللجنة المحلية للقرية.
ولا يوجد في القرية كذلك أي وسائل إنذار لتحذيرهم من تسرب المواد الكيماوية، حيث يعرف الأهالي بعد حدوث التسرب عن ذلك، وأحياناً بعد انتهائه، وفي المرة الأخيرة اضطروا إلى الهرب إلى الجبال القريبة.
وحسب المصادر العربية داخل اسرائيل: بالرغم من أن الجبهة الداخلية العسكرية للجيش الإسرائيلي، المسؤولة عن إخلاء السكان في أوقات الكوارث، فقد أعدت للكيبوتسات والحارات اليهودية الجنوبية لمدينة بئر السبع، خطة إخلاء في وقت وقوع كارثة في رمات حوفاف، إلا أنها لم تلتفت إلى السكان العرب الذين يعيشون على بعد أمتار من هذه المنطقة القاتلة.. وفيما تقول مصادر في الجبهة الداخلية أن السكان لا يتجاوبون معهم، ينكر السكان ذلك ويقولون أن الجيش غير معني بوضع خطة إخلاء لهم.
وفي هذا السياق، قال، لباد أبو عفاش، رئيس اللجنة المحلية لقرية وادي النعم، معقبا على نتائج التقرير الإسرائيلي الخطير: التقرير يؤكد ما كنا حذرنا منه في الماضي.. علينا أن نخرج منذ اليوم في مظاهرات ونقف معاً للنضال ضد هذه المصانع الكيماوية - لأن هذا النضال هو مهم جداً خاصة وأنه نضال من أجل الحياة.. حان الوقت لتبدأ الحكومة بإجراءات لإنقاذ ما تبقى من السكان من الخطر الكبير.. نحن نعرف أن هناك سموما تؤثر بعض سنوات، ولا نعرف إذا كان بيننا أشخاص يعانون من أمراض لم تظهر أعراضها بعد.
في هذا السياق، اتهم طلب الصانع، العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي، حكومة شارون ووزارتي الصحة وجودة البيئة بالمسؤولية عن الوضع القائم، وطالب بإغلاق مكب النفايات الكيماوية في رمات حوفاف وإبعاده عن مراكز السكان.
أما رئيس نقابة العمال في بئر السبع والنقب، رئيس لجنة البيئة في بلدية بئر السبع، فطالب بالعمل على إقامة لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضٍ في المحكمة العليا للتحقيق بكل ما يجري في منطقة رمات حوفاف، خاصة بعد أن أشار تقرير مراقب الدولة إلى الكثير من المشاكل في هذه المصانع.. وأنه على وزير الصحة الإسرائيلي، داني نافيه، نشر التقرير بصورة رسمية، وعرض رأيه أمام السكان في النقب.
|