هذا الموت المفاجئ لأستاذنا ولشاعرنا الكبير حسن عبدالله القرشي.. يقع في نفسي.. موقع الحزن والحسرة والأسف عليه، وعلى هذه الأيام التي أخذت تتسرب من أيدينا.. وهذه الأعمار التي أخذت تنطوي أمامنا.. وهذه الرموز الأدبية والشعرية التي أخذ انطفاؤها يتلاحق الواحد بعد الآخر..
بالأمس بكينا الأستاذ والشيخ فهد العريفي.. ليطالعنا صبح جديد بأحزان جديدة.. وفَقْد جديد.. وموت لشاعر ، هو واحد من بقية البقية من الشعراء الأصلاء والمجيدين في عالمنا العربي وليس في المملكة وحدها.. وبعد أن فقدنا عمود أعمدة الشعر: الجواهري.. وجوهرته المتلألئة: نزار قباني.
لكأن موت الأستاذ القرشي يؤذن بنهاية مرحلة شعرية.. كانت هي الأقرب لوجدان الأمة، وهي الألصق بأحلامها ورؤاها وتطلعاتها..
لم يكن (القرشي).. شاعر موت.. ولكنه كان شاعر حياة، فقد أحب الحياة بكل ما فيها من جميل وقبيح.. ولكنه لم يكن ليرى غير جمالها في البحر والنهر.. وعلى قمم الجبال وفي قيعان الأودية.. وبين الشجر والبشر، وإذا كان العمر قد امتد به إلى ما بعد السبعين.. فقد كان يعيش الحياة وكأنه ابن الأربعين التي لم يبرحها. فقد كان شاباً.. في أفكاره، وفي ملابسه، وفي نمط حياته.. وفي تلك الذاكرة الشعرية الفريدة التي كانت لا تجعله يحفظ عن ظهر قلب المطولات من شعره.. فقط.. ولكن إلى جانب شعره.. شعر أولئك الشعراء الذين أحبهم وفتن بهم من أمثال (الفيتوري) و(دنقل) و(مطر).
ولكن ماذا نقول؟
وقد مات وهو على مشارف الثمانين من شبابه..؟ فهو الوحيد بين من عرفت من الشعراء.. الذي يمكن أن نقول عنه إنه مات شاباً في الثمانين من عمره..!
إن عزاءنا فيه.. أن الأديب والشاعر والفيلسوف والفنان لا تموت ذكراه ولكن الذي يموت فيه بدنه..
فهل مات المتنبي..؟
وهل مات شوقي..؟
وهل مات نزار..؟
نعم ماتت أبدانهم.. وبقيت ذكراهم.. وبقي شعرهم..وقصائدهم نقرؤها ونحفظها ونستعيدها..
رحم الله شاعرنا.. وحفظ لنا تراثه.
|