أشار الاستاذ هيكل في مذكراته عن السياسة المصرية، إلى أن الرئيس جمال عبد الناصر قد هاجم الولايات المتحدة في عام 1964 بناء على تقرير مضلل قدمه (علي صبيي).
ولا يشك أن هذه الحادثة تثير تساؤلات عديدة حول الدور الذي لعبه علي صبري، ومجموعته في توجيه السياسة المصرية الى مزالق خطيرة، ومواقف فرضت عليها فرضا، بفعل التقارير الخاطئة والمعلومات المضللة، وكم يتمنى المصريون أن يتسع وقت محكمة الثورة لتحري هذه القضية بالذات، فمعروف ان علاقاتنا تأزمت مع ايران بسبب تقرير خاطئ عن نية ايران في الاعتراف باسرائيل، وكانت الفجوة اتاحت لاسرائيل ان تدعم مراكزها في ايران، وان تعزلنا عن جارنا الطبيعي والتاريخي، الى أن تداركت ثورة مايو 1971م الموقف وعادت العلاقات بيننا وبين ايران.
ومعروف ان علاقاتنا مع السعودية ترددت وانهارت بناء على معلومات عن مؤامرة تطوع بابلاغها ضابط من اعوان صلاح نصر، قبض عليه يوم 6 يونيو (حزيران) وتبين ان زوجته يهودية هربت يوم الرابع من يونيو أي قبل الضرب بساعات وثبت أن له رصيداً بسويسرا يقال انه ستة ملايين استرليني، وانه ضرب جهازاً عسكرياً حساساً كانت آمال كل العرب معلقة عليه!
ومعروف أن الساعات القليلة التي ارتبكت فيها السياسة المصرية في مواجهة الاحداث بسوريا منذ وقوع الانفصال الى عملية الانزال الفاشل، كانت كلها ثمرة تقارير مغلوطة وخاطئة ومضللة.
ومعروف اننا تورطنا في حرب اليمن بناء على معلومات وتقدير موقف خاطئ.. بل ان السيد علي صبري بالذات عاد من لندن عام 1956م بتأكيد استحالة وقوع تحرك بريطاني فكان العدوان.. وان شمسي بدران عاد من روسيا يحمل تأكيداً باشتراك الاتحاد السوفياتي اشتراكاً فعلياً اذا ما وقع القتال، فلما وقع قيل انه خطأ في الفهم او الترجمة.
ومعروف اننا انفقنا 200 مليون جنيه مصري على الوادي الجديد بناء على معلومات خاطئة عن وجود نهر آخر موازٍ ومنافس لنهر النيل يجري تحت الصحراء!
ولا شك أن فتح الملفات كفيل بأن يقدم عشرات الامثلة والنماذج، هذا في القضايا المصيرية فماذا عن قضايا الافراد، الذين فرضت عليهم الحراسة، والذين اعتقلوا او اختلفوا او شردوا او سحبت منهم الجنسية او نكل بهم.. بناء على تقارير مغلوطة وكاذبة.
أليس من الطبيعي ان يعاد النظر في هذه التقارير.. ويرد الاعتبار لضحاياها، أليس من الطبيعي ان تقام الى جانب محكمة الثورة، محكمة الشعب، يتقدم فيها المواطن باتهاماته ضد الذين بنوا لمصر وشعبها سجناً كئيباً حراسه الطغاة الفاسدون المفسدون.
أليس من الطبيعي ان تجري مراجعة شاملة لكل معلومات الأجهزة تعقبها محاسبة للذين اخطأوا عن عمد فأضروا بمصالحنا كدولة وبحقوقنا كأفراد؟.
عن الحوادث اللبنانية
|