فشل قمة بوش- جورباتشوف

في مثل هذا اليوم من عام 1990 م أنهى الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب والزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف لقاء القمة الذي استمر ثلاثة أيام في جو من الدفء والصداقة، ولكن بدون أي اتفاقات ملموسة فيما يتعلق بإعادة توحيد ألمانيا.
وقد عقد بوش وجورباتشوف ثاني اجتماع قمة في العاصمة واشنطن، وكان الموضوع الرئيسي للمحادثات هو مستقبل إعادة توحيد ألمانيا بعد انهيار النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية وانهيار سور برلين في عام 1989، وقد تباينت وجهات النظر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حول قضية إعادة توحيد ألمانيا في ظل وجود الحرب الباردة في أوروبا، وكانت الولايات المتحدة تأمل في وجود ألمانيا جديدة وأن تكون عضوًا في حلف الناتو الذي تكون عام 1949 ليكون منظمة دفاعية مضادة لمعارضة التوسع السوفيتي في غرب أوروبا، في حين عبر الاتحاد السوفيتي عن قلقه البالغ إزاء انضمام ألمانيا إلى حلف الناتو، وذلك بسبب مخاوف الاتحاد السوفيتي من وجود ألمانيا موحدة ومسلحة بجوار حدوده، وقد عرض جورباتشوف أن تكون ألمانيا الجديدة عضوًا في كل من الناتو وحلف وارسو، وهي الكتلة الشيوعية الموازية لحلف الناتو.
كما تطرقت القمة الثانية من المحادثات إلى مصير جمهورية ليتوانيا السوفيتية التي أعلنت استقلالها أواخر عام 1989، وقد ردت الحكومة السوفيتية بصورة حادة على انفصال ليتوانيا وذلك بفرض عقوبات اقتصادية وهددت بغزو عسكري، ولكن كان من الواضح أن إدارة الرئيس بوش الأب ترحب باستقلال ليتوانيا، وطالبت حكومة الاتحاد السوفيتي بالتوقف عن سلوكها التهديدي تجاهها.
ولم يتم التوصل إلى أي اتفاقات في تلك القمة بشأن ألمانيا أو ليتوانيا أو بأية مسألة أخرى بخصوص ذلك، ولكن الرئيس بوش كان يفضل أن ينهي اللقاء بملاحظة إيجابية، فصرح قائلاً: لقد تقدمت العلاقات الأمريكية - السوفيتية وقطعت شوطًا طويلاً للغاية وابتعدت عن الغوص في الحرب الباردة، ولا أستطيع قياس ذلك تحديدًا ولكننا لم نكن منذ عشرين سنة نستطيع عقد محادثات في كامب ديفيد أو أن نجلس معًا في المكتب البيضاوي مثلما فعلنا منذ يومين أنا والرئيس جورباتشوف.
ولكن أحداث العام التالي غيرت طبيعة تلك القضايا التي طرحتها تلك القمة، فقد أدت القلاقل الاقتصادية والسياسية في الاتحاد السوفيتي إلى استقالة جورباتشوف كرئيس للاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991، وعندها بدأ الاتحاد السوفيتي في التلاشي.