Thursday 3rd June,200411571العددالخميس 15 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

تركي السديري تركي السديري
محمد بن ناصر الأسمري / باحث ومستشار إعلامي

اعتز كثيرا بصداقتي وزمالتي لأكثر من شخص يحمل هذا الاسم، ولكن في ذاكرة الوعي شخصان لهما مساحة أكبر، فتركي وزير الخدمة المدنية السابق له من المثالية في الانضباطية ومقت الواسطة القدح المعلى؛ تقاعد من منصبه وهو على منهج الثبات فيما اختط من سلوك وممارسة وتخلق مثير للبهجة وهذا له قدر وتقدير؛ ولم يمنع هذا صلته وتواصله مع عينات من مجتمع وطنه في ديوانية منزله مساء كل سبت حتى في اشهر الصيف فهو لا يحب السفر في الزحام، أما تركي الآخر فهو الإداري والباحث البارع المدير لمركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي، والذي له مساحة في الإكبار والاعتزاز بما يمارسه من عمل، أما تركي الثالث فهو الصحفي والكاتب والإداري الذي تحول بصحيفة الرياض من محلية الانتشار إلى خارج نطاق المحلية التي غرقت فيها غالبية الصحف السعودية التي تصدر من الوطن ولا يخلو الأمر أحيانا من بروز بعض ممارسات برجوازية الفهم لسياسة الصحيفة، في منتصف التسعينيات الهجرية في بداية عملي غير الاحترافي مع الصحافة كنت أتهيب الرجل فقد كان رجلا مجلجلا في تحرير الشؤون الرياضية في مقر صحيفة الرياض في شارع المرقب وكنت غلاما أخاف من الشروق ، وفي ظني أن اعتكاف الرجل على تثقيف نفسه بالقراءة وكتابة القصة كما روى محمد بن سعد بن حسين أستاذ الأدب العربي الجامعي العام الماضي حين استضاف تركي وكسر انعزاليته عن حوارات المنتديات فكان حواره في منتدى ابن حسين اكثر من رائع في صراحته وجرأته.
تمكن أبو عبد الله من امتلاك ناصية البيان في كتابة المقال السياسي بصبغة أدبية عالية القيمة والمصداقية سواء في الشأن المحلي أو العروبي أو العالمي مما أوجد له مساحة من القبول في التلقي والمتابعة حتى وان اختلف معه. واصبح صوتا سعوديا يحمل للخارج صورة لخطابنا الفكري الذي يبين صورة التقدم والرقي العلمي والفكري الذي بلغه مجتمعنا وما توالى فيه من أجيال توارثت حفظ الثوابت والاحتفاظ بتبني مستجدات الفكر والأداء والممارسة في مجالات الفكر الإنساني والإدارة والتنمية والتقنية، ولم يقف الأمر على مستوى النشر في صحيفة الرياض بل لقد تجاوز إلى المشاركة في ميادين قيادة الرأي في محطات التلفزة العربية والعالمية ولا أخال أن سرعة الإيقاع في الرقي الذي وصلت إليه الصحيفة غير غائب عن المبصرين في مجالات التقنية والتحرير والربحية غير المسبوقة، لكن لعل من ابرز المحامد : كتاب الرياض الذي سد فراغا كبيرا في الساحة الفكرية بخلاف المشاركة مع اليونسكو في نشر كتاب في جريدة، والتي صارت في رعاية رجل الأعمال السعودي محمد عيسى الجابر.
كل هذا يفرض مكانة ومقاما للرجل حتى وان لم يتفق معه، لكن المؤلم حقيقة أن يوصم الرجل في بعض ساحات الشبكة العنكبوتية بالعلمانية وبتطرف يصل إلى حد التكفير والتفسيق والقذف, والذي يقتضي الأمر لو كان علانية إقامة حد القذف، والرجل نحمله على المحمل الحسن مثل كل مسلم يجتهد بالصواب والخطأ لكن من العيب أن يتحول الاختلاف معه إلى مثل هذا العبث الجاهل الذي لم يسلم منه حتى كبار المفتين والوعاظ الذين هم في غالبهم من منطقة واحدة ومنهج علمي أحادى أيضا، ولا أظن أن في هذا المسلك ضرر مقتصر على الرجل ولكن الضرر الأعم هو أن يحسب على فكر مجتمعنا الذي هو في أرض قبلة الامة ومحجها واسطة عقد الملة.
إن تركي السديري مثقف نفخر به في هذا الوطن وقائد رائد من قادة الرأي نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله والله حسيبنا وحسيبه، ولقد ساءني ما تعرض له من كتابات مقذعة في الفحش في ساحات الإنترنت بسبب ما قرئ بفهم قاصر أو متعجل فيما كتبه عما أصاب مجتمعنا من قطيعة معرفية اجتماعية نفسية، بل والإيغال في نشر ثقافة الكراهية، ناهيك عما توالد لبلادنا من كراهية وعداء في جل أقطار العالم الإسلامي والعربي بسبب ما ترسخ من ثقافة التشكيك في عقائد الناس وإنكار سماحة وعالمية الإسلام، وكذا العالم الغربي الذي له معنا ولنا معه مصالح كبيرة ولا غنى لنا عنها مهما تشدق بعضنا ولذلك فإن قول الزميل تركي السديري : هنالك شيء آخر يحدث فأنت تفهم لماذا تخص الأقلام الغربية المملكة بالقدح والنبوءات المتشائمة وما ذلل إلا بسبب أن المسألة ليس حسدا من الاقربين أو الابعدين كما قال في مقاله (البشر دون مستوى الأرض)بتاريخ 13-4-2004 الرياض
من الداخل يلزمك أن تبحث عن مبررات مقنعة لحالات الهوس الغريبة التي
لا تقبل الاعتراف بأي نجاح وتصر على تلويث أي اسم والتشكيك بأية نيات وتحفز الناس على كره بعضهم بل وممارسة التدني الأخلاقي باستعمال صفات واتهامات يقام بسببها الحد على فاعلها المجهول وهذا إما قاد إلى تشرذم وانعزال مناطقي صنع كما قال في مقاله التالي يوم 41 إبريل تكوينات اجتماعية ينعزل بعضها عن بعض ثم تتعادى وهذا ما وافقه عليه الباحث السعودي في جامعة هارفارد الأمريكية الشهيرة سليمان الهتلان في مقاله (الكتابة عن الكتابة) في صحيفة الوطن الأسبوع قبل الماضي
نلوم تركي السديري إن وضع بعض التشخيص لما سرى من أمراض اكثر خطورة وحاجة للعلاج من اجل مصلحة وطنية عليا
لقد كان لمؤسسات التوجيه في التعليم العام والوعظ والإرشاد والحسبة والإعلام والثقافة المجال الأرحب في وجود القطيعة ولذلك صنفت الصحف إلى علمانية وخضراء دمن ووثن وبقيت القراءات كل له مجلة أو استوديو تسجيلات ولم تعد القطيعة على هذا المستوى، وبرزت الفتاوى التي تحرض على رفض أنظمة التأمين وقرارات دمج إدارات حكومية لولي الأمر الحق فيها كما هو من حقه الدستوري أن يقيل الحكومة والبرلمان، وهذا ما يتفق وطرح السيد تركي السديري (أنا كنت أتحدث عن الانقسامات الاجتماعية وصراع ثقافات خاصة إحدى فئاتها يلتزم التشدد غير المشروع وأخرى تعطل التدرج باستفزاز حالات القفز على حقيقة أوضاع المجتمع) هذا التصادم هو ما كان يبحث عن ترميم له اجتماعيا ووعيا ثقافيا يرتقي إلى الوصول إلى صوت وطني واحد متنوع الطروحات لكنه متوجه الى أفق وفضاء لا يهمل هم الانتماء والفداء والافتداء، ولذلك فإن مجلس الشورى قد بات بعد عودته لممارسة مهامه الدستورية التي تعطلت عدة عقود مثالا للتفكير الواعي بهموم ومشكلات الوطن، وجلهم من قبائل الوطن ولأن الهدف تركي السديري من قبيلة قحطانية ازدية، والغالب الأعم من مجتمعنا هو في الأساس مجتمع قبلي حتى من تحضر، لكن الاستقرار والارتباط بالأرض مجال لنبذ البداوة ومجتمع (نقالة العمود) والبحث عن الكلأ، الاستقرار يقود إلى المدنية والعمران.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved