* جدة - عدنان حسون:
الجريمة ظاهرة اجتماعية لم ولن يخلو منها أي مجتمع بشري إلا ان هذا لا يعني انها سلوك سوي أو عادي بل هي شذوذ مرفوض تماماً من المجتمع والدولة لأن فيه مخالفة للقيم والنظم والتشريعات التي تحكم بتنظيم الحياة الفعلية. وما طرأ على مجتمعنا مؤخراً من قبل فئة ضالة وبمنطلق غريب يتبناه هؤلاء القتلة المأجورون الذين يسعون لترويع الآمنين في هذا البلد الأمين.
لكن لوحظ التجمهر من قبل المواطنين والمقيمين في موقع الحدث سواء أثناء مداهمة موقع من أوكار هؤلاء الإرهابيين أو حتى أثناء حادث مروري أو حريق مما يعرض أنفسهم للخطر.
ولأن الإعلام يلعب دوراً هاماً ومكملاً لدور الأجهزة الأمنية لذلك لابد من ايجاد صلة أكثر عمقاً وراء توفير حلول وتوعية للمواطن والمقيم والذي يمكن الإعلام المقروء والمرئي والمسموع أن يحقق دورا فاعلا ومساندا للأجهزة الأمنية للتوعية الشاملة.
(الجزيرة) طرحت هذه القضية على رجال الإعلام والذين هم مطالبون بنشر التوعية من خلال ما تسطره أقلامهم وآراؤهم..
طمس المعالم
في البداية يقول المستشار الأمني ومدير عام العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية الدكتور سعود بن صالح المصيبيح: تمت ملاحظة ظاهرة التجمهر حول الحوادث الأمنية وخاصة الأحداث التي وقعت مؤخراً في مطاردة الفئة الضالة وهي تشكل عائقاً أمام جهود الجهات الأمنية وقد تسهم في طمس معالم والآثار ذات الأهمية في تعقب المجرمين وأدوات الجريمة. كما انها قد تعرض حياة المتجمهرين للخطر نظرا لنوعية الأسلحة التي تستخدمها الفئة الضالة من رشاشات وقاذفات وسيارات متحركة وقنابل، كما تحد من سرعة تحرك رجال الأمن في تعقب المجرمين وتعيق أجهزة الانقاذ والاسعاف من سرعة الوصول إلى موقع الحادث وسرعة تقديم الخدمة للمصابين.
ورغم ان دافع التجمهر عند الكثير من المواطنين والمقيمين قد يكون لمساندة رجال الأمن وتقديم الدعم المعنوي والعملي لهم في الميدان إلا ان النتائج قد تكون عكسية.
ولهذا لا بد من إخلاء مكان الحدث والأماكن المجاورة له والمداخل المؤدية إليه كي تتاح الفرصة للجهات المختصة للقيام بعملها دون عائق وحرصاً على سلامة المواطنين والمقيمين من أن يتعرضوا لأي أذى.
مكافحة التجمهر
الكاتب محمد صلاح الدين قال: ان تعود الكثير من الناس التجمهر حول حوادث السيارات حال وقوعها مع ترك سياراتهم على جانبي الطريق وذلك بدافع الفضول على الأغلب دون علمهم بأن هذا التجمهر في موقع الحادث الذي غالبا ما يكون طريقاً كثيف الحركة أو شارعا مزدحما بالسيارات وبالمارة من شأنه أن يعوق عمل رجال الأمن ويعطل حركة سيارات الاسعاف، بل ربما تسبب هذا التجمهر في وقوع حوادث جديدة لم تكن في الحسبان..
وأضاف: إننا لا نتحدث هنا عن المارة أو السائقين الذين شاهدوا الحادثة فور وقوعها وهرعوا باعتبارهم الأقرب لانقاذ المصابين أو تقديم الاسعافات الأولية للجرحى وقاموا من ثم بابلاغ الجهات الأمنية وسيارات الاسعاف انما نتحدث عن المارة وسائقي السيارات وراكبيها الذين يتجمهرون حول موقع الحادثة مع سياراتهم لمجرد الفرجة واشباع الفضول وتضييع الوقت وهؤلاء يجب أن يفهموا ان بإمكانهم تقديم أفضل مساعدة للمصابين ورجال الأمن وسيارات الاسعاف وذلك بعدم التجمهر وايقاف سياراتهم حول موقع الحادثة.
ان هناك آداباً عامة علينا جميعا التقيد بها لما لها من عائد طيب على المجتمع ولما وراءها من فوائد جمة، ويبدو من الضروري ان تتولى سلطات الأمن مكافحة هذا التجمهر حول الحوادث وحث السائقين والمارة بالابتعاد عن مواقع الحوادث بأشخاصهم وسياراتهم حرصاً على السلامة العامة ومساعدة المصابين ودعماً لرجال الأمن.
وعي المواطن
ويقول الأستاذ عبدالله فراج الشريف: إن التحضر الراقي لا يعني ان نمتلك الأشياء التي انجزتها الحضارة الحديثة فقط وان نكدسها في بيوتنا وبلادنا، وان نفتخر باقتنائها والاستكثار منها، وانما يجب ان يعني لنا سلوكا حضاريا راقيا يفيدنا ويمنع الضرر عن مجتمعنا ويقودنا إلى تقدم حقيقي، فحينما يقع حادث سيارة مثلاً ويتسبب في إصابات بالغة بركابها، أو المارة في الشارع فإن التجمهر حول موقع الحدث سلوك غير حضاري يؤدي إلى مزيد من الأضرار فهو يربك المسعفين ورجال الأمن الذين يباشرون الحادث وقد يضر ضرراً بالغاً بالمصابين، فيحجب عنهم الهواء ويقيد حركة مسعفهم وقد يؤخر وصول سيارات الاسعاف والانقاذ إلى موقع الحدث أياً كان نوعه ولا أظن أن الضرر أبلغ حينما يتجمهور الناس حول موقع يطارد فيه رجال الأمن أو يحاصرون مطلوبين خطرين، وقد يقع بينهم وبين هؤلاء الخطرين اطلاق نار كثيف فتسبب التجمهر حول موقع الحدث في تشتيت أذهان رجال الأمن الذين يواجهون الخطر في تلك اللحظة ويعرض الجمهور إلى إصابات مجانية هم في غنى عنها ويحمل رجال الأمن عبئاً مضاعفاً حينما يحاولون تفريق المتجمهرين أو درء الخطر عنهم، وكان الأهم ان يوجهوا انتباههم كلياً نحو الحدث والتعامل معه بحكمة للقبض على المطلوبين ودرء خطرهم عن انسان هذا الوطن بأقل الخسائر الممكنة، لهذا فنحن اليوم نطالب بنشر مزيد من الوعي بين مواطنينا وحثهم على الالتزام بالنظام حين وقوع الحوادث وان يكون سلوكهم في موقع الحدث حضاريا يعين المباشرين له ولا يربكهم ولا يعيق جهودهم.
الكاتب والإعلامي عصام أحمد مدير يقول: إن ظاهرة تجمهر العامة في موقع الحدث الكارثي أو المأساوي من مثل ما نشاهد في حوادث الطرق أو حالات الدفاع المدني ليس بأمر جديد فهي سلوكيات بشرية تحركها أساساً بواعث فضول غير مبررة ورغبة في تقليد الآخرين مع مركب من نقص في المعرفة، فلأن عددا من الناس تجمعوا في حيز مكاني معين وبشكل عشوائي لافت للنظر تقوم مجموعة أخرى من العابرين بالانجذاب لبؤرة التطفل تلك غير عابئين بما قد يترتب على تجمهرهم ذلك من اعاقة للجهات ذات العلاقة بالحدث ولا هم يكترثون بالفئات المصابة أو المتضررة والتي هي في أمس الحاجة لتلقي العناية أياً كانت طبية أو أمنية وبسرعة.
|