اهتمام المملكة العربية السعودية بمرفق القضاء أمر أزلي معروف منذ قيام هذه الدولة المباركة وفي مختلف حقبها ومراحلها التاريخية وهذا الاهتمام وهذه العناية تشمل كافة الدعم والتنظيم والرعاية التامة ولعلنا بمناسبة إقامة وزارة العدل للندوة العدلية الكبرى هذه الأيام والتي يرعاها صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني- حفظه الله - فإنني سوف أقتصر في حديثي هنا عن تطور الأنظمة الاجرائية بالتقاضي وإنجاز المعاملات في الدوائر الشرعية واهتمام الدولة السعودية بجانب الأنظمة فأصدرت أنظمة متعددة في هذا المجال تهتم بمواكبة المستجدات وتطورات العصر.
فقد أصدر الملك عبدالعزيز رحمه الله أول تنظيم لعمل المحاكم عام 1344هـ وكان اسم هذا التنظيم (مواد اصلاحية مؤقتة للمحاكم الشرعية) ثم صدر نظام سير المحاكمات الشرعية في 15-3-1350هـ ثم بعده صدر نظام المرافعات الأول سنة 1355هـ ثم توالى صدور الأنظمة حتى وصل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده- حفظهما الله - فحفل عهدهما بالمنجزات والمشاريع العديدة والهامة لخدمة القضاء ومرافقه وتسهيل اجراءات التقاضي حتى وصل إلى هذه المكانة العالية والسامقة في هذا العصر الزاهر وفي هذا السياق أقصد تنظيم الاجراءات في المحاكم وتطوير أساليبها صدر نظام المرافعات الشرعية الحالي في 1421هـ وقد تضمن (266) مادة موزعة على خمسة عشر باباً:
الباب الأول: أحكام عامة.
الباب الثاني: الاختصاص.
الباب الثالث: رفع الدعوى وقيدها.
الباب الرابع: حضور الخصوم وغيابهم.
الباب الخامس: إجراءات الجلسات ونظامها.
الباب السادس: الرفع والادخال والتدخل والطلبات العارضة.
الباب السابع: وقوف الخصومة وانقطاعها وتركها.
الباب الثامن: تنحي القضاة وردهم عن الحكم.
الباب التاسع: اجراءات الاثبات.
الباب العاشر: الأحكام.
الباب الحادي عشر: طريقة الاعتراض على الأحكام.
الباب الثاني عشر: الحجز والتنفيذ.
الباب الثالث عشر: القضاء المستعجل.
الباب الرابع عشر: تسجيل الأوقاف والانهاءات، الاستحكام، اثبات الوفاة وحصر الورثة.
الباب الخامس عشر: أحكام ختامية.
ثم صدر نظام الاجراءات الجزائية الشامل الذي يضم مائتين وخمساً وعشرين مادة موزعة على تسعة أبواب كمايلي:
الباب الأول: أحكام عامة.
الباب الثاني: الدعوى الجزائية.
الباب الثالث: إجراءات الاستدلال.
الباب الرابع: إجراءات التحقيق.
الباب الخامس: المحاكم.
الباب السادس: إجراءات المحاكمة.
الباب السابع: طرق الاعتراض على الأحكام، التمييز وإعادة النظر.
الباب الثامن: قوة الأحكام النهائية.
الباب التاسع: الأحكام الواجبة التنفيذ.
ثم صدر نظام المحاماة الذي يضم ثلاثاً وأربعين مادة موزعة على أربعة أبواب:
الباب الأول: ويشمل التعريف بمهنة المحاماة وشروط مزاولتها.
الباب الثاني: يوضح واجبات المحامين وحقوقهم.
الباب الرابع: يشمل أحكاماً عامة وانتقالية.
ثم صدر نظام التحكيم ونظام السجل العيني العقاري وغيرهما من اللوائح والأنظمة التي تهتم بتحديث الاجراءات في المحاكم وكتابات العدل في ظل وإطار الشريعة الاسلامية السمحة ولابد من الاشارة هنا إلى الجهود والمساعي المشكورة التي بذلها ومازال معالي وزير العدل في سبيل النهوض بهذه المرافق واحلالها المكانة اللائقة بها وقد تحقق ولله الحمد الكثير في هذا المجال ومازالت المعطيات تتوالى وتتواصل بدعم من هذه الدولة المباركة ولعله يحسن الاشارة هنا إلى ادخال التقنية الحديثة في أعمال المحاكم وكتابات العدل فقد قطعت وزارة العدل شوطاً واسعاً وخطت خطوات حثيثة وحققت في هذا المجال نجاحاً ملموساً كما يحسن أيضا الاشارة إلى مشاريع مباني المحاكم والمجمعات العدلية التي نفذت والتي لاتزال وهذا النشاط حققت فيه الوزارة نتائج تشكر عليها وهناك الكثير والكثير من الانجازات والتطوير الشامل لايتسع المقام للحديث عنها وحصرها والجميع يستشرف لمستقبل واعدٍ مشرق لقطاعاتنا العدلية التي يكفيها فخراً أنها تقيم شرع الله وتحكّم كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهذه الشريعة الخالدة هي شريعة العدل والكمال صالحة لكل مكان وزمان وقد ارتضاها الخالق جل جلاله لعباده قال تعالى {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
إن تطبيق شريعة الله المطهرة أمدت هذه المملكة الفتية بالأمن والرخاء وضمنت لهذه الأمة الخير وسعادة الدارين نشكر الله تعالى على نعمه التي لاتعد ولاتحصى التي حبانا بها في بلاد الحرمين الشريفين ونسأله جلت قدرته أن يديم هذه النعم وهذا الفضل علينا .. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
|