دخلت على طالبات فصلها وهي تبكي بهدوء، فلما سألنها عن السبب لم تتمالك عاطفتها فأجهشت بالبكاء، وصاحت بأعلى صوتها حتى (شاهقت) أمام زميلاتها، ومع إلحاحهن أخبرتهن بسبب بكائها وهو (خلو) البرنامج ممن تملك قلبها، فقد خرج (الخلاوي) من المنافسة!!
وكيف أن ترجل هذا (الفارس) قد أصابها في مقتل، وأن تركه الشاشة أو ترك الشاشة إياه قد أحدث في نفسها فراغاً من الصعب ملؤه! وأين لها مثلُ حركاته؟ ورقصاته؟ وألحانه؟ ومن سيقبِّل الفتيات على الهواء بعدك (أيها البطلُ)؟ ولم تزل (بنت الجزيرة) مجهشة بالبكاء حتى رحمها من رآها إما لبكائها وإما لسبب بكائها، وهل وصلت بها الحال من الفراغ الروحي، والخواء الفكري إلى هذه الدرجة المثيرة للشفقة؟!
تلك كانت الدمعة الأولى من(الدمعتين).
وأما الدمعة الأخرى - وهي (الأحرى) والأجدى - فإنها لفتاة معها في المدرسة نفسها، بل وهي زميلتها في الفصل ذاته! ولكن شتان بين (مشرّق) و(مغرِّب) كانت الدمعة الأخرى لهذه الفتاة الموفقة عندما سمعت في (نشرة الصباح) خبر استشهاد الشيخ (أحمد ياسين) - رحمه الله تعالى - سمعته وهي في طريقها إلى المدرسة لم تملك نفسها من البكاء الصادق المغلوب عليها فيه، حتى ان إدارة المدرسة تفهّمت حالتها وعرفت مصابها، والهمّ الذي أصابها فأذنت لها بالانصراف إلى بيتها لترتاح، وتستعين بالصبر والصلاة حالها حال المؤمنات الصابرات.
هذه الصورة المشرقة لفتاة في الثانوية نفسها، ومع ذلك مثال صالحٌ للاقتداء، وأنموذج حيّ يمكن أن يُحتذى، مع أن ما لدى غيرها لديها من طيش الشباب، و(دلع) المراهقات، فهي وزميلتها السابقة تمران في مرحلة عمرية واحدة، ولديهما من الهموم المشتركة الشيء الكثير، فليست أختنا الأولى المخدوعة بالتوافه بأكمل من الثانية في شكل أو لباس، بل ربما كان العكس!
المعلمات هن المعلمات، والمناهج هي المناهج!! لكنه - بعد التوفيق والخذلان - أمر يعود إلى المغذي الحقيقي والمؤثر الفاعل في فتياتنا ذلكم (الإعلام) الذي يمضي جلّ أوقات الفتيات أمامه!
عسى أن تكون الدمعة الثانية سبب حياة لصاحبة الدمعة الأولى ومثيلاتها من أخواتنا الغاليات على قلوبنا ومجتمعنا وأمتنا.
|