** لا يمكن لأي عاقل أو منصف أو باحث عن المصداقية والحيادية والأمانة.. إلا أن يشيد بخطوات تطويرية كبرى .. حققتها وزارة التربية والتعليم في أكثر من اتجاه .. ويظهر لي .. ولغيري أيضاً .. أنها واحدة من أبرز الوزارات حركة ونشاطاً ونجاحاً .. رغم ما قد يعتري ذلك من سلبيات وأخطاء .. ومن لا يخطئ فهو لا يعمل.
** وزارة التربية والتعليم .. هي أكبر وزارة على الإطلاق .. يتبع لها أكثر من عشرة ملايين إنسان أو أكثر .. في حين بعض الوزارات .. لا يتبع لها أكثر من ألف شخص .. وهنا الفرق .
** وفي السنوات الأخيرة.. اتجهت هذه الوزارة إلى خطوات تطويرية كبرى ومتلاحقة وفي كل اتجاه وبدون استثناء.
** خبراء.. ولجان.. ودراسات.. وأبحاث وخطط وجهود هنا وهناك وعمل دؤوب مستمر لا يتوقف.. ونجاحات واخفاقات.. وصح وخطأ.. وقبول ورفض.. وكل شيء طرقته الوزارة.. ولم تترك مجالاً إلا وجرَّبته.. تاركة للآخرين الحكم.. ومتقبلة أي رأي مهما كان.. وواضعة أنظمة للتقييم والمراجعة.. وهي واحدة من أشجع الوزارات عندما ترى الخطأ.. تقول أخطأت وتتراجع.
** وزارة التربية والتعليم بعد قرار الدمج.. وهو قرار حكيم.. له إيجابيات كثيرة.. يحشد الطاقات ويوحد الجهود.. ويقضي على الكثير من الازدواجيات والمشاكل السابقة.. وكلنا صفقنا لهذا القرار الحكيم..
** أقول.. الوزارة بعد هذا القرار هي أشبه بشخص رزق توأما ً.. بنتاً وولداً .. يحتاج كل واحد منهما لرعاية وعناية واهتمام .. ويجعل المسؤولية مضاعفة.. ليس مرة بل مرات .
** ولكن هذا الذي رُزق بولد وبنت .. الولد كان هادئا ً.. قليل المشاكل .. مريحا .. وكانت البنت (غْثَيثهْ)..
** وحتى لا أُفهم خطأ .. فوزارة التربية والتعليم .. استلمت تعليم البنات كاملاً مكتملاً.. فقد صنعه خبراء ورجال تربية وفكر .. وقدموه جاهزاً في قمة عطائه .. لا يحتاج الأمر إلا إلى إكمال المسيرة فقط .. وهذا .. هو المشاهد والمعاش .. وهذا هو الواقع .. وإن غضب من غضب.. لكنها الحقيقة .
** لقد كانت البنت (غثيثة) لأن المسؤول في وزارة التربية والتعليم .. أراد أن يثبت العكس فحصل العكس .
** لقد كانت القرارات التي اتخذت في شأن بعض التنظيمات غير موفقة .. وهي تغيير لمجرد التغيير.. وهي لمجرد التضييق على الناس وتعقيد أمورهم .
** لقد تعاملت الوزارة أو شؤون تعليم البنات أو شؤون (تعقيد البنات) وكأنما هي آلة .. ونسيت أنها امرأة .. وأنها في هذا المجتمع لها وضعية خاصة جداً جداً .. ولها ظروفها ولها حساباتها .. وللمجتمع نفسه خصوصيته وتميزه .. وله ظروفه..
** قرارات تعليم البنات .. أو شؤون البنات أو على الأصح (تعقيد البنات) لا تحصل حتى لكتيبة مشاة أمامية .. مهمتها قتالية في ظروف غامضة وصعبة .. وتعمل في مهمات الطوارئ والكوماندز والتدخل السريع .
** المرأة هنا - مسكينة .. ومن فضل الله عليها ومنته .. أنها محتشمة (بيتوتية) ليس لها علاقة بالشارع ولا بالمجتمع ولا بأي شيء آخر .. غير أسرتها وبيتها .. فهي من فضل الله ليست كالمرأة الروسية أو الصينية أو اليابانية أو الدنمركية .. تتحزم وتطمر في الأوتوبيس أو تذهب في القطار لآلاف الكيلومترات أو (تِردِفْ) مع صاحب دباب .. أو تشارك الرجل في المصنع والمعمل والمنجم .. بل هي بفضل الله ومنته .. مكسوة بالدين والحياء والإيمان .. والخلق والالتزام .
** قرارات شؤون تعليم البنات .. لو طُبقت حتى على فيلق قتالي .. لفشلت.
** في الجيوش .. وفي المناجم.. وفي المصانع وفي المتاجر وفي كل مكان .. يراعون خصوصية الشخص وظروفه ونفسيته والتزاماته ويقدرونها .. ومن لا يصدق .. فليزر.. وزارة الدفاع أو الحرس الوطني أو الداخلية .. ليرى بعينه .. كيف تقدَّر الظروف للجنود .. وكيف يتم تفهُّم مشاكلهم الخاصة .. وكيف يتم معالجتها بكل لطف ومسؤولية والتزام .. مما يرفع من نفسية كل العاملين .. لأنهم .. يدركون أن لديهم مرجعاً يحس بهم .. ويشعر أنهم بشر .. لهم ظروفهم ومتطلباتهم وأحاسيسهم ويقدر ويتفهم كل ذلك ..
** لكن شؤون تعليم البنات .. لديها (كمبيوتر) أو (كمبيوطر) (العلم عنده) والقول ما قال الكمبيوتر .. بمعنى أن كل إنسان يتعامل مع شؤون البنات .. فهو إنسان آلي .. وليس في عرف (الكمبيوطر) ظروف أو مشاكل أو موت أو طلاق أو بلاوي أخرى.
** (كمبيوطر) شؤون البنات .. جاهز للفصل والطرد .. والنقل والحسم والعقاب .. ولا يعرف الرحمة أبداً أبداً ..
** لا يقدر ظرفاً .. ولا يعرف السماحة .. ولا يتفهم مشكلة .. فهو جهاز والناس كلهم آلات ..
** وإذا أردت أن تعرف الحقيقة أكثر .. فزر إدارات تعليم البنين وإدارات تعليم البنات .. فالأولى.. لديهم هامش من الصلاحيات .. ويأخذون ويعطون ويتفهمون .. وتجد عندهم من يتفهمك ويفهمك ويتعامل معك ويُصغي لك وتخرج منه بنتيجة ..
** أما إدارات تعليم البنات .. فهم يداومون لحمل المعاملات فقط .. ولو تم التعاقد مع شركة عمال بنغالية لحمل المعاملات .. لما اختلف شيء .. فالنتيجة واحدة ..
** مسؤولو إدارات تعليم شؤون البنات .. مسلوبو الصلاحية لا يهشون ولا ينشون .. ولا يعملون أي شيء ..
** أتمنى .. لو أن إحدى الجامعات السعودية المختصة في علمي النفس والاجتماع .. تخرج فريقاً من الخبيرات في هذا المجال .. لدراسة نفسيات العاملات في المدارس .. لترى النتيجة المخيفة.
** المسألة أيها السادة .. ليست صك الباب وإحكام إغلاقه وطرد الناس ومطاردتهم ومعاقبتهم .. فالمسألة هكذا سهلة للغاية .. ولكن المسألة مسألة تربية وتعليم .. وبنات وأجيال ونساء ومجتمع وحياة ومستقبل وعطاء وتنمية ..
** سهل جداً .. عندما يناقشك أو يحاورك أو يكلمك أي شخص أن تطرده وتقول له : (امسك الباب) وعندها (سينقلع) ويسكت ولكن .. هل هذا مقبول ؟ وهل هذا تصرف عقلاني ؟ وماذا سيقول عنك الناس .. وكيف سيتعاملون معك ؟
** النجاح .. ليس طرد الناس وصك الأبواب .. بل العمل والتفاعل مع الناس وتفهم ظروفهم ومشاكلهم وتقديرها .. ومعاملتهم بما يستحقون من كرامة..
** هل تصدقون وكمثال آخر .. أن زوجين - مثلاً - الزوج عسكري في الجيش أو الحرس أو أي قطاع آخر .. والزوجة معلمة .. والزوج تُقَدَّر كل ظروفه كاملة .. ويتم تفهُّم مشاكله الشخصية والأسرية ، ويمنح إجازات وينقل ويندب فيما لو احتاج .. مع أنه عسكري مطلوب للقتال والمعركة في أي لحظة ..
** والزوجة المربية المعلمة .. ترتعد وتنتفض داخل بيتها .. لا تدري ماذا يراد بها وماذا سيواجهها يوم غدٍ .. من تعليمات وتعاميم وعقوبات ، كما أنها تدرك إدراكاً تاماً .. أنها لو تعرضت لأي ظروف ومهما كانت .. فعليها الاستقالة فقط وترك العمل ورفع نسبة (البطالة) ؛ لأنها تدرك أن شؤون تعقيد البنات لن يلتفتوا لأي شيء .. ولن يقدروا أي ظرف ..
|