* ليما - رويترز:
ثمة مفارقات في السياسة البيروفية، فهناك جدل حول ما اذا كان يتعين تغيير النشيد الوطني البالغ من العمر 183 عاماً ليتواءم مع روح العصر، وعلى صعيد آخر رأى مسؤولان أن خير وسيلة للنجاة من الموت على أيدي جماهير غاضبة هي الفرار أمامها مهما كانت وسيلة هذا الفرار ولو عن طريق التنكر..
وبالفعل فقد تمكَّن رئيسا بلديتان في بيرو متهمان بالفساد من الإفلات من مطاردة الحشود الغاضبة خوفاً من أن يجهزوا عليهما كما حدث لرئيس بلدية قبل شهر وذلك بعد أن تنكرا في هيئة رجال شرطة. ولجأ سيزار ايوجنيو رئيس بلدية مولينو الواقعة على أطراف منطقة الغابات بوسط بيرو وانتولين هواريكاشا رئيس بلدية اسيلو القريبة من الحدود مع بوليفيا إلى نفس الأسلوب للهرب في يومين متتالين بعد أن ضيَّق السكان الغاضبون الخناق عليهما.
وقال ضابط بالشرطة لرويترز عبر الهاتف من مدينة قريبة بعد أن ساعد هواريكاشا في الهرب داخل سيارة للشرطة (كان علينا أن نجعله يرتدي ملابس رجل شرطة).
ورئيس البلدية الهارب متهم بالعجز عن تفسير أوجه إنفاق أموال عامة واستخدام مقربين له في وظائف عامة على نطاق واسع. وكان هروب هواريكاشا ليل السبت شبيهاً بفرار ايوجنيو في اليوم السابق.
وقال ارماندو ريفيرا أحد سكان مدينة مولينو لرويترز عبر واحد من ثلاثة هواتف فقط في المدينة (خشي رئيس البلدية أن يجهز الناس عليه.. لذا هرب وهو متنكر في زي رجل شرطة. كان الناس قد خرجوا عن نطاق السيطرة وكان من الممكن حدوث أي شيء).
واتهم سكان المدينة ايوجينو باستخدام شاحنات البلدية في نقل أسمدة إلى أرضه الزراعية ورشوة قضاة. وفي أواخر أبريل - نيسان الماضي قام حشد من سكان مدينة ايليف وهي تقع أيضاً بالقرب من الحدود مع بوليفيا بضرب رئيس بلدية المدينة حتى الموت بعد اتهامه باختلاس أموال عامة.
وكان اليخاندرو توليدو رئيس بيرو قد تعهد بالقضاء على الفساد عندما تولى السلطة قبل ثلاثة أعوام لكنه يواجه احتجاجات شبه يومية ضد حكومته تسببت في تراجع شعبيته إلى ستة في المئة وهي الأدنى في أمريكا اللاتينية.
وفي الأسبوع الماضي أحال توليدو قوانين جديدة إلى الكونجرس لتشديد العقوبات ضد المحتجين. ومن جانب آخر عينت بيرو مجموعة من عشرة خبراء لتحديد هل نشيدها الوطني الذي وضع قبل 183 عاماً ما زال مواكباً لروح العصر.
وذكر قرار نشر في الجريدة الرسمية أن وزير العدل بالدو كرساليخا كلف اللجنة التي تضم جنرالاً متقاعداً وأكاديميين وموسيقياً بأن ينظروا فيما اذا كان النشيد (يعكس شعور الجماهير ووحدة الأمة وأن يدرسوا نص كلماته).
ويختتم النشيد الذي يردد في كل المناسبات الرسمية والعسكرية بعبارة تقول (تحيا بيرو). وتم تأليف النشيد عام 1821 عندما أعلنت بيرو استقلالها عن إسبانيا.
لكن جدلاً ثار طويلاً بشأن الجملة الافتتاحية في النشيد التي يعتقد أنها تسللت إليه عام 1913 من هتافات من كان في عداد الأرقاء.
ويقول منتقدون إن مقطعاً في النشيد يقول (لطالما تعرض أهل بيرو للقهر وكبلتهم قيود مؤلمة وخضعوا لعبودية قاسية.. ولطالما عانوا في صمت) يصور المواطنين على أنهم أذلاء.
وقال القرار إن مؤرخين أقروا بوجود (أخطاء جوهرية ومقطع مختلق). ويتعين على الخبراء تقديم تقرير وسيفتح نقاش عام بشأن الموضوع. وسعى مشروعون في الماضي لحذف المقطع المثير للاستياء وإعادة المقطع الأصلي الذي يقول (الآن أخرست الصيحة المقدسة للأحرار جلبة الأصفاد التي صكت مسامعنا لثلاثة قرون من الرعب وسمعها العالم مدهوشاً). وظلت بيرو مركزاً مهماً للإمبراطورية الإسبانية في أمريكا الشمالية طيلة ثلاثة قرون.
|