ان مناهجنا التعليمية بحاجة إلى إعادة النظر فيها، فالكلمة كالرصاصة، أو كالبذرة، قادرة على النمو والتشعب، قادرة على البناء والتعمير، كما هي قادرة على الهدم، لأن الأرض التي تنبت فيها ارض بور، وربما كانت طفلاً أو طفلة، مراهقاً أو مراهقة، ماذا نطلب من طفل وهو يواجه نده الشرس والمراوغ، عندما يقابل مسيحياً أو يهودياً أو مسلماً مختلفاً عنه في المذهب، ماذا سيكون رد هذا الطفل عندما يقابل أحداً من هؤلاء؟ وهو تلميذ مناهج الرأي، بدلاً من مناهج المعلومة المجردة والصافية والمتزنة، لا أعتقد أن هذا التلميذ، سوف يكون رحيماً أو ودوداً أو على الأقل محايداً..!
أما خارج المناهج فإن المدارس تعج بآلاف أشرطة الكاسيت والكتيبات، هذه الأشرطة والكتيبات لا نقول إنها يجب أن تسحب ولكننا فقط نأمل بأن يسري عليها نظام وزارة الثقافة والإعلام، وأن تتساوى في الرقابة مع الصحف، والمجلات والأقلام التي تصلنا من الخارج، وأن يوكل أمر الرقابة عليها واجازتها لمجموعة متخصصة ومستقلة التفكير، لكي تختار ما يجب أن يسمعه أو يقرأه أبناؤنا، فنحن بحاجة حقيقية لأبنائنا، بحاجة إليهم في البناء والاختراعات والتفوق، بحاجة إلى أن يشغلوا أوقات فراغهم فيما يعود على بلادنا بالخير ومحبة الآخرين، بدلاً من كرههم، وهو ما نراه ونلمسه الآن كردة فعل تجاهنا في كل مكان حتى الدول التي مددنا لها أيدينا بالمساعدات والمنح التعليمية، وبنينا فيها المدارس والمساجد والطرق والمطارات.
إن الدعوة إلى إعادة النظر في المناهج، لا تعني أننا نخضع للضغط من أحد، طالما أن هذا التغيير سوف ينعكس إيجابياً علينا وعلى أبنائنا وبلادنا، فقد أعدت هذه المناهج منذ سنوات طويلة، وثبت أن بعضها أصبح مترهلاً وثبت وجود بعض الأحكام ووجهات النظر غير المقبولة حيال بعض المذاهب والديانات والجماعات، ولأننا لا نريد من يمس ما نعتقده ونؤمن به، فإننا يجب أن نجري بعض اللمسات على هذه المواد، لكي لا نعطي الفرصة لوسائل الإعلام الأجنبية، لكي تبرز كره الديانات الأخرى في مناهجنا الدينية، وبعض هذا الكره بتنا نرى نتائجه عملياً في مسلسل التفجيرات الإجرامية التي طالت كل شيء لا يتفق وطريقها أو منهجها، حتى طالت ضرباتها العشوائية الأطفال والنساء وكبار السن ومن كافة الجنسيات والديانات، يقومون بكل ذلك في بلد، دستوره القرآن، لكنه التطرف، فمن زرع التطرف بيننا؟ لنفتح الملفات الآن.. ولنتحدث بصوت عال عن أسباب هذه الآفة التي تقلقنا لكنها لن تخيفنا أو تشلنا عن التفكير والعمل الجاد لتجاوزها!
2- السهم المنطفىء!
تجربتي مع الأسهم تمتد إلى أكثر من عشرين عاماً وهي مدة طويلة، تجعلني ادلي بخبراتي في هذا المجال، دون ان يتصدى لي أحد الخبراء الجدد، فقد ظللت طوال تلك المدة اتعهد بالرعاية والاهتمام اربعة اسهم آلت إلي من أحد المصانع، وقد اصبحت هذه الأسهم الآن (بفضل الله ومنته) خمسة عشر سهماً، وصلت قيمتها في آخر ارتفاع للمؤشر إلى سبعة آلاف ريال، تزيد قليلاً أو تنقص قليلاً، لكنها عموماً ما تزال بصحة جيدة، وقادرة مع الزمن، على المزيد من الانشطارات أو التجزيئات، التي ستجعلها تصل سقف الثلاثين سهماً في بحر الربع قرن القادم، لاحتفل بعيدها الذهبي اذا كان في العمر بقية.. ولا تقولوا لي هل هذه اسهم ام نخل؟!.
هذه السيرة المباركة لاسهمي، جعلت بعض الاصدقاء يحثونني لفتح محفظة، وتزويدها بأنواع متعددة من الاسهم، حتى لا تشعر الاسهم الموجودة لدي بالوحشة، وقد سمعت كلامهم ووضعت محفظه وبجانبها بعض المال، وبعد ذلك خضعت لاستشارات متعددة ودورة مراقبة لاحدى صالات الاسهم، حتى اكون مؤهلاً لدخول السوق والعوم فيه بثقة وحرية.. لكن اليوم الاول لي كان كافياً فقد كانت صالة الاسهم معجوقة بالناس والدخان والقهوة والشاي وست شاشات صغيرة وكبيرة وآلات حاسبة وموظفين يقبعان لتسجيل النجاحات والخيبات معاً، وكان هناك العديد من الأشخاص، الذين يدخلون ويخرجون كالمجانين، وبين يدي كل واحد منهم جوال ينقل من خلاله لاصدقائه أو رؤسائه ما يدور على الشاشة من حركات الاسهم الطائشة التي لا تعرف أحياناً مصلحتها، مثل ذلك المشهد جعلني اخرج من الصالة ومن البنك إلى مكتبي لتأتيني اصوات اساتذتي بعضها مخطوف وبعضها محبط، لكن الجميع اتفقوا على انني مضارب مشؤوم، فمجرد دخولي الصالة قلبها رأساً على عقب، وقد قلت لهم لابد أن أسهمي المسكينة احست بالخطر، من دخول اسهم جديدة عليها.. وهذه لغتها!
وياريت كل واحد منا يتفرغ لتربية ما لديه من الابناء أو الاسهم.. لا فرق!!
فاكس 014533173 |