لدى السائقين مشكلة عندما يسيرون في الخطوط الطويلة ويقفون أمام هذه المشكلة حيارى، تارة تتجاذبهم دوافع الإنسانية فتجعلهم يندفعون مغامرين لا يفكرون إلا بالإرادة القوية التي تريد مد يد العون إلى مسبب المشكلة. وهذه المشكلة التي أريد أن أتحدث عنها هي مشكلة أصحاب الحوادث الذين يصابون بسبب حادث صدم أو حادث (انقلاب) فكثيرا ما يحدث الحادث ويمر المارة من عند الحادث وكل منهم يهز رأسه متأسفاً ومترحماً على من قضى نحبه قائلاً: (لا حول ولا قوة إلا بالله) ثم يواصل سيره ويعود إلى سرعته الأولى بعد ان هدأ سيارته قليلاً ثم يستمر كأن شيئاً لم يحدث ولكن تتصارع في رأسه تأنيبات الضمير والخوف من العدالة بأن يقع هو بين فكي الكماشة وهو بريء. فبعضهم تتغلب عليه تأنيبات الضمير وتتغلب عليه الرحمة والشفقة فيحاول ان يساعد المصاب.
لكن البعض الآخر يتملك عليه الخوف ويترك الحادث وان كان أصحابه في أشد الحاجة إلى المساعدة ويردد على لسانه كلمات التورط حتى تسود شعوره وتقسي قلبه. ومع الأسف ان الكثير من السائقين من هذا النوع والواقع أنهم معذورون لأن الخوف من الوقوع في يد العدالة - وخصوصاً! إذا لم يوجد في الحادث من يقول ببراءتهم - قد تجسم لديهم وأصبح مد يد العون وحشاً ضارياً وشبحاً مخيفاً قد تربص بهم يريد ان يأخذهم وهم أبرياء.
والواقع يجب علينا لكي نزيل هذه المخاوف وهذه التخيلات أن نضيء لهم جميع الجوانب ونصدر إشعاعات نيرة من جميع مرافق التوعية: من صحافة وإذاعة وتلفزيون لتضيء الجوانب المظلمة عندهم من رحمة وشفقة وعطف وحنان وحب ورغبة في تمكين أواصر الأخوة الإسلامية ولعل في التلفزيون البرنامج الرائع الذي يخدم جميع الطبقات ويسد ثغرات المجتمع ويحاول تمكين أواصر الود والتقارب بين العاملين وبين أفراد المجتمع ذلك البرنامج (العيون الساهرة) الذي إذا وضع فيه هذا الجانب سوف يبين للناس أن مد يد العون للمصاب وإغاثة المحتاج هو أمر واجب بين الناس وخصوصاً بين السائقين وان الإحجام عن هذا الجانب قد يؤدي إلى تيتيم عوائل وأطفال هم في أشد الحاجة إلى من يعولهم. ويبين لهم ان البراءة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار مهماً لابس موقعها من ظروف وإشكالات.
العنيزي |