وأنا أتابع التفاعل الرسمي والشعبي مع الحالة الصحية لأمير الخير والإنسانية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام وما أبرزه هذا التفاعل من محبة وتقدير لهذا الفارس الكريم قفز إلى مخيلتي قول الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه: {الرَّحْمَنُ {1} عَلَّمَ الْقُرْآنَ {2} خَلَقَ الْإِنسَانَ {3} عَلَّمَهُ الْبَيَانَ {4} الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ {5} وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ {6} وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ {7} أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ {8} وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ {9} وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ {10} فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ {11} وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ {12} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}(الرحمن 1-13) صدق الله العظيم.
هذه شرعة الله، وهذه تعاليمه سبحانه جعلت خير البشرية الميزان في كل شيء، فسبحان المبدع الخالق الذي ورثنا الأمانة، وجعلنا خلائف، {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (14) سورة يونس، وقد بين عز وجل معنى الخلافة بقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (11) سورة البقرة، ألم يأمرنا الله ونحن أمة الإسلام وفي أمر عام يعود بالخير على كل الناس، وتعود أضراره على كل الناس أن نكون خلائف ولنا حسن الجزاء في الدنيا والآخرة؟، وبهذا الأمر الرباني تصبح مسألة المشاركة في الجهد والعمل والاهتمام كأداء فريضة من فروض الطاعة، وضرورة ما بعدها ضرورة، فكلنا في ذلك سواء، وفي أمر عام كهذا نصبح كلنا رعاة وكلنا مسؤولون (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
ومن هذا الفهم الواعي والحصيف انطلقت مسيرة الخير من المملكة العربية السعودية تنادي: حي على العمل فقد آن وقت العمل، وأن نتخذ من تعاليم الله سبحانه سراجا نهتدي بهداه، ومن أسبق من رعاة الخير لحمل مشاعل الخير؟ رجالات المملكة تنادوا ونادوا على الأمة كي تقوم من غفلة السبات تستنهض الهمم فالأمر يستعدي كل الجهود، وأقل الجهود فالخطر داهم وصلاح البيئة هو المعيار لجدارة انتماء الشعوب إلى دينهم وأوطانهم ومجتمعهم، {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} سورة الواقعة.
وهنا يدرك أولوا الألباب المعنى والجوهر في أن يتوج صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام ورئيس اللجنة الوزارية للبيئة ورئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بمنحه جائزة السلامة والبيئة في شهر شوال الماضي، فذلك اعتراف يشهد له ويضاف إلى كريم صفاته وخير عطاءاته ونبيل اهتماماته لما يقوم به ويقدمه سلطان الخير إلى جانب ما يقدم من فعال خير، وإلى جانب مسؤوليات سموه الكثيرة والمتعددة فهو يقدم باسم المملكة وباسمه في مجال حماية البيئة أيضا كل اهتمام من منطلق إيمانه بالله سبحانه، وبضرورة المحافظة على بديع خلق الله، وتنفيذا لتعاليم الدين الحنيف، وفي المحافظة على سعادة الإنسان وحمايته من خلل التوازن في الطبيعة. وهي جهود كبيرة تبذلها المملكة لحماية البيئة والموارد الطبيعية، والمحافظة على التوازن الفطري، وذلك من خلال تطبيق أفضل قواعد التنمية التي يعود خيرها على العالم أجمع ويتيح للأجيال فرصا أفضل لحياة افضل تحت مظلة الأمان والسلام.
واختيار الأمير سلطان بن عبدالعزيز لهذه الجائزة، واحدا من عشر شخصيات على امتداد مساحة العالم يحملون مسؤولية الحفاظ على البيئة في كوكب الأرض هي شهادة تقدير من العالم لسموه تثمينا لجليل أعماله كرجل عالمي للسلام والخير والإنسانية، ولا غرابة في ذلك وسموه يحمل في وجدانه قضية أمته وشعبه، وقضية الإنسان أينما كان وأينما وجد، فإن الدماء الطاهرة النقية التي تجري في عروقه هي دماء أسرة مالكة كريمة منذ تنكب جلالة المغفور له صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مسؤولية الحكم، ومن بعده أبناؤه الأمناء على حمل الأمانة ومواصلة السير في دروب الخير وصولا إلى مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله، يعاضده ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله، والنائب الثاني أمير الخير وفارس الإنسانية النبيل سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله.
لم يعد من مجال للشك في أن أحوال البيئة وبسبب عوامل كثيرة بعضها فرضته عجلة التقدم والحداثة بما فيها من مصانع واندثار مساحات خضراء، والتكاثر الطبيعي في عدد السكان، واستخفاف بعض الدول والأفراد في هذه المسألة والحروب الطاحنة، والأسلحة الفتاكة بأنواعها الجرثومية والنووية والبيولوجية والكيميائية، يقود كوكب الأرض إلى مصير مجهول أقل ما يقال فيه هو الفناء البطيء، ومن هذا الإدراك لخطورة المسألة، ومن هذه النظرة الاستشرافية الواعية حرصت المملكة العربية السعودية قادة وحكومة وشعبا وكانت السباقة بين دول العالم إلا الاهتمام بسلامة البيئة، والعمل الدؤوب على معالجة ما يهددها من مشكلات، بل جعلتها في أول سلم اهتماماتها، وسعت إلى تنظيم برامج تسعى إلى عودة البيئة في المملكة إلى التوازن والاستقرار الذي كانت عليه، وهذا بذاته يسهم في تسارع عجلة التطور، وفي التخلص أو في الحد من تراكم مشاكل كثيرة.
هي دعوة مفتوحة، لا تقتصر واجباتها ومسؤولياتها على الدولة بأجهزتها المختلفة فقط بل يجب أن تتضافر كل الجهود من الدولة والمؤسسات والأفراد كل في مجال عمله واختصاصه كي نصل إلى الغاية المرجوة، فالخطر داهم، والكل مستهدفون، {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (24) سورة يونس.
لقد أوضح سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز في كلمة سامية جامعة شاملة في معرض النشاط الذي تم في ربوع جامعة الملك سعود عندما رعى سموه حفل افتتاح ندوة (نحو تربية بيئية أفضل) 21-12-1423هـ التي نظمتها كلية التربية بالجامعة (إن كل قطاع من قطاعات الدولة يقوم بعمله الذي أسند إليه على قدر الطاقة، ولكن تبقى الحاجة الماسة إلى تحقيق أمرين لدفع عجلة العمل البيئي أن تدور بالسرعة الكافية لملاحقة التدهور الحادث في المواطن الطبيعية والموارد البيئية وإيقافه، وتصحيح المسار إلى الطريق السليم، طريق المحافظة على الموارد الطبيعية والموارد البيئية، وطريق تطبيق سياسة التنمية الاقتصادية بيئيا).
ولتطبيق ذلك يجب تكاتف كل الطاقات البشرية من عاملين في مجال الإعلام والتعليم البيئي والتوعية البيئية ومن العاملين في الوزارات، والعاملين بوسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وطلاب وأساتذة الجامعات السعودية، وفي مختلف كليات الشباب والبنات، وفي مدارس التعليم العام بجميع مراحلها للبنين والبنات، وفي الجهات الحكومية العاملة في مجال حماية البيئة والمحافظة على الموارد البيئية والطبيعية والحياة الفطرية، وفي إثارة الوعي العام، وباختصار أن تتفاعل وتسهم كل قوى الشعب العاملة والأفراد والسيدات والبيوت والمرافق والمزارع والقطاع الصناعي، وهنا من الأهمية بمكان أن نستذكر دور مراكز البحوث الوطنية التي لا يمكن أن يستغني عن دورها بين البحوث والنتائج والتطبيق العملي المدروس، وتوجيه العمل الوطني الوجهة الصحيحة والفاعلة كي تؤتي الجهود الثمار المرجوة، وفي تلاحم جهود الجميع نستطيع أن نكون مؤهلين لتحقيق فعل على الأرض بالمحافظة على البيئة ما دمنا نملك الوسائل الدينية والعلمية والتعليمية والأخلاقية، وهذا يبرز شخصية ومسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع.
وهذا الأمر يستدعي أيضا الحاجة الماسة إلى التنسيق الكامل والملزم لتضافر جهود جميع الجهات والفعاليات الرسمية والأهلية في مجال المحافظة على البيئة والمحافظة على نعم الخالق من موارد طبيعية، وبتكامل هذه الجهود بعضها من بعض نحقق ما نصبو إليه، نكون في رضا الله سبحانه ثم رضا المجتمع ورضا الذات، فالله سبحانه هو خالق كل شيء، بإعجاز بالغ في الدقة، والتوازن، والتوافق، والأرض وما عليها وما في باطنها وفضائها مسخرة لحياة الناس وهي الحامل والمتفاعل والمتجدد بفعل البيئة، والله جل وعلا هو الخالق لعناصر هذه البيئة، ومن هذا الأساس الديني والأخلاقي، ومن أول واجبات الطاعة أن نلتفت جميعا ونتعاون حكومة وشعبا في الانصهار للتخلص من الخطر الداهم، ونكون فعلا لا قولا شركاء في حمايتها، وتنميتها، وهذا امتثال لتعليمات الدين الإسلامي الحنيف، وهو واجب وطني.
لقد رسم لنا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله معالم الطريق، ووضع أسس الانطلاقة برعايته ومتابعته واهتمامه، وأوضح الخط العام الذي يجب على الجميع اتباعه، ومن أبسط قواعد الوفاء والعرفان أن نلتزم بالطاعة لخيرنا أولا ولخير الوطن والعالم والإنسانية، ونسأل الله أن يلهم الجميع سبل الرشاد والسداد، وأن يوفق أولياء أمورنا لما فيه خير الجميع، ونسأله سبحانه أن يجزي أهل الخير خير الجزاء وعلى قمة الهرم الشامخ مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وسمو سيدي ولي العهد الأمين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وسيدي أمير العطاء والخير سلطان بن عبدالعزيز وسمو الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، وكافة ولاة أمرنا {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (105) سورة التوبة، كما أسأل رحمن السماوات والأرض ورحيمهما أن يديم عليك يا سلطان البهاء صحتك وعافيتك، وأن يجزل لك الأجر والمثوبة وأن يطيل الله في عمرك وأن يبقيك ذخرا لنا وسندا، وهنيئا لك يا سيدي سلطان ما يشاد لك بإذن الله من منازل في القلوب تبشرك بقصور في الجنان، وبهذه المناسبة السعيدة أبعث التهاني إلى مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وإلى الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الأصيل بشفاء أمير الإنسانية سلطان بن عبدالعزيز ولله الشكر في الأولى والآخرة فهو المنعم على عباده والهادي إلى سواء السبيل.
الرياض - فاكس: 014803452
|