وردتني مؤخراً رسالة من أحد موظفي البنك الزراعي يشرح فيها وضع العاملين في البنك ومعاناتهم من عدم توفر الوظائف الكافية للترقية وسأورد هذه الرسالة كما وردت:
الأستاذ عمرو بن عبدالعزيز الماضي..
يحتفل البنك الزراعي العربي السعودي هذا العام بمناسبتين مهمتين:
الأولى: إكماله أربعين عاماً من مسيرة التنمية والعطاء حيث سبق وأن صدر الأمر الملكي رقم 85 وتاريخ 3-12-1382هـ بالموافقة على تأسيس البنك الزراعي العربي السعودي كأقدم مؤسسة مالية حكومية تمويلية وباشر البنك نشاطه التمويلي في العام 1384هـ.
الثانية: هي انتقال المقر الرئيس للبنك إلى مبناه الجديد الواقع على طريق المعذر شرق وزارتي الداخلية والشؤون البلدية والقروية والذي يعتبر تحفة معمارية جديدة ولدت في عاصمتنا الغالية.
ولا يختلف اثنان على أن البنك الزراعي التابع لوزارة المالية كان وما يزال له الدور الأبرز والمهم في النهضة الزراعية في المملكة بفضل الدعم المستمر من ولاة الأمر -حفظهم الله- وذلك بتقديم القروض التمويلية بدون فوائد للمزارعين ومستثمري القطاع الزراعي وصرف إعانات عوامل الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني مما ساعد على انتشار الرقعة الزراعية في مناطق المملكة المختلفة وإحداث نقلة نوعية وكمية في القطاعات الزراعية المختلفة، هذا فضلاً عن مساعدته على توطين البادية في المناطق، وتحسين مستوى مداخيل قطاع كبير من المزارعين والصيادين ومستثمري القطاع الزراعي، والبنك هو مؤسسة مالية ضخمة متخصصة بتمويل مختلف مجالات النشاط الزراعي حيث بلغ ما تم صرفه من قروض وإعانات منذ تأسيس البنك ما يزيد عن 45 ألف مليون ريال مما أدى إلى تمكين القطاع الزراعي من أن يساهم بفاعلية في دعم الاقتصاد الوطني بما نسبته 11% وبنسبة نمو سنوي قدرها 8%.
وبجانب هذا الوجه المشرق للبنك إلا أن هناك وجهاً آخر مغايراً هو ما يخص وضع القوة البشرية العاملة بالبنك، وهي فئة الموظفين الذين وقفوا وساهموا بجهودهم الجبارة خلف إنجازات البنك العظيمة بمختلف تخصصاتهم من مهندسين وباحثين زراعيين ومحاسبين وغيرهم من أصحاب الاختصاص، حيث أصبح التجمد الوظيفي مشكلة المشاكل لمنسوبي البنك وعنواناً بارزاً لموظفيه، الأمر الذي أدى إلى أن معظم موظفي البنك وخاصة الباحثين والمحاسبين لا يحصلون ترقياتهم التي أجازها نظام الخدمة المدنية كل 4 سنوات إلى كل 12 إلى 15 سنة بل إن هناك من وصل تجمده بمرتبته إلى 20 عاماً دون ترقية بسبب عدم وجود وظائف شاغرة فضلاً عن أن أغلب منسوبي البنك قد توقف بهم سلم الرواتب نتيجة لذلك.
ويرجع سبب التجميد الوظيفي في البنك إلى قيام وزارة المالية التابع لها البنك بسحب عدد كبير من وظائف البنك في وقت سابق يقدر عددها بأكثر من 500 وظيفة بما نسبته 25% من وظائف البنك الأمر الذي أوقع منسوبي البنك تحت مظلة التجمد الوظيفي منذ أكثر من 15 عاماً، وعلى الرغم من الدورات التدريبية التي يحرص موظفو البنك على المشاركة فيها وخاصة التي تعقد بمعهد الإدارة العامة ومراكز التدريب الزراعي رغبة في الحصول على ترقية خلال العمر الوظيفي للموظف فإن الحصول على ترقية يستغرق وقتاً طويلاً حتى أن من تجمعنا بهم هذه الدورات التدريبية من موظفي الأجهزة الحكومية الأخرى ترتسم على وجوههم علامات الاستغراب والدهشة عندما يعلمون أن موظف البنك له 15 عاماً وأكثر في مرتبته دون ترقية الأمر الذي يدفعهم للقول (وش اللي مجلسكم في البنك إلى الآن؟) في الوقت الذي يتضجر فيه زملاؤنا بالوزارة الأم عند مرور أربع سنوات ونصف أو خمس دون حصولهم على ترقية فما هي حال من أمضى قرابة عقدين من عمره الوظيفي لم يحصل خلالها إلا على ترقية واحدة، فإذا كان المهندس والباحث الزراعي يعين وفق النظام بالمرتبة السابعة فإنه لا محالة سيتقاعد وهو في مرتبة صغيرة، بل إن بعضاً من الزملاء ممن يتعينون بالمرتبة السابعة وبمرور أكثر من 20 سنة في الخدمة لازال بنفس المرتبة فزملاؤنا في دوائر حكومية أخرى والذين باشرنا العمل معاً يسبقوننا بما لا يقل عن 4 مراتب وظيفية وهذه هي الحقيقة، هذا إذا علمنا أن هناك العديد من المهندسين والباحثين بالبنك ممن حصلوا على شهادات الماجستير لم يساعدهم ذلك بالحصول على ترقية.
وقد كشف حفل تكريم المتقاعدين الذي أقيم مؤخراً حجم المشكلة إذ اتضح أن كل المهندسين والباحثين الزراعيين تقاعدوا وهم لم يصلوا للمرتبة العاشرة بعد خدمة تمتد أكثر من 35 سنة بل وصلت المشكلة أن بعض موظفي البنك تقاعدوا ولم يحصلوا خلال فترة خدمتهم سوى على ترقية واحدة فقط في بعض فروع ومكاتب البنك المنسية.
لقد أصبح الحصول على ترقية في البنك الهم الأول لموظفيه والشغل الشاغل لمنسوبيه ومعاناة أخذت صفة الديمومة وأصبح البحث عن نقل أو إعارة خارج البنك أهم ما يسعى إليه موظف البنك حالياً، إذ دب اليأس والإحباط في نفوس موظفي البنك في مقره الرئيس أو فروعه ومكاتبه التي تزيد عن السبعين في كافة أنحاء المملكة، كان ومايزال هذا الوضع السيء الذي تعرض إليه موظفو البنك بسحب وظائفهم من قبل وزارة المالية له اثر سلبي كبير على مستوى الأداء والوضع النفسي للموظفين، وهو أمر طبيعي في ظل هذه الظروف الوظيفية التي أوقعتنا بها وزارة المالية وهي التي تسعى إلى توفير الأمن الوظيفي لموظفيها وموظفي الدولة من خلال توفير الوظائف للأجهزة الحكومية وبالتالي تحسين فرص الترقيات في ظل سياسة الدولة العامة إلا أنها لم تعالج الخطأ الذي أوقعته على موظفي البنك الزراعي وهو أحد أجهزتها مما أدى إلى تحوله إلى معضلة كبرى وتمضي السنون ولسان حالنا يردد قول الشاعر:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
ومما يزيد الطين بلة أن مجلس إدارة البنك، وإدارة البنك وللأسف الشديد لم تبذل أي جهد يذكر لتحسين الوضع، ويصارع موظفو البنك بمختلف مسميات وظائفهم للخروج من التجميد الوظيفي الذي لا ذنب لهم فيه إلا بسبب أنهم في البنك الزراعي رغم أنهم أكثر الموظفين قرباً لعملهم في تخصصات دراساتهم الجامعية.
ونوجه نداءنا إلى معالي وزير المالية وبحكم إشرافه المباشر على أعمال البنك التدخل من خلال دعم ميزانية البنك بوظائف سبق للوزارة أن سحبتها والتي يفوق عددها أكثر من 500 وظيفة ومساواتنا مع زملائنا سواء بالوزارة أو في أجهزة الدولة الأخرى ليواصل البنك الذي يحتفل بمرور 42 عاماً على إنشائه كأحد دعامات الاقتصاد الوطني وليواصل أداء رسالته السامية بدعم القطاع الزراعي السعودي، ونرجو من سعادتكم الإيماء إلى معاناتنا في زاويتكم المقروءة في صحيفة الجزيرة (القوى العاملة)، وأن تساعدونا بإيصال صوتنا إلى الوزير د.إبراهيم بن عبدالعزيز العساف.
وجزاكم الله كل خير...
|