** عندما نقل أحد رجال الشرطة المصابين في أحداث الخبر إلى المستشفى واستدعت حالته التنويم والعلاج، كان طلبه الوحيد أن يجري له الأطباء اسعافات سريعة، ثم يتركوه يلحق بإخوانه لمواجهة الإرهابيين (تصريح مدير المستشفى أثناء زيارة سموّ أمير المنطقة الشرقية للمصابين).
** شوهد عدد من سكان منطقة الحزام الذهبي في الخبر يخرجون بأسلحتهم الرشاشة لمواجهة الإرهابيين (صحيفة الوطن 11-4-1425هـ). فتحية إلى أبطال الشرطة الذين يواجهون الارهاب بكل عزم وتصميم، ولا تثنيهم جراحهم من سهامه الحاقدة الغادرة عن مواصلة اقتحام أوكاره ومواجهة عصاباته للقضاء على شأفته، وتحية لكل مواطن خرج شاهراً سلاحه في وجه أعداء الحياة.. ولكن هل يكفي أن نترك أمر المواجهة لقوات الأمن ولنفر (قليل) منا؟ لا أعتقد ذلك؛ فالأمة كلها مستهدفة في عقيدتها وأمنها واقتصادها، والأمة كلها لابد أن تواجه، والصامتون كالفاعلين، كما نبه مراراً سموّ ولي العهد، فدعا عموم المواطنين - في مختلف مواقعهم - للمساهمة في مواجهة الأفكار المتطرفة وأعمال العنف والإرهاب.
وكعادته في المبادرة والاستباق إلى الأعمال الوطنية لبَّى سموّ الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز دعوة ولاة الأمر بالإعلان عن رصده مليون ريال (لمسابقة أبها الوطنية) في مجالات: البحث حول التطرف والعنف والإرهاب، قصيدة وطنية فصيحة، وأخرى شعبية، لوحة تشكيلية، صورة فوتوغرافية، رسم كاريكاتوري، وأغنية وطنية.. وطبقاً لضوابط من أهمها: أن يتناول العمل المُقدَّم للمسابقة الموضوعات التي تُذكي الروح الوطنية، وتُعزز الوحدة التي قام عليها هذا الكيان، وتُعلي من شأن الارتباط بالوطن انتماء وولاء، وأن يُقدِّم العمل رؤية موضوعية وإبداعية في الأحداث التي يتعرض لها الوطن الآن، كما أن المسابقة - رغبة في توسيع دائرة المشاركة - منحت الجمهور 50% من درجة تقييم الأعمال.
والأمير الذي يهرع لمواجهة الإرهاب بالسلاح وبالروح في قصيدته الشهيرة التي نشرتها الوطن قبل أسابيع ومطلعها:
يا سيدي جيناك بنطع وجاعد
بسلاحنا في كف والروح في كف
هو نفسه من يعرف للفكر دوره الهام في محاربة الارهاب، ولا يَدَع مناسبة إلا ونبه إلى ذلك - منذ أمد بعيد، ومؤخراً وأثناء رعاية سموّه حفل جائزة أبها للتعليم العام يعلن أن (الفكر المنحرف يريد أن يوقف مسيرة هذه البلاد ويريد أن يفتت وحدتها، وأن يشل سواعد أبنائها.. وان كل من في هذه البلاد سوف يقف صفاً واحداً لإعلاء كلمة الله ثم لنهضة هذه البلاد)، ثم ينثني ليعري حجج الداعين إلى الأممية وطمس الوطنية وإلغاء الهوية فيقول: (لا خير فينا إن تنكرنا لهويتنا ولا خير فينا إن خذلنا من أسس هذا الكيان - على شرع الله - ولا خير فينا إن تركنا من اعتمدوا على الله ثم علينا في هذا الوطن السعودي)، ثم يُوجِّه حديثه للقائمين على شؤون التعليم (عليكم مسؤولية كبيرة وأنتم، إن شاء الله، في مكان الكفاءة والقدرة بأن تؤدوا الأمانة، وأن تنهضوا بابن هذه البلاد إلى المستوى اللائق، حافظوا على ابنائنا واهدوهم إلى سبيل الرشاد والطرق المثلى في التعليم وطلب العلم والبحث والابتكار والابداع، ولا تجعلوا عقولهم مستودعات للتلقين فقط، وإنما اجعلوا من هذه العقول شعلة ثقافية، شعلة وطنية، شعلة إسلامية تسير بهذه الأمة من هذا الموقع الحسن إلى الموقع الأحسن في العالم إن شاء الله).
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده سموّه الثلاثاء الماضي حول مسابقة أبها الوطنية، يعيد المواجهة مع دعوة الأممية التي يتبناها نفر إذا سألت أحدهم قال (جنسيتي مسلم والعالم وطني)، ويدحض حجج هؤلاء مجدداً بأن (الرسول صلى الله عليه وسلم افتخر بأنه عربي وأنه من بني هاشم، وأسف على مكة حين أخرجوه منها، وقد كرمنا الله سبحانه وتعالى بأن جعل نبي الإسلام عربياً، وآخر كتبه السماوية عربياً، ولغة أهل الجنة عربية، فكيف نتنكر لجنسنا وأصلنا، وإذا لم يعتز الإنسان - المسلم - بأسرته وقبيلته ووطنه وأمته فبماذا يعتز)؟
إذن.. لابد أن يهبَّ المجتمع هبَّةَ رجل واحد في وجه هذه الشرذمة بالسلاح من جانب، وبالفكر على الجانب الآخر، ولن تجف منابع الإرهاب ما لم يتواصل كل مواطن مع الأجهزة المعنية عند ملاحظته ما يريب، وما لم تراقب الأسرة ابناءها، والمدارس والجامعات طلابها، والمساجد روادها لاجهاض عمليات غسل الأدمغة التي يتعرض لها ابناؤنا من قبل أرباب الفكر المنحرف، وما لم تعلن النخب الفكرية والثقافية والإبداعية - عن بكرة أبيها - رؤاها وأطروحاتها في هذا الصدد، وسوف يجد هؤلاء جميعا الفرصة سانحة في (مسابقة أبها الوطنية) سواء المشاركون بالأعمال أو بالرأي.. وبقدر الاحتشاد حول هذه المسابقة بقدر ما يستبين رفض المجتمع للمشروع الارهابي.
|