**حررها - عبدالكريم علي الفايز - الرياض:
ابني وحبيبي.. وولدي العزيز..
اليوم وأنا أعاني منك ما أعاني.. وألاقي منك ما ألاقي.. وأذوق العذاب مرات ومرات من فعل يديك.. ويتمزق فؤادي مع كل كلمة لوم توجهها إليّ.. وأبكي.. أبكي الليل والنهار عندما أتذكر الآلام التي انتابتني أيام ولادتك.. والليالي الطويلة التي سهرتها لراحتك.. ودموعي التي ذرفتها لمرضك ومع هذا فما زلت متكبراً.. وعلى من؟.. على أمك!.. وكأنك لا تعلم ما قاله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا 23-24 } سورة الإسراء .
ابني الحاقد عليّ..
لا أريد ان أسرد لك ما قمت به من أجلك.. لأنني ان فعلت أمنّ عليك.. وحاشا ان أفعل هذا.. وما قمت به.. إنما هو واجب يمليه عليّ قلبي الذي يتألم لآلامك.. وحنان الأمومة التي لا أستطيع ان اتنصل منها وأتهرب وأضرب بها عرض الحائط.. ان فؤادي لايتحمل القساوة والضراوة يا ولدي.
ولدي..ألا تعلم ان زين العابدين كان من أبر الناس بأمه.. حتى قيل له.. إنك أبر الناس بأمك ولا تراك تأكل معها في صفحة واحدة.. فقال: أخاف ان تسبق يدي إلى ما تسبق إليه عيناها فأكون قد عققتها.وأنت الذي تسبق شتائمك وسفاهة الفاظك.. كلمات الطاعة والاجلال.. وتجحد كل معروف قدّم إليك.. لا أطلب منك أن تقتدي به.. أو تجلّني.. أو تحترمني.. أو تقبّل يدي ورجلي.. أو تتفضل عليّ بدريهمات.. لا.. وألف لا.. وإنما أريد منك ان تعلم أنه مهما تكبدت من مشاق وعناء في خدمة أمك فإن حقها عليك فوق ذلك أضعافا مضاعفة، أنظر.. أنظر إلى الأطفال الصغار كيف تعتني بصحته وسعادته أمه.. حتى تعلم مقدار القساوة التي لاقتها المخلوقة المسكينة حتى جعلتك تبلغ مبلغ الرجال..
فهل بعد كل هذا.. توجّه إليّ كلمة لوم وعتاب.. ولعنة وشتيمة.. يا ولدي..؟! إنني لا أحب أن تموت وأنت هكذا.. لأنني أعرف ماذا ستلاقي جزاء للعصيان.. بالله عليك اتق الله.. وتب إليه.. وأطلبه المغفرة.. وثق ان الله غفور رحيم.. وسأطلب لك الحياة ما حييت وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
(أمك) |