Monday 31th May,200411568العددالأثنين 12 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

تعقيب.. حول قصيدتنا الفصحى تعقيب.. حول قصيدتنا الفصحى

حينما تتأبط أمتعتك الكتابية مرتحلاً بمفرداتك نحو (عزيزتي الجزيرة) فبالتأكيد لن تغرِّد وحيداً ولن تكتب لنفسك فقط.. حقيقة سعدت أيَّما سعادة للأصداء الطيبة التي أثارها مقال كتبته في فضاء هذه الصفحة المتوهجة حول هموم القصيدة الفصيحة ومعاناتها في ظل تهميش واضح.. تعيشه ابنة الخليل في هذا الزمن.. وقد سرّني موقف سماحة الشيخ صالح بن سعد اللحيدان عندما حمل صندوقي البريدي إهداء مبهجاً من سماحته تمثل في كتابه (النقد العلمي) مبدياً إعجابه بموقفي النقدي من القصيدة الفصيحة.. فشكراً له على هذه اللفتة وهذا التقدير..
كما أبهجتني مداخلة الأستاذ عبدالله بن سعد الغانم في صفحة عزيزتي الجزيرة (عدد 11561) مثمنا تلك الوقفة الصادقة التي أبداها إزاء القصيدة الفصحى.. التي جاءت كتسجيل لموقف نبيل أمام الشعر الأصيل.. بالرغم من أنني أختلف مع تفسيره لمضمون مقالي.. فأنا لم أطلق التهم جزافاً واصماً العصر بالتصحر الشعري وإنما أردت غياب التوهّج الإعلامي للشعر الفصيح وانطفاء بريق الحضور الشعري في وسائل الإعلام وذوبان صوت القافية تحت هدير الصخب الفضائي والضجيج الفني والتدفق الكبير لمفردات الشعر الشعبي المحفوفة بالملاحق والتغطيات لجلساته ورواده.. مما دفع القصيدة الفصيحة للانطواء واضطرها للانزواء.. وهنا تكمن المشكلة.. نعم هناك شعراء مبدعون في الشعر الفصيح وهناك جمهور متعطش ولكن تظل الدائرة الإعلامية ذات بوابة خانقة أمام القصيدة الفصيحة فلم يتح لها المجال كاملاً لتقدم نفسها بطريقة منصفة.. أنا لم أتهم هذه الجمانة المضيئة بالعجز والقصور، لكنني حاولت أن أمارس قراءة عابرة لملامحها الحزينة.. فأين الوفاء لهذه القصيدة التي ظلت تواكب أحداث الأمة منذ فجر الإسلام وتمتزج بهمومها.. طبعاً تظل القصيدة الفصيحة نهراً متدفقاً غير قابل للنضوب لأنها تسكن في ضمير الأمة وتسافر في أعماقها وتسجل أناتها وزفراتها، وتحكي تطلعاتها.. نعم سنظل أوفياء للشعر الفصيح.. نحتفي بدواوينه.. نعيش مع رموزه.. نمتزج بأمسياته.. بالرغم من موجة العقوق المجتمعي التي عزلت شرائح كثيرة من الناس عن معانقة أغصان الشعر الفصيح العابق برائحة الشموخ.. وما زلنا ننتظر من وسائل الإعلام ومؤسسات الفكر أن تعيد تشكيل خيوط التواصل مع شعرنا الأصيل.. على الأقل لصنع شيء من التوازن في ظل استبداد الثقافة الفنية والشعبية واحتوائها الموقف الإعلامي.
وشكراً لعزيزتي الجزيرة التي فتحت بوابة العبور لكل نزف كتابي صادق يقتنص لحظات الوفاء ويفتِّش عن ومضات تراثنا الأدبي الأصيل في زمنٍ عاقٍ تواجه فيه ثقافتنا حرباً ضروساً من قبل أعدائنا محاولة طمس هويتنا الثقافية ومسخ حضورنا المعرفي.. عذراً امنحوا القصيدة الفصيحة مفاتيح التوهُّج.

محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة- ص.ب: 915


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved